سلسلة من الانتقادات شنها قادة في حركة فتح على خبر عودة السلطة الفلسطينية إلى التنسيق الأمني وعقد جلسات مشتركة مع الإسرائيليين. الانتقادات جاءت بسبب عدم وفاء الرئيس محمود عبّاس بقراراته المتمثلة في قطع العلاقات الثنائية مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.
الغضب الفتحاوي المتزايد على السلطة الفلسطينية غذّاه تجاوزها قرار المجلس الثوري لحركة فتح، الذي ينص على "العودة إلى الكفاح المسلح ووقف التعاون مع الإسرائيليين"، وذلك رداً على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطته للسلام.
وعلى الرغم من أن حركة فتح هي نفسها التي تسيطر على السلطة الفلسطينية، إلاّ أنّ هناك فريقاً منها طالب بضرورة تفكيك أجهزة السلطة الفلسطينية وإنهاء عملها بشكلٍ كامل والعودة إلى أطر منظمة التحرير.
العودة إلى أطر منظمة التحرير
تؤمن النائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح نجاة أبو بكر بأنّ الحل الذي يمكن اعتماده لمواجهة خطة السلام الأميركية والوضع الفلسطيني الراهن، يتمثل في إنهاء السلطة الفلسطينية والعودة إلى أطر منظمة التحرير، وتشكيل قيادة موحدة في الخارج تقود المشروع السياسي الفلسطيني.
ويعتقد قادة فتحاويون، ممّن ينادون بضرورة إنهاء السلطة الفلسطينية، بأنّ الفريق الحالي غير قادر على اتخاذ موقف صارم من خطة ترمب للسلام، ولا يجيد فنون السياسية، ويتراجع عن قراراته بسهولة.
وتشير أبو بكر إلى أنّه لا يوجد فكر حقيقي مكتمل لدى السلطة الفلسطينية للتصدي لخطة السلام الأميركية، ولا توجد إرادة سياسية لدى حركَتَيْ حماس وفتح لتحقيق الوحدة الوطنية التي من خلالها يمكن إصدار موقف صارم يتصدى للخطة الجديدة.
خيار المقاومة الشعبية
وتوضح أبو بكر أنّه في حال إنهاء السلطة الفلسطينية، ستكون هناك سيناريوهات لتفعيل خيار المقاومة الشعبية، وهي مشروعة وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، وحق مكفول في القوانين الدولية، ويمكن من خلالها أنّ يتمّ تأخير تنفيذ خطة السلام، خصوصاً بند ضم أراضي المستوطنات المقامة في الضفة الغربية لإسرائيل.
ويصف قادة فتحاويون خطة ترمب للسلام بأنّها "وصفة جاء بها الأميركيون والإسرائيليون لإنهاء المشروع الوطني الفلسطيني"، وقد أُعلنت في وقت تشهد الساحة السياسية تراجعاً وتراخياً وعدم رضى عن السلطة الفلسطينية.
وتعتقد أبو بكر أنّ إنهاء عمل السلطة الفلسطينية يُعدُّ الحل الأمثل للتعامل مع خطة ترمب للسلام، وبعدها يجب تشكيل قيادة فلسطينية موحدة (من الفصائل بما فيها حركة حماس)، وتتبع بشكل مباشر إلى منظمة التحرير (معترف فيها كممثل شرعي للفلسطينيين)، وتتخذ من خارج الأراضي الفلسطينية مقراً لها، وبعدها تتولّى مهمة إصدار قرارات للفلسطينيين في الداخل، مبنيّة على مواجهة إسرائيل.
انفكاك أمني
تقول أبو بكر "نحن نريد خطوات عملية لتصليب الموقف الفلسطيني والشراكة بين الكل الوطني، من خلال انفكاك اقتصادي حقيقي عن إسرائيل، وتفعيل التبادل التجاري مع الدول العربية (الأردن ومصر)، ثمّ تعطيل أجهزة الأمن الفلسطينية لنضمن وقف التنسيق في هذا المجال".
والمطلوب، وفق أبو بكر، انفكاك أمني عن إسرائيل قبل الاقتصادي، حتى تصبح هناك جدوى من العمل في مواجهة خطة السلام الأميركية والمخططات الإسرائيلية، سواء في مناطق الأغوار أو في الضفة الغربية أو قطاع غزة.
العمل الدبلوماسي فاشل
وعن إمكانية الاعتماد على العمل الدبلوماسي في ما يتعلق بمواجهة تحديات ومخاطر خطة السلام الأميركية، تؤكد أبو بكر أن العمل الدبلوماسي فاشل، والدبلوماسية التي نحتاج إليها هي الوحدة الوطنية والاقتصاد المقاوم، وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير، وسفارات تستطيع التأثير في الدول المستضيفة، وسفراء حقيقيون يملكون قراراً وصوتاً وعلاقات فاعلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتلفت أبو بكر إلى أنّ كل معارك الفلسطينيين تُعدُّ كلامية ولم تُترجم مقاومة حقيقية في الميدان، كي تصل القضية الوطنية إلى المحافل الدولية بتأثير فعال. وتصف العمل الدبلوماسي بمجرد "إسعافات أولية فوضوية" لم تفضِ إلى أي نتيجة حقيقية.
حماس والجهاد مع التفكيك
أما القيادي الفتحاوي في التيار الإصلاحي لحركة فتح جودت أبو رمضان، فيعتقد أنّ تراجع السلطة الفلسطينية عن قراراتها المتمثلة في قطع العلاقات الثنائية، يُعدُّ أكبر خطر على القضية الوطنية، ويدفع إلى مزيد من تقديم التنازلات، ويتمثل الحل في تفكيك أجهزة السلطة وإنهاء عملها بشكل جذري.
ويرى أنّ إنهاء السلطة هو إنهاء فعلي لاتفاقية أوسلو 1993، وتنفيذ واقعي لرفض خطة السلام الأميركية، ودافع لتحميل إسرائيل مسؤولية الشعب الفلسطيني، كونها قوة احتلال، وفق قرارات الشرعية الدولية.
ويكشف أبو رمضان عن أنّ فكرة تفكيك أجهزة السلطة مطروحة لدى الرئيس عبّاس، لكن ذلك القرار يحتاج إلى شجاعة وقوة في اتخاذه، وبعدها تنفيذ فعلي على أرض الواقع.
من جهة أخرى، فإنّ حركتي حماس والجهاد الإسلامي ضمتا صوتيهما إلى قيادات حركة فتح التي تطالب بإنهاء عمل السلطة الفلسطينية وتفكيكها بشكلٍ كامل. ويقول الناطق باسم حماس حازم قاسم إنّ أهم قرار يمكن اتخاذه لصالح فلسطين هو إنهاء السلطة الوطنية. وهذا يعني وقفاً حقيقياً للتنسيق الأمني.
رد فتح
في المقابل، يؤمن مسؤول العلاقات الدولية في حركة فتح عبد الله عبد الله أنّ فكرة تفكيك السلطة الفلسطينية خطر على القضية الفلسطينية، ويفتح مجالاً لإسرائيل لتنفيذ رغباتها في تطبيق خطة ترمب للسلام.
وينطلق عبد الله في موقفه من أن فكرة السلطة الفلسطينية هي حماية حقوق الشعب الفلسطيني، وتمثيل القضية في المحافل الدولية وأمام هيئة الامم المتحدة ومن دونها لا يمكن تمثيل فلسطين وينتهي حلم إقامة الدولة.