مع بدء العد التنازلي ليوم الانتخابات الإسرائيلية، الاثنين المقبل، وعدم ظهور مؤشرات إلى إمكانية حسم المعركة بأكثرية تتيح لأي متنافس تشكيل حكومة، صعّد بنيامين نتنياهو من حدة معركته تجاه منافسه الأقوى، بيني غانتس رئيس حزب "أزرق - أبيض"، ولجأ إلى اتجاهات عدّة، بينها استئجار شركة للتجسس على قياديي ونشطاء "أزرق - أبيض"، التي يثير كشفها نقاشاً إسرائيلياً واسعاً.
كما يسعى نتنياهو إلى التقارب مع الشرائح التي تتعرّض للغبن والتمييز في المجتمع اليهودي، وأبرز مَنْ اختارهم الإثيوبيون، فقرر إحضار 43 منهم كلاجئين إلى إسرائيل، ومنحهم امتيازات كثيرة.
أمّا المحاولة الثالثة له، التي تعدّ الأكثر ضمانة لتشكيل أكثرية تساعده على تشكيل حكومة، إقناع اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، رئيس حزب "عوتسما يهوديت"، بالانسحاب من الانتخابات، وإعلانه الدعم له، لكن بن غفير وضع ستة شروط، قد يكون من الصعب على نتنياهو التجاوب معها.
الفلاشا في اللعبة الانتخابية
وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة لليهود الإثيوبيين، أو كما يطلق عليهم "الفلاشا"، والتظاهرات الصاخبة التي شهدتها إسرائيل السنة الماضية، جرّاء سياسة التمييز التي تمارسها حكومة نتنياهو بحقهم، فإنّ رئيس الحكومة المنتهية ولايته وجد بهم عنواناً لكسب مزيدٍ من الأصوات، التي يحتاج إليها لمساعدته في حسم المعركة بأكثرية له.
فاتخذت حكومته قراراً بجلب 400 من يهود الفلاشا، لدى معظمهم أقارب في إسرائيل، خلافاً لموقف المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، الذي أوضح أنه يحظر على الحكومة اتخاذ مثل هذه القرار بهذه الفترة، واختار قدوم أول فوج قبل أسبوع من الانتخابات، فأحضر 43 مهاجراً لهم عائلات هنا، ليظهر نتنياهو أمام أقاربهم منقذاً لهم ولمستقبلهم، وقرر استيعابهم في مركز خاص بالمهجرين، وقدّم لهم امتيازات خاصة.
هذه القرارات تشكل تجاوزاً من قِبل نتنياهو، إذ أوضح المستشار القضائي للحكومة، أنه يخشى من أن قرار الحكومة لاستقدام الفلاشا، يأتي لدوافع سياسية، وتحفيز اليهود من أصول إثيوبية للتصويت لحزب الليكود في انتخابات الكنيست، مؤكداً أن القرار لم يكن نتاجاً لعمل طاقم مهني، بل اُتخذ بشكل متسرع في فترة الانتخابات.
ورافق قرار نتنياهو انتقادات واسعة، وحذّرت مديرية السكان والهجرة من أن العملية تتطلب مراجعة أهلية واستحقاق الهجرة إلى إسرائيل مع ضرورة اتخاذ إجراءات طبية، بحيث إن الأمر ربما يستغرق عدة أشهر.
ويقف على رأس حملة نتنياهو وزير الهجرة يوآف غالانت، والمرشح في حزب الليكود لانتخابات الكنيست غادي يبركان، وهو من طائفة الفلاشا، وعضو الكنيست السابق أبراهام نغوسه.
وحسب آخر معطيات نشرتها الشرطة الإسرائيلية، تبين أن نسبة اليهود الإثيوبيين، الذين يعانون العنصرية تجاوزت 65 في المئة، كما أشير في أكثر من تقرير لمراقب الدولة في إسرائيل إلى الإهمال الكبير من قِبل المؤسسات الرسمية في دمج الإثيوبيين في مؤسسات الدولة، خصوصاً الجيش ومؤسسات التعليم، وعدم التركيز على مشكلاتهم، وأنّ أوضاع أبناء الطائفة تشعل الضوء الأحمر.
وورد في أحد التقارير "على الرغم من أنّ أبناء الطائفة الإثيوبية يتجنّدون للجيش أكثر من المتوسط العام (86 في المئة مقابل 75 في المئة) فإنهم يتعرّضون للاعتقال الانضباطي أكثر من المتوسط، وعلى الرغم من أنهم يلتحقون بالجامعات أكثر من غيرهم فإنّ نسبة الخريجين منهم أقل من المتوسط (41.1 في المئة مقابل 54.4 في المئة)، بسبب ترك مقاعد الدراسة أو التسيب بسبب عدم إيجاد برامج مُشجعة، وشعور الطلبة من أصل إثيوبي بالدونية أمام أقرانهم من أصول أخرى، إضافة إلى شعورهم باحتمالية عدم تشغيلهم بسبب لون بشرتهم، ولأسباب اقتصادية واجتماعية أخرى".
شركة استخبارات للتجسس على غانتس
في محاولة أخرى من نتنياهو لتوجيه ضربة إلى منافسه الأقوى بيني غانتس، أدخل حزب الليكود برئاسته قواعد اللعبة الانتخابية في مسارات تتجاوز الخطوط الحمراء، كما اعتبرها البعض، فاستأجر خدمات شركة الاستخبارات التجارية الخاصة المعروفة باسم، CGI Grou لجمع معلومات حول رئيس حزب "أزرق - أبيض"، بيني غانتس.
وحسب الصحيفة الاقتصادية "ذي ماركر"، أقيمت علاقة تجارية بين شركة التجسس الخاصة وهيئة تابعة لحزب الليكود، التي استأجرت خدمات شركة التجسس، وتولّت دفع تكاليف الخدمات.
وقدّرت قيمة الصفقة بمئات آلاف الشواقل، وبموجبها يحصل حزب "الليكود" على مستندات مختلفة تتعلق بالاتصالات القائمة بين "أزرق - أبيض" مع شركة "تسور تكشوريت" لصاحبها مستشار حملة غانتس الانتخابية، رونين تسور.
وحسب الصحيفة سعى الليكود إلى الحصول على العقد الذي أبرمه حزب غانتس مع شركة "تسور تكشوريت"، التي علم أن الشركة فحصت بموجبه احتمال تعرّض غانتس، إضافة إلى مسؤولين آخرين في الحزب إلى اختراق هواتفهم أو أجهزتهم الشخصية من قِبل أطراف خارجية، أو إذا ما جرى الحصول على التسريبات التي نشرت بوسائل الإعلام عبر اختراق أجهزة مسؤولين في القائمة، كما يشمل العقد الحصول على مواد تدين حزب "أزرق - أبيض".
وتبين أنّ نتنياهو لجأ إلى الجانب الاستخباري أمام منافسه لاستخدام معلومات في معركته تجاه غانتس، في محاولة لكسر التوازن بين الحزبين الكبيرين.
ستة شروط صعبة
في سياق متصل، من الجهود التي يبذلها نتنياهو لضمان أكثرية تتيح له تشكيل حكومة، يمارس ضغوطاً كبيرة على رئيس حزب "عوتسما يهوديت"، إيتمار بن غفير للانسحاب من الانتخابات ودعمه، لكن بن غفير وضع ستة شروط، لم يعلن نتنياهو بعد، عن موافقته عليها، لكنه علم أنه يدرسها بجدية.
وتشمل هذه الشروط: إلغاء اتفاقيات أوسلو، ووقف تحويل المنحة القطرية إلى قطاع غزة، وإخراج الأوقاف الإسلامية من الحرم القدسي الشريف، وإخلاء قرية الخان الأحمر، وإخراج القضاة من لجنة تعيين القضاة، وإغلاق "ساحة العائلات" في باحة البراق.
وقال بن غفير، في مؤتمر صحافي حول الموضوع، إنّ حزبه على استعداد للانسحاب الفوري من الانتخابات، إذا ما لبّى نتنياهو مطالبه، وسيقدم كل الدعم له في الانتخابات.
540 ضابطاً في مواجهة نتنياهو
أمام الجهود التي يبذلها نتنياهو لضمان تشكيل الحكومة، خرج 540 ضابطاً متقاعداً من سلاح الجو في حملة ضد نتنياهو يدعون فيها رئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، إلى منع نتنياهو من تشكيل حكومة.
وبعث الضباط برسالة إلى ريفلين وأعضاء الكنيست جاء فيها، "لا يمكن أن يحدث في إسرائيل أن يشكّل شخص متهم بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة حكومة، ويرسل الجيش إلى عمليات عسكرية وحروب، إلا إذا حصل على براءة مطلقة من المحكمة".
وأضافت الرسالة، "على منتخبي الجمهور تبني قيماً أخلاقية، وعدم السماح لمتهم بمخالفات فساد سلطوي بالحصول على تفويض لتشكيل حكومة".