بعد أن تكبدت أسواق المال الخليجية خسائر كبيرة على مدار اليومين الماضيين، سجلت مؤشراتها ارتفاعاً مع افتتاح التعاملات اليوم الثلاثاء، وقد جاءت هذه الارتفاعات كموجة ارتداد لكثير من الأسهم المدرجة في السوق، بعد تعرضها لخسائر كبرى في الأيام الماضية، بسبب ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، والتي قفزت بنسبة 10 في المئة، بعد يوم من أكبر هبوط على مدار نحو ثلاثين عاماً، إذ تتجه أنظار المستثمرين إلى تحفيز اقتصادي محتمل، في وقت أشارت روسيا إلى أن المحادثات مع "أوبك" لا تزال ممكنة.
حرب الأسعار
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين مطلعين، أن وزارة الطاقة الروسية دعت إلى عقد اجتماع مع شركات النفط غداً الأربعاء، لمناقشة التعاون المستقبلي مع "أوبك" من بين قضايا أخرى.
في حين قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في تصريحات صحافية، "إن كل منتج للنفط يحتاج للحفاظ على حصته السوقية وتعزيزها"، مضيفاً "لا مبرر لاجتماع (أوبك +)، وهل الاجتماع فقط لنظهر الفشل في التعامل مع الأزمة؟".
وتأتي هذه التصريحات بعد حديث للرئيس التنفيذي لـ"أرامكو"، أمين الناصر، أكد فيه أن الشركة سترفع إمداداتها النفطية التي تشمل النفط لعملاء داخل وخارج السعودية إلى 12.3 ميلون برميل في مطلع شهر أبريل (نيسان) المقبل.
وارتفع مؤشر سوق "تداول" في السعودية، الأكبر في المنطقة، عند مستوى 446.52 نقطة ليقفل عند مستوى 6762.03 نقطة، وبتداولات بلغت قيمتها أكثر من 2 مليار دولار (7.8 مليارات ريال). في المئة عند بدء التعاملات، ، بينما سجّل سهم شركة أرامكو النفطية ارتفاعاً قدره 5.5 في المئة، محققاً أول مكسب له منذ عدة جلسات، قبل أن تعلن السوق المالية السعودية تعليق تداول السهم في السوق بدءاً من اليوم الثلاثاء، بناء على طلب الشركة، ووفقاً لأحكام قواعد الإدراج وإجراءات تعليق تداول الأوراق المالية.
حركة التصحيح طبيعة
وقال المحلل المالي محمد الشميمري لـ"اندبندنت عربية" إنه "من الطبيعي أن تكون هناك حركة ارتداد وتصحيح لمؤشر سوق الأسهم، لا سيما أن الهبوط كان كبيراً في مؤشر التداول لسوق المال السعودية إذ وصل يوم أمس 14 في المئة".
وأضاف "المستثمرون داخل السوق وجدوا فرص استثمارية داخلة بعض الهبوط الكبير في قيم الأسهم، وشهدنا اليوم ارتداداً في أسهم أرامكو قبل التعليق، بالإضافة إلى قطاعي البنوك والاتصالات اللذين شهدا ارتفاعاً في قيم أسهمها اليوم".
واستبعد أن يكون ارتفاع المؤشر في سوق الأسهم دليلاً على تعافي الأسواق، وقال "من الصعب القول إن وضع الأسواق المالية أصبح أفضل لا سيما أن تفشي فيروس كورونا عامل رئيس لا يزال يؤثر بشكل كبير على الأسواق العالمية، بالإضافة إلى تأثير أسعار النفط في اليومين الماضيين".
كورونا يفاقم الأزمة
فيما يرى عبد الله المغلوث، عضو جمعية الاقتصاد السعودية، أن كورونا فاقم خسائر الاقتصاد العالمي على مختلف المحاور مع بداية الأسبوع الحالي، حسب ما ظهر في الأسواق العالمية، وقال إن "السوق السعودية شهدت تراجعات للجلسة الرابعة على التوالي، تتراوح ما بين 8 إلى 10 في المئة، بسبب المخاوف من انتشار الفيروس القاتل وانخفاض أسعار النفط بنسبة تقترب من 30 في المئة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع "كذلك تأثرت الأسواق العالمية، ومنها الأميركية والأوروبية والخليجية، لانخفاض الطلب العالمي على النفط، بسبب الأضرار التي ألحقها انتشار كورونا، والتي تجلت في تراجع الصناعة الصينية وانخفاض عمليات النقل الجوي والبحري، ما أثر في الطلب على النفط، وزادت حدة الأمور سوءاً بسبب عدم الاتفاق بين دول أوبك وروسيا حول خفض الإنتاج بـ1.5 مليون برميل كما طلبت أوبك، ما أدى إلى تدهور أسعار النفط، التي انخفضت عالمياً بنسبة 30 في المئة لتصل إلى مستويات 35 دولاراً للبرميل للعقود الآجلة".
وأضاف "أدى انتشار فيروس كورونا في أكثر من 29 دولة إلى استمرار حالة الاضطراب التي تشهدها الأسواق العالمية، وسجلت رابع خسارة أسبوعية على التوالي مع تنامي المخاوف بشأن الأضرار الاقتصادية المحتملة لتفشي الفيروس، في الوقت الذي اتجه المستثمرون إلى شراء الذهب بوصفه الملاذ الآمن".
ارتفاع الذهب 4 في المئة
ولفت المغلوث إلى أن "أسواق الذهب شهدت زيادة في الطلب العالمي، مسجلة أفضل أداء شهري في أكثر من 180 يوماً، وبهده الزيادة سجل المعدن النفيس ارتفاعاً بلغ نحو 4 في المئة منذ مطلع يناير (كانون الثاني) 2020، وبالنظر إلى وضع البورصات نجد أن التراجعات طالت الأسهم الآسيوية، وعدداً من بورصات الخليج العربي، وإذا كان القلق الذي أصاب المستثمرين له تداعيات فلا يمكن توقع ما تسفر عنه الأحداث، وبخاصة أن الصين أعلنت انتقال المرض إلى العاصمة بكين، وهنا أعتقد أن الاقتصاد العالمي سيكون في تحد كبير، وكذلك حركة التنقل والسياحة والسفر، بالإضافة إلى حركة التجارة خصوصاً أن الصين تستحوذ على نصيب الأسد منها، لكن الوضع لن يستمر هكذا طويلاً، فانتهاء أزمة تضرر الأسواق العالمية جراء انتشار كورونا يتوقف على مدى قدرة الصين على التعامل مع الفيروس، وأعتقد أن الأمر لا يتجاوز الربع الثاني من هذا العام".
بورصات الخليج تعاود الارتفاع
وسجّل مؤشر سوق دبي ارتفاعاً بنسبة 5.5 في المئة عند الافتتاح، بينما سجل مؤشر سوق أبو ظبي ارتفاعاً بنسبة 4.2 في المئة، فيما سجلت بورصة الكويت التي قامت السلطات المالية بتعليق التعامل فيها ليومين على التوالي بعد تراجع الأسهم في سوقها الرئيس، ارتفاعاً قدره 6.6 في المئة.
وارتفع كذلك مؤشر سوق قطر 3 في المئة، وبورصتا البحرين بنسبة 1.2 في المئة، وبورصة سلطنة عُمان بنسبة 0.2 في المئة.
يُذكر أن الأسواق الخليجية تعرّضت لخسائر كبرى في اليومين الماضيين، على خلفية انهيار أسعار النفط وما يعرف بـ"حرب الأسعار"، وكانت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وروسيا، شريكتها الرئيسة ضمن تحالف "أوبك+"، تتفاوضان على الخفض الإضافي بغية وضع حد لتراجع الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ أربعة أعوام على خلفية انتشار فيروس كورونا المستجد.