Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتحول موريتانيا إلى معبر رئيس لتجارة المخدرات؟

أشارت التحقيقات إلى أن الصحراء والحدود الشرقية ومناطق الوسط الخالية شكلت ملاذاً لشبكات التهريب

تتعالى أصوات المراقبين المنبهين إلى خطورة الوضع الذي بات يهدد بتحويل موريتانيا إلى طريق رئيس لتهريب المخدرات إلى أوروبا (أ ف ب)

ملخص

تجارة المخدرات تستغل فراغ الصحراء لتمويل الإرهاب في غرب أفريقيا

تنشط تجارة تهريب المخدرات عبر الحدود الشرقية والجنوبية لموريتانيا التي تربطها بمالي والسنغال وسط مخاوف من تحول هذه المنطقة غير الآمنة من الساحل الأفريقي إلى مركز رئيس لتجارة المخدرات وعبورها نحو أوروبا، ومصدر لتمويل النشاطات الإرهابية في غرب أفريقيا.
وتتعدد طرق تهريب المخدرات في موريتانيا بدءاً من استغلال الصحاري والمناطق القاحلة في نقل أطنان من المخدرات بعيداً من المراقبة، ومروراً باستغلال المهاجرين غير الشرعيين والمنقبين عن الذهب، بهدف نقل المخدرات بين بضائعهم وحتى في بطونهم، وانتهاء بالموانئ البحرية التي تعاني ضعف المراقبة الأمنية والفساد الإداري الذي يستغله المهربون لتقديم رشى وتسهيل عمليات إخفاء المخدرات.

طرق تهريب غير تقليدية

وتتعالى أصوات المراقبين المنبهين إلى خطورة الوضع الذي بات يهدد بتحويل موريتانيا إلى طريق رئيس لتهريب المخدرات إلى أوروبا، خصوصاً بعدما طورت عصابات تهريب المخدرات طرق إخفاء الممنوعات وسط الأدوية والسلع وتهريبها عبر وضعها وسط شحنات الخضار والأسماك وهياكل السيارات والجيوب السرية للحقائب اليدوية للمسافرين، أو إخفاءها في بطون الحيوانات وثنايا الملابس، أو اللجوء إلى الطرق الصحراوية البعيدة من أعين المراقبة، للدخول والخروج من موريتانيا والهرب من نقاط التفتيش.
وتخوض فرق الجمارك حرباً ضد المهربين في الصحاري البعيدة، وتنجح من حين إلى آخر في مصادرة كميات كبيرة من المخدرات من مختلف الأنواع وتفكيك شبكاتها، ولكن في بلد ﺘزﻴد ﻤﺴﺎﺤﺘﻪ ﻋﻟﯽ ﻤﻟﻴون ﮐﻴﻟوﻤﺘر ﻤرﺒﻊ وتتركز غالبية سكانه على الساحل الأطﻟسي، تصعب ملاحقة المهربين الدوليين الذين يتبادلون شحناتهم في عمليات ضخمة تتم بالصحراء ولا يتم اكتشافها إلا بعد سقوط أحد أعضاء تلك الشبكات في أيدي رجال الأمن.
ويقول الباحث في مجال الأمني محمد سعيد الناجي إن "خلو الصحراء من السكان وضعف المراقبة الأمنية فيها وعلى الحدود تسببا في إقبال شبكات التهريب الدولي على هذه المنطقة لتهريب كميات كبيرة من مخدرات الشيرا والكوكايين وأنواع مختلفة أخرى من المخدرات والمؤثرات العقلية"، ويضيف أن "المهربين يعتمدون على المناطق الحدودية غير المراقبة وغير المسيجة لتفريغ شحنات المخدرات وتخزينها لمدة حتى تخف المراقبة الأمنية في النقاط الحدودية الشمالية والبحرية نحو أوروبا، إذ يتكفل بقية عناصر الشبكة بنقل الحمولة إلى مناطق أخرى لا تخضع لمراقبة أمنية مشددة ويؤمنون كل شيء لتتم عمليات النقل والتزود بالوقود ودفع أموال للحيلولة دون تفتيش البضائع".
ويشير الناجي إلى أن "التحقيقات الأمنية التي أجريت بعد تفكيك شبكات المخدرات على مدى السنوات الماضية أكدت أن الصحراء والحدود الشرقية ومناطق الوسط الخالية شكلت ملاذاً لشبكات التهريب التي تتنقل على راحتها في سيارات وأحياناً طائرات خفيفة، وتمتلك أجهزة اتصال حديثة ومعدات تساعدها في إخفاء شحناتها، كما تنسج علاقات واسعة مع شخصيات من مختلف الجهات والمناصب للحصول على المساعدة وقت حاجتها إلى ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تعتمد على شبكة علاقات

في المقابل مكنت العمليات الأمنية والمداهمات في المناطق التي تستغلها شبكات التهريب، من حجز ومصادرة كميات هائلة من المخدرات خصوصاً الكوكايين، إضافة إلى أسلحة عالية الدقة وأجهزة اتصال وسيارات ومعدات إلكترونية ومبالغ مالية تجاوزت مليوني دولار. وكشفت التحقيقات مع المعتقلين عن أن شبكات تهريب المخدرات تغطي على عملياتها النوعية بعمليات أخرى أقل أهمية لتهريب المهاجرين السريين وادعاء التنقيب عن الذهب في الصحراء.
كما كشفت التحقيقات الأمنية تطور أساليب شبكات تهريب المخدرات، إذ باتت تعتمد على شبكة علاقات واسعة تشمل موريتانيين وأجانب، وشخصيات على علاقة بدوائر صنع القرار في موريتانيا. وعلى رغم المطالبات المتكررة للشارع الموريتاني بالقبض على كل الأشخاص الضالعين في قضايا المخدرات وتسليمهم للعدالة مهما كانت مناصبهم، إلا أن غالبية التحقيقات التي تتم بعد اكتشاف شبكة تهريب جديدة يتم التلاعب بها بغية وقف ملاحقة الشخصيات السياسية التي أثبتت التحقيقات الأولية صلتها بالمتهمين الرئيسين، حتى أن بعض القضايا توقف التحقيق فيها بشكل مريب على رغم قوة الأدلة التي توصل إليها المحققون.
وفي هذا الصدد تقول الباحثة الاجتماعية أمينتو أحمد فال إن "هناك تساهلاً كبيراً مع تجار المخدرات بحكم ما يسود من اعتقاد في المجتمع بأن هذه السموم غير منتجة في موريتانيا وغير موجهة للاتجار المحلي أي أنها لا تؤثر في الشباب، بالتالي فإن هذه النظرة الاجتماعية إلى تجار المخدرات على أنهم أغنياء وينفقون أموالهم على الضعفاء ويساعدون المحتاجين، إضافة إلى شبكة العلاقات الاجتماعية والسياسية التي نسجوها، أسهمت إلى حد كبير في إفلاتهم من العقاب". وتضيف أن "القضايا السابقة كشفت عن أن بعض كبار السياسيين والشخصيات المشهورة ساعدوا تجار المخدرات وسهلوا دخولهم التراب الوطني والتستر على شبكات دولية لتهريب المخدرات، لكن غالبية هذه القضايا لا يحقق فيها حتى النهاية بسبب التلاعب بالأدلة والصفقات التي تتم في الخفاء".
وتؤكد أمينتو أحمد فال أن "النظرة السائدة بأن موريتانيا تشكل معبراً فقط لهذه المواد وليست منتجاً أو مستهلكاً لها، تسببت بإفلات كثيرين من العقاب". وتدعو الباحثة الاجتماعية إلى "رفع الوعي بخطورة التساهل في قضايا تهريب المخدرات والتنبه لخطورة الوضع وتأثيره في أمن البلاد خصوصاً أن كثيراً من شبكات الاتجار بالمخدرات تدفع أموالاً هائلة لتمويل النشاطات الإرهابية في الساحل الأفريقي".
وهناك كثير من قضايا تهريب المخدرات التي استأثرت باهتمام الشارع الموريتاني لكن أكبر وأهم قضية هي تلك التي اكتشفت قبل سنوات حين حطت طائرة صغيرة مجهولة قرب مدينة نواذيبو شمال البلاد تحمل 629 كيلوغراماً من الكوكايين، واتهم آنذاك سيدي محمد ولد هيدالة نجل رئيس موريتانيا السابق محمد خونه ولد هيدالة، واعتقل في المغرب حيث أمضى نحو 20 عاماً في السجن بعد اتهامه بالاتجار الدولي بالمخدرات".

المزيد من متابعات