ساعات طويلة نمضيها في منازلنا خوفاً من التقاط عدوى كورونا. لكن مهما حاول أفراد العائلة الاستفادة من هذه الأوقات التي يمضونها معاً والتي تعتبر بمثابة فرصة لا تسنح لكثيرين، لا يمكن أن نلغي واقعاً ونعترف بلحظات ملل وتعب نفسي وتوتر، يمر بها الكل في ظل هذه الظروف.
لمحاربة هذا الواقع وجد العديد من الفنانين والموسيقيين في وسائل التواصل الاجتماعي منفذاً يساعدهم على التواصل على متابعيهم من جهة، والترفيه عنهم من جهة ثانية. منهم من ينشر يومياته في فيديوهات أو في نقل مباشر يومي كالمغنية نانسي عجرم التي تتواصل بشكل مباشر بهذه الطريقة، ومنهم من يشارك بوصفات وبلحظات الطهو التي يستمتع بها في الاوقات التي يمضيها في منزله، كالممثلة سيرين عبد النور، والمقدمة البرامج منى ابو حمزة، والمغني راغب علامة، وغيرهم ممن لهم إطلالات دائمة. لكن تبرز بشكل خاص الإطلالات اليومية لبعض الذين حددوا موعداً ثابتاً لإطلالتهم.
زياد سحاب
الفنان زياد سحّاب يحاول من خلال إطلالته اليومية المباشرة عبر حسابه الخاص على انستغرام التخفيف من وطأة التوتر المرافق لفترة العزل المنزلي. ففي حديث مع "اندبندنت عربية" اوضح أنه يطل يومياً عند السابعة مساء ليغني ويعزف. "أحاول تلبية طلبات المتتبعين قدر الإمكان، وأعزف من ألحاني الخاصة أو من الألحان القديمة لكبار الموسيقيين. انطلاقاً من دوري كفنان، أردت أن أقوم بهذه المبادرة البسيطة، لأن لكل منا دوره في المجتمع، ومطلوب مساعدة بعضنا البعض حتى تمر هذه الظروف بأقل قدر ممكن من التداعيات، ومنها التداعيات النفسية". يؤكد سحّاب أن فترة العزل المنزلي ليست سهلة ولا ينكر ذلك، بخاصة بالنسبة إلى اللبنانيين الذين مروا بفترة من الضغوط النفسية الصعبة نتيجة الأزمة التي مرت بها البلاد في الاشهر الأخيرة. "حالتنا النفسية لم تكن مهيأة اليوم لمسألة العزل المنزلي، بعد كل ما مررنا به. وجدتها وسيلة تسمح بالحفاظ على الاتصال مع الناس كما في السهرات التي كنت أحييها. هذا من دون أنسى الرسالة التي أوصلها من خلال هذه المبادرة، والتي أدعو من خلالها الناس إلى البقاء في المنزل وأشجعهم على الالتزام لنتمكن معاً من التغلب على الفيروس". ولا ينفي أن ما يقوم به لا يساعد الناس فحسب، بل ينعكس إيجاباً عليه أيضاً لاعتباره بأمس الحاجة أيضاً إلى الموسيقى التي لها مكانة خاصة في حياته. فهو معتاد على العزف يومياً. وما يقوم به يشعره بأنه منتج في هذه الفترة التي قد يغلب عليها الركود لأن الموسيقى لا يمكن أن تغيب عن حياته. "أشعر من خلال هذا العزف المباشر والتواصل مع الناس أني قدمت شيئاً في هذه الفترة مهما طالت حتى لا تذهب سدىً وكأنها فترة خطفت من حياتي".
مايك ماسي
الفنان مايك ماسي أيضاً يحرص على أن يطل مرتين مباشرة في حفلتين في مبادرة #حفلة_ بالبيجاما (حفلة بملابس النوم) بهدف الحفاظ على هذا الاتصال مع جمهوره في مختلف أنحاء العالم، عبر وسائل التواصل الاجتماعي في ظل الظروف الحالية التي تلزم الكل بالعزل المنزلي. الهدف من هذه المبادرة بحسب الفنان تسلية الناس في منازلهم وتشجيعهم على ملازمتها لأطول وقت ممكن حفاظاً على سلامتهم وسلامة من يحبون. "أطل يومياً في حفلة في السابعة مساء بتوقيت بيروت، وأخرى في التاسعة والربع وقد انضمت إلي مؤخراً مجموعة من أكثر من 25 فناناً من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية للمشاركة بهذه المبادرة من خلال "ديو بالبيجاما" كخطوة إيجابية تشجيعية للناس، وداعمة تهدف إلى نشر أجواء ممتعة في المنازل". مع الإشارة إلى أنه كان من المفترض أن يقيم ماسي حفلات غنائية في 11 أبريل (نيسان) و18 منه في فرنسا تم تأجيلها نظراً لانتشار الفيروس، ما شجعه في ظل هذه الظروف على القيام بهذه المبادرة بتقديم سهرات يومية يغني فيها ويعزف على البيانو.
كثر يتبعون الطريقة نفسها كمايا دياب التي لها أيضاً موعد يومي مع جمهورها في المساء في بث مباشر تحاور فيها خبراء حول فيروس كورونا من زوايا مختلفة وإيجابية ترفيهية. كما قد يطل معها مباشرةً مرضى مصابون بالفيروس، لكنها تتناول الموضوع بإيجابية #sidetalkswithmayadiab لتبعث الأمل في النفوس، وتظهر أن المرض لا يشكل خطراً على الجميع. كذلك تطل أيضاً في جلسة طهو برفقة ابنتها إلى جانبها بمساعدة طباخ عبر سكايب.
بعض الفنانين اختاروا الإطلالة عبر تطبيق أنغامي، فيستمتع جمهورهم بعزفهم وغنائهم مجاناً، ويمضون أوقاتاً مسلية في فترة المساء.
للأطفال حصة أيضاً
الأطفال أيضاً لهم حصة من الأنشطة والمبادرات والإطلالات لشخصياتهم المفضلة التي تسعى إلى توجيههم وتوعيتهم عبر إطلالة مباشرة لقراءة القصص أو الطهو واللعب والرقص والغناء. فالأهل قد يستنفدون الوسائل في تسلية أطفالهم خلال ساعات طويلة يمضونها معهم في المنزل. وبالتالي تبدو مبادرة بعض الشخصيات التي تقدم مسرحيات للأطفال أو برامج لهم من الحلول المثلى ليمضوا أوقاتاً ممتعة يقومون خلالها ببعض الأنشطة المناسبة لأعمارهم بعيداً من الأجهزة الإلكترونية. حول مبادرتها الخاصة بالأطفال تقول مقدمة مسرحيات الأطفال غنوى جان صادق إنها شعرت بأن فترة العزل المنزلي قد تطول، وتقول "إطلالتي المباشرة عبر حسابي على إنستغرام يومياً عند الساعة الخامسة مساء تفرح الأطفال وتحمل الكثير من الفوائد لهم من النواحي كافة. فالوسائل التي أعتمدها كثيرة والرسائل التي أوصلها أيضاً، وفي المعتاد يكون بعض الأطفال إلى جانبي فيستمتعون مع الأطفال الآخرين ويتفاعلون. خلال ساعة من الوقت نلعب ونرقص ونغني ونطهو. علماً بأني أبدأ بتسمية الأطفال المشاركين كل بمفرده، لأن هذا يفرح الأطفال. ثم أغني أغنية يعرفونها، ونتابع مع أنشطة وألعاب متنوعة لمختلف الأعمار". تؤكد صادق أنها بهذه الطريقة تحاول نشر الإيجابية في البيوت. وفي السادسة مساء بتوقيت بيروت تنشر صادق الفيديو الذي تسرد فيه قصة للأطفال بطريقة جذابة.
كذلك بالنسبة إلى ريم الخازن التي تعمل أيضاً في مجال الترفيه للأطفال "أحرص مع أطفالي على تجنب الروتين، ومن ساعات الصباح الأولى أضع برنامجاً لهم، فيترقبون كافة الأنشطة التي سنقوم به. كما نحضر لإطلالتنا اليومية في المساء مباشرةً عبر إنستغرام حيث نقوم بالطهو مع الأطفال او اللعب والأعمال الحرفية وثمة تجاوب رائع. أقدم نصائح تتعلق بطرق الوقاية من الفيروس بطريقة مبسطة يفهمها الأطفال. هذا إضافة إلى الفيديوهات التوعوية التي أنشرها خلال النهار والترفيهية في الوقت نفسه للوقاية ولتنظيف اليدين بالطريقة الصحيحة. أما الألعاب التي أقترحها فكلّها ممكنة بأغراض متوافرة في المنزل. حتى أني سأقدم فيديوهات للصلاة في المنازل تناسب مختلف الأديان".
يوماً بعد يوم تظهر مبادرات جديدة تسهّل عبر وسائل التواصل الاجتماعي فترة العزل المنزلي وتبعدنا عن الأجواء السلبية على أمل ألا تدوم طويلاً.