Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا سقط جسر بالتيمور فوراً؟ خبراء الهندسة يشرحون الأسباب

يرى خبراء أن للجسور عادة ركائز تحميها من الاصطدامات ولكن الدعائم التي يقوم عليها جسر فرانسيس سكوت لم تصمد أمام قوة الارتطام المهولة التي تسببت بها سفينة الحاويات "دالي"

يعود تصميم جسر فرانسيس سكوت كي إلى سبعينيات القرن العشرين وربما لم يأخذ في الاعتبار الحجم الضخم والقوة المهولة للسفن التي تبحر تحته اليوم (غيتي)

ملخص

يتقصى خبراء في الهندسة الأسباب المرجحة وراء انهيار جسر بالتيمور

قال عدد من الخبراء إن سفينة شحن ضخمة قد اصطدمت بأحد الجسور الرئيسة في مدينة بالتيمور الأميركية [جسر فرانسيس سكوت كي على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية]، تاركة عدداً كبيراً من الناس في عداد المفقودين، في حادثة من شأنها أن تتسبب في اضطراب اقتصادي واجتماعي كبير في البلاد.

وتبقى أسئلة كثيرة حول الاصطدام عالقة من دون إجابات، من بينها السبب وراء ارتطام السفينة بالجسر في الأساس. ولكن كثيراً منها يتعلق بالعوامل البنيوية: كيف تمكنت السفينة من بلوغ الجسر، ولماذا لم يكن الأخير محمياً ضد هذا الشكل من الاصطدامات، ولماذا انهار الجسر بسرعة كبيرة ما إن حدث الارتطام.

ويقول خبراء إنه ربما يكون من السابق لأوانه أن نعرف ما الذي حدث تحديداً أثناء اصطدام السفينة بالجسر وثم الانهيار الذي نتج من ذلك. لكنهم يحذرون من أن الجسور من هذا النوع مبنية خصيصاً مع وسائل حماية ضد حوادث اصطدام كهذه، وأن سقوط الجسر على هذا النحو ربما نتج من ارتطام قوي جداً.

تذكيراً، سبق أن انهار عدد من الجسور نتيجة اصطدام سفن بها. حتى أنه بين العامين 1960 و2015، شهد العالم 35 انهياراً كبيراً للجسور بعدما ضربتها سفن بحرية، على ما قال توبي موترام من "جامعة وارويك" في إنجلترا.

ولما كان هذا الخطر ماثلاً دوماً، نجد أن بناء الجسور الحديثة يراعي في التصميم والهيكل احتمال مواجهتها ارتطامات من هذا النوع. وقد أرسى المهندسون مجموعة من الشروط الضرورية وحلول السلامة التي تضمن عدم تضرر الجسر حتى في حال تعرضه للاصطدام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه الجسور، الضخمة والتي تعبر الممرات المائية للشحن البحري، تحتاج إلى حماية داعمة لأرصفتها أو الأعمدة التي تحملها. وتتوافر هذه الركائز الحمائية في مجموعة متنوعة من الأشكال المختلفة"، كما قال روبرت بينايم، خبير متخصص في تصميم الجسور وزميل في "الأكاديمية الملكية للهندسة".

"تتخذ هذه الأنظمة الحمائية شكل دعائم هيكلية مثل المرابط المكرسة لتخدم كنقطة تثبيت، وتكون مصنوعة من الفولاذ ومغروسة في قاع البحر لإيقاف السفينة أو تحويل اتجاهها إذا كان مسارها تصادمياً. كذلك قد تكون على شكل جزر اصطناعية مخصصة للسفن الضخمة، ومن ثم تحول دون أن تصل السفينة أبداً إلى رصيف الجسر نفسه"، أضاف بينايم.

ويعتبر جسر فرانسيس سكوت كي حديثاً نسبياً في تصميمه وهندسته، لذا توقع الخبراء أنه عند بنائه قد أُخذ في الاعتبار احتمال أن الأرصفة الداعمة له قد تتعرض لاصطدام ما. وتكتسي تلك الأرصفة أهمية كبيرة لأن أي انهيار في هيكلها، خصوصاً في منطقة الوسط، يعني سقوط الجسر برمته.

ولكن أنظمة الحماية هذه وحدها لا تكفي. "تشكل كتلة السفينة وسرعتها عاملين رئيسين في حجم القوة المتولدة من الارتطام، إضافة إلى وجود سقف اقتصادي وعملي لحجم قوة التصادم التي يسعنا أخذها في الاعتبار عند تصميم الأرصفة الداعمة. وعلى نحو مماثل، يعد اتجاه الارتطام عاملاً مهماً أيضاً، وعلى الأرجح فإن الافتراضات المشمولة في التصميم بشأن التصادم المحتمل تستند على موقع قناة الملاحة المخصصة"، قال لي كننغهام، وهو محاضر في الهندسة الإنشائية في "جامعة مانشستر" الإنكليزية.

"بالنسبة إلى جسر فرانسيس سكوت كي، فإن تصميمه الذي يعود في سبعينيات القرن العشرين ربما لم يأخذ في الاعتبار الحجم الضخم والقوة المهولة للسفن التي تبحر تحته اليوم. وقد كانت السفينة التي ضربت الجسر، واسمها "دالي"Dali ، ضخمة فعلاً، إذ يبلغ طولها 300 متر وعرضها 48.2 متر، إضافة إلى أنها محملة بكميات كبيرة جداً من البضائع، وكانت تبحر بسرعة غير معروفة حتى الآن"، يشرح كننغهام.

ولم يستبعد البروفيسور موترام "أن تكون الأرصفة غير مصممة على نحو يسمح لها بأن تتحمل هول القوة التي تنطوي عليها ارتطامات السفن اليوم، إذ لم تكن أي سفن على شاكلة "دالي" تبحر في ميناء بالتيمور خلال تلك الفترة. وعلى رغم استيفائه معايير التصميم والسلامة التنظيمية في سبعينيات القرن العشرين، بيد أن جسر بالتيمور كي لم يكن مجهزاً ربما للصمود أمام حجم حركة السفن التي نشهدها اليوم."

ولكن أشار البروفيسور موترام إلى أن التقنيات التي يقوم عليها الجسر ليست وحدها التي تسهم في الحؤول دون حدوث اصطدام كارثي بهذه الشاكلة. وقال إن "التكنولوجيات الخاصة بالملاحة الحديثة كان ينبغي أن تمنع السفينة من الاصطدام برصيف الجسر"، لافتاً إلى أن الأولوية في التحقيق ستكون معرفة الأسباب وراء إخفاق تلك التكنولوجيات على السفينة".

في مقاطع الفيديو التي تصور الحادثة تبدو لافتة جداً، من بين أمور عدة، السرعة التي يحدث بها الانهيار: ما إن يبدأ الجسر في الانحناء، تراه يتهاوى كله تماماً. يعزى ذلك جزئياً إلى أن الجسر مبني على شاكلة "جسر جمالوني متواصل" [أحد أنواع الجسور الذي تسنده هياكل تُسمى جمالونات تُرص أجزاؤها في شكل مثلثات]، بمعنى أنه مصنوع من دعامات فولاذية طويلة تمر عبر الأجزاء الثلاثة الرئيسة، بدلاً من وجود وصلات على الأرصفة.

"وإذ ترتطم سفينة كبيرة على شاكلة سفينة الحاويات "دالي" بهذا الجسر فإنها تتجاوز بأشواط الحدود المشمولة في التصميم بالنسبة إلى أحمال الأرصفة الخرسانية الرفيعة التي تدعم هيكل الجمالونات (الدعامات الفولاذية الطويلة)، وما إن يتضرر الرصيف حتى ينهار هيكل الجمالونات بأكمله بسرعة كبيرة كما ترى في مقاطع الفيديو التي تصور لحظة الانهيار"، قال أندرو بار، زميل باحث في قسم الهندسة المدنية والإنشائية في "جامعة شيفيلد".

في رأي الدكتور بار، "إننا إزاء مثال لما يسميه المهندسون الانهيار التدريجي، وفيه يقود تداعي أحد العناصر الهيكلية إلى سقوط العناصر المجاورة له، والتي تعجز عن تحمل الأحمال الجديدة الموضوعة عليها. في هذه الحالة [جسر فرانسيس سكوت كي]، تسبب انهيار رصيف الجسر في تداعي الجمالونات غير المدعومة فوقه وسقوطها. ولما كانت تلك الدعامات الفولاذية الطويلة عبارة عن هيكل واحد متواصل، فإن الأحمال تتوزع على بقية أجزاء الجسر- تدور الجمالونات حول دعامة الرصيف الباقية كما لو أنها أرجوحة، ما يرفع الجزء الشمالي موقتاً في الهواء قبل أن تتسبب قوى الشد العالية في انهياره أيضاً، ويسقط هيكل الجمالونات بأكمله في المياه."

كذلك أشار الدكتور بار إلى أن الفيديو بحد ذاته الذي يصور تفاصيل الحادثة سيكون "مفيداً جداً لفرق" التحقيقات التي تتولى دراسة الانهيار، والتي لولا ذلك كان سيتعين عليها الاعتماد على بقايا هيكل الجسر والنماذج.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من علوم