ملخص
الجدار الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك، الذي بدأ كأحد أبرز وعود حملة دونالد ترمب الرئاسية في 2016، ظل مثار جدل كبير خلال إدارات ترمب وبايدن. ورغم بناء أجزاء من الجدار فإنه لم يحقق هدفه المزعوم في الحد من الهجرة غير الشرعية، بل تسبب في أضرار بيئية واجتماعية واقتصادية وبقي موضع جدل
لم يعد دونالد ترمب يتحدث حقاً عن جدار الحدود.
بعدما جعل ترمب من قضية الجدار الهدف الرئيس في حملته الانتخابية لعام 2016، وإغلاقه الحكومة أسابيع في محاولة فاشلة لتأمين تمويله، وإنفاق المليارات لبنائه على أي حال، تحولت سياسة الهجرة التي يتبناها الرئيس المنتخب تحولاً أكثر عدوانية هذه المرة.
وبدلاً من جدار تدفع المكسيك تكلفة تشييده، يريد ترمب الآن القيام بعملية ترحيل جماعي "دموية" لطرد ملايين الناس على الفور، حتى لو أدت إلى فصل محتمل لأعضاء الأسرة الواحدة، من جديد.
تبعات بيئية سلبية
لكن الجدار الحدودي الفيدرالي الذي يمتد إلى أكثر من 450 ميلاً (725 كلم) عبر أربع ولايات، لا يزال قائماً. وهو يستمر في التأثير بشكل عميق على الناس والبيئة والسياسة المعنية بالحدود وكثير غيرها.
وهي فكرة آخذة بالانتشار. فخلال الأعوام الثمانية التي قضاها ترمب وبايدن في الحكم، بدأت الولايات التي يحكمها الجمهوريون ببناء جدران حدودية منفصلة خاصة بها أيضاً.
إن فهم إرث الجدار يساعد في تفسير حاضر سياسات الحدود في الولايات المتحدة ومستقبلها، التي تتمثل بالتزام ضمني من الحزبين بإبقاء الناس رمزياً خارج البلاد مهما كان الثمن، حتى مع تدهور إصلاحات أوضاع الهجرة ككل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هناك في وادي ريو غراندي في جنوب تكساس، مجموعة من ألواح الجدار الفيدرالي، توجد في بعضها فجوات بحجم شاحنات النقل الكبيرة. وقد تم التخطيط للقيام بمزيد من الإنشاءات خلال ولاية بايدن.
قالت ميشيل سيرانو، من مجموعة المناصرة المحلية "فوتشيس أونيداس" Voces Unidas RGV، إن الجدار كان تجارة غير عادلة بالنسبة إلى المنطقة. ورغم ملايين الدولارات التي تم إنفاقها على تعزيز الحدود هناك، فإن وادي ريو غراندي يظل أحد أكثر الأماكن فقراً في البلاد. فقد قام الجدار بتدمير ما تبقى من المساحات الخضراء العامة القليلة التي كان السكان يتمتعون بها، في حين أدى إلى جعل الفيضانات أسوأ مما مضى وإلى تدمير الموائل على ضفاف النهر. كما أدى إلى زيادة الشعور في هذا المجتمع الذي تعود أصول غالبية أبنائه إلى أميركا اللاتينية، بأنه قيد المراقبة على مدار الساعة.
وأضافت، "هذا يشبه منطقة لا حقوق لها. نحن نتحدث عن منطقة يقومون فيها بتمييزنا عرقياً من دون خجل. يبدو الأمر وكأنه [مبدأ الفصل العرقي الأميركي] منفصلون لكنهم متساوون".
وفقاً لما ذكره لايكين جوردال من مركز التنوع البيولوجي، وهي مجموعة بيئية حاربت الجدار، فإن جزءاً كبيراً من الجدار تم بناؤه عبر أماكن تشهد أدنى حد من الهجرة، بيد أنه لا يزال يؤثر على حياة كثير من الكائنات. وليس فقط على البشر.
وتابع، "عندما يتم بناء الجدار في تلك الأماكن، فإنه يقطع حركة الحياة البرية"، مضيفاً، "أي حيوانات أكبر من الأرانب البرية لن تمر عبر الجدار".
عند نصب أورغان بايب كاكتوس الوطني في جنوب أريزونا، نسفت إدارة ترمب بواسطة الديناميت الأراضي الأصلية لقبائل "أوهدام" O’ohdam، وجرفت آلاف الصبار، ونصبت أعمدة معدنية شاهقة تمر الآن عبر تلال هذه الرقعة النائية من الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. ورغم الجدار فإن المنطقة تظل بؤرة للهجرة. وتُظهِر الملاحظات المكتوبة بخط اليد على أعمدة الجدار الفولاذية الأماكن التي اضطرت فرق تقوم بعمليات اللحام إلى إجراء إصلاحات فيها. ويستطيع العابرون للحدود استخدام أدوات كهربائية بسيطة لنشر [فتحة في] جدار تقدر تكلفة بنائه بنحو 20 مليون دولار لكل ميل (1650 متراً). وفي بعض الأقسام، تنزلق الأعمدة المقطوعة حتى تنفتح بمجرد دفعها باليد.
وفي أماكن أخرى، مثل جبال باتاغونيا الوعرة في ولاية أريزونا، تكون التضاريس وعرة للغاية، إلى درجة أن الحاجز ينتهي به الأمر ببساطة، [واقفاً] وحده من دون أن يكون متصلاً بأي شيء آخر. في بعض الأحيان، يقود جوردال شاحنته إلى نهاية الجدار ويجلس في هدوء لساعات من دون أن يرى أحداً.
وقال، "لقد رأينا سلاسل جبلية بأكملها وهي تُنسف بالديناميت من أجل بناء جدار مستقيم عبر منظر طبيعي مليء بالخطوط العريضة والارتفاعات".
بايدن يبني رغماً عنه
يظل استكمال جدار ترمب الحدودي جزءاً من البيان الرسمي للحزب الجمهوري، ويقال إنه سيرد في الموجة الأولى من توجيهات الرئيس المنتخب المتعلقة بالهجرة. قد يبدو هذا وكأنه قطيعة دراماتيكية مع حقبة بايدن، إلا أن هذه ليست هي الحال تماماً.
لقد وعد جو بايدن في إطار الحملة الانتخابية، بعدم بناء "متر آخر" من الجدران الحدودية. وبمجرد مباشرته مهامه، أنهى بايدن حالة الطوارئ الحدودية التي كان قد فرضها ترمب في يناير (كانون الثاني) 2021 وأعاد توجيه الأموال إلى مكان آخر. واعتقد معظم الناس أن هذا يمثل نهاية الجدار.
إلا أن هذا ليس ما حدث حقاً. بعد عام 2021، لم يسعَ الرئيس الديمقراطي إلى متابعة النوع نفسه من البناء على نطاق واسع مثل سلفه، لكن الحكومة الفيدرالية استمرت في سد الفجوات وإضافة سياج حدودي يشبه الجدار بشكل واضح وسدود مدرعة في أريزونا وتكساس.
"شكل ذلك صدمة لكثيرين منا. لقد قال أثناء حملته الانتخابية إنه لن يضيف حتى ميلاً واحداً آخر، بيد أنه فعل ذلك"، بحسب ما صرحت به ليزابيث دي لا كروز سانتانا، وهي أستاذة دراسات تشيكانو في كلية باروخ، لـ"اندبندنت".
وتسارع التحول عام 2023. ففي أكتوبر (تشرين الأول) من ذلك العام، وفي مواجهة ضغوط سياسية مكثفة في شأن الحدود وموعد نهائي إلزامي لإنفاق الأموال [التي رُصدت من أجل] الجدار في عهد ترمب، تجاهلت إدارة بايدن عن 26 قانوناً فيدرالياً، بما في ذلك الحماية البيئية، لبدء بناء أجزاء جديدة على امتداد 20 ميلاً (32 كلم) في جنوب تكساس.
وحتى عندما تحدث بايدن بصراحة عن اعتقاده أن الجدران لا نفع منها، قال للصحافيين حينها، "لا يمكنني إيقاف ذلك [بنائها]".
وقال كريس زيبيدا ميلان، وهو أستاذ في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، ومؤلف كتاب "الجدران والأقفاص وفصل الأسرة: سياسة الهجرة في زمن ترمب" Walls, Cages, and Family Separation: Immigration Policy in the Time of Trump، لـ"اندبندنت"، "لو لم يكن يريد حقاً بناء هذا الجدار، لكان بإمكانه تركه يتوه في غياهب البيروقراطية. لم يفعل ذلك. ولقد تنازلت إدارته عن تفعيل [القوانين البيئية] مثل كل إدارة أخرى قبلها، ربما بسبب حقيقة أن السياسة والرأي العام في ذلك الوقت قد تبدلا".
بعد ذلك أصبحت الأمور أكثر غموضاً. وفي هذا العام، قضت محكمة فيدرالية في دعوى قضائية من ولايتي تكساس وميسوري بأن إدارة بايدن اضطرت إلى إنفاق قدر من أموال الكونغرس من عامي 2019 و2020 على الجدار، على رغم جهودها لتوجيه هذه الأموال إلى أماكن أخرى.
كان لهذا الحكم تأثير الدومينو. ثم أوقفت إدارة بايدن التزاماً من تسوية لا صلة لها بالأمر عام 2023 لإنفاق عشرات الملايين من الدولارات بغرض تنظيف الأضرار البيئية التي تسبب بها الجدار.
بالنسبة إلى أولئك الذين يراقبون المشهد على الدوام ويسجلون نتائج المواجهات، فقد ادعت إدارة بايدن، في غضون أربعة أعوام بالأمور التالية، أنها أوقفت بناء الجدار ثم استمرت في بنائه، وأنها أُجبرت على الاستمرار في بناء الجدار المذكور ضد إرادتها، وتخلت عن القواعد البيئية لتسريع بناء الجدار، كما تمت مقاضاتها لإيقاف خطط التراجع عن الضرر البيئي الناجم عن الجدار.
ريكي غارزا، مستشار سياسة الحدود في "تحالف سان دييغو"، وهو من المجموعات التي ترفع حالياً دعوى أمام محكمة الاستئناف الفيدرالية في شأن التراجع عن تسوية عام 2023، قال "لقد تمكنا في بعض النواحي من الحصول على بعض التنازلات من هذه الإدارة، ولكن لسوء الحظ أنت ترى حقيقة مفادها أن جدران الحدود تحظى بإجماع الحزبين في الولايات المتحدة، حتى لو أطلقت عليها [الجدران] اسماً مختلفاً".
وأضاف غارزا الذي يعيش في وادي ريو غراندي، أنه أثناء قيادته السيارة عبر المنطقة، غالباً ما يكون من الصعب معرفة أي إدارة بنت أي قسم من جدار الحدود. وكما ذكرت "اندبندنت" في تقاريرها، فإن الجمهوريين والديمقراطيين كانوا منذ إدارة كلينتون في تسعينيات القرن الماضي، على حد سواء يسعون إلى تطبيق سياسة حدودية تتمثل في "الوقاية من خلال الردع"، وهي فكرة مفادها أن جعل الحدود أكثر صعوبة وفتكاً للعبور من شأنه في النهاية أن يردع الناس عن القدوم.
لم يرتدع الناس، بيد أن زيادة التراكم على الحدود دفع المهاجرين إلى مناطق أكثر بعداً حيث من المرجح أن يلقوا حتفهم في الحر والبرد أو يعانوا من إصابات خطرة. ورغم ارتفاع الجدار، يواصل المهاجرون تسلقه ويسقطون حتماً. قال جراح أعصاب في سان دييغو، إنه عالج زيادة ملحوظة في المهاجرين الذين يعانون من إصابات في الدماغ بعد أن ارتفعت أقسام محلية من الجدار لتصل إلى 30 قدماً (10 أمتار) في عهد إدارة ترمب.
قال غارزا، "إنه رمز للكراهية وكراهية الأجانب، ولكن له جانباً جسدياً، إذ ترى زيادة في الوفيات".
الولايات تستلم زمام الأمور
وفيما بقي الجدار الفيدرالي عالقاً في عالم غريب خلال سنوات بايدن، أخذت الولايات الحدودية المحافظة على عاتقها تنفيذ أجندة جدار ترمب، وسعت إلى اتباع سياسات لتحويل الشرطة المحلية وتلك التابعة للولاية إلى ضباط هجرة وتحويل حدود الولاية إلى شيء أقرب إلى الجدار الفيدرالي.
لقد بنت تكساس 50 ميلاً (نحو 80كلم) من جدارها الحدودي الخاص، بتكلفة تقدر بنحو 25 مليون دولار لكل ميل. وجاء ذلك كجزء من حملة القمع الحدودية الأكبر التي قام بها الحاكم غريغ أبوت وبلغت تكلفتها مليارات الدولارات، وتضمنت بناء حواجز عائمة في ريو غراندي، وزيادة قوات الولاية المتوجهة إلى الحدود، وإعلان أن الولاية تتعرض فعلياً لغزو وذلك للمطالبة بسلطات طوارئ جديدة.
وقال المتحدث الإعلامي لإدارة أبوت أندرو ماهاليريس لـ"اندبندنت" في بيان رسمي، "إن تكساس قد خصصت في إطار ’عملية النجم الوحيد‘ Operation Lone Star، أكثر من 11 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب في تكساس لأمن الحدود، فقامت بنشر آلاف الجنود من الحرس الوطني في تكساس وجنود إدارة السلامة العامة، ونقل المهاجرين إلى مدن أعلنت عن نفسها كـ"ملاذ آمن" [للمهاجرين]، وتركيب حواجز استراتيجية، وبناء جدار حدودي خاص بنا".
وتابع، "بفضل هذه الجهود، نجحت تكساس في تقليل عمليات العبور غير القانونية إلى الولاية بنسبة 86 في المئة. وحتى تتقدم الحكومة الفيدرالية لتأدية وظيفتها بخصوص تأمين الحدود، ستواصل تكساس استخدام كل أداة واستراتيجية للاستجابة لأزمة الحدود وحماية سكان تكساس".
وفي أريزونا، حاول الحاكم آنذاك دوغ ديسي بناء جدار خاص به باستخدام حاويات الشحن، رغم أن دعوى قضائية فيدرالية أجبرته بعد ذلك على هدمها عام 2022. وحتى هنا، انتهى الأمر بإدارة بايدن إلى الموافقة على سد بعض الثقوب في الجدار. وفي يناير، بدأت ولاية نيو مكسيكو في النظر في مشروع قانون بقيمة 1.5 مليار دولار لبناء قسم من الجدار الخاص بها.
حتى إن أفراداً [لا يحملون صفة رسمية] شاركوا في هذا العمل، وجمعوا أكثر من 25 مليون دولار من خلال حملة "نبني الجدار" We Build the Wall وذلك لإقامة حاجز في جنوب تكساس. واتُهِم أربعة أشخاص، بمن فيهم مستشار ترمب السابق ستيف بانون، باختلاس التبرعات المخصصة لهذا الجهد. وعفا ترمب في نهاية إدارته عن بانون في شأن التهم الفيدرالية الناجمة عن ذلك، إلا أن هذا المتشدد في حركة "لنجعل أميركا عظيمة من جديد" (ماغا) لا يزال يواجه اتهامات جنائية في نيويورك، ومن المقرر أن تُجرى محاكمته في فبراير (شباط) المقبل.
ومن المؤكد، إذن، القول إن فكرة الجدار تجاوزت ترمب كثيراً، وبذلك أصبحت واحدة من أكبر مشاريع البنية التحتية في تاريخ الولايات المتحدة. ولقد أُنفق قدر يكاد لا يصدق من الجهد والمال على جزء من سياسة الحدود لم يُثبت جدواه الحقيقية لناحية الحد من الهجرة بشكل عام.
وترى وكالة دورية الحدود الأميركية The United States Border Patrol (USBP) أن جدرانها تقلل من النشاط في قطاعات معينة وتمنح العملاء مزيداً من السيطرة على الأماكن التي من المرجح أن يعبر فيها المهاجرون والمهربون الحدود، لكن البيانات على النطاق الواسع ترسم صورة أكثر تعقيداً للتأثير التراكمي للجدار.
لقد زادت الهجرة غير الشرعية خلال حملة ترمب الرئيسة لبناء الجدار الحدودي، ووصلت عمليات عبور الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك بشكل عام إلى مستويات قياسية عام 2023 فيما كان بايدن يقوم بعمليات بناء أقل بكثير. وحتى لو كان هناك جدار كامل عبر الحدود، فإن [مهربي] المخدرات مثل فنتانيل كانوا يميلون إلى عبور الحدود عند نقاط الدخول القانونية التي يسيطر عليها مواطنون أميركيون. بعبارة أخرى، يبدو أن الجدار لا يمنع الأشياء التي تم تصميمه لمنعها ولا يردعها.
وقد اتصلت "اندبندنت" بوكالة دورية الحدود الأميركية ونقابة عملاء دورية الحدود للحصول على تعليق.
الشعب يريد الجدار
ولكن هذا التنافر بين الهدف والحل كان منذ فترة طويلة جزءاً من سياسة الحدود. وأجرى زيبيدا ميلان الأستاذ في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، استطلاعات رأي عامة حول سبب دعم الناس للجدار.
قال ميلان، إن "معظم الأميركيين، حتى أولئك الذين يؤيدون الجدار، يعرفون أنه لن يؤدي إلى التأثير المزعوم، مما يفضي بعد ذلك إلى السؤال: لماذا ندعمه، لماذا نبنيه؟". وأضاف، أن "الغالبية العظمى من الناس الذين يدعمون جدران ترمب الحدودية هم أيضاً نفس الأشخاص الذين يكنون مشاعر معادية للأميركيين اللاتينيين [من أميركا الوسطى والجنوبية]، والأشخاص الذين يشعرون بعدم الارتياح للتغيرات الديموغرافية التي تحدث".
ويرى الأستاذ أن ثمة تشابهاً بين الجدار ووعود ترمب الجديدة بترحيل ملايين الأشخاص غير الشرعيين بسرعة. فقد كان ترمب يعلم، أو كان ينبغي له أن يعلم، أنه لن يكون قادراً فعلياً على بناء جدار عبر الحدود بكاملها وإجبار المكسيك على دفع ثمنه. ويعلم ترمب، أو ينبغي له أن يعلم، أن ترحيل جزء كبير من سكان البلاد غير الشرعيين من شأنه أن يؤدي إلى تدمير صناعات أميركية رئيسة مثل الزراعة والبناء. ويزعم زيبيدا ميلان أن المضي في اتباع مثل هذه السياسات رغم علامات التحذير هذه يجعل تلك السياسات مجرد إيماءات رمزية إلى حد كبير.
واعتبر زيبيدا ميلان أن "الاقتصاد سوف ينهار إذا قام [ترمب] بالفعل بترحيل 11 مليون شخص من غير المسجلين [بشكل قانوني]. وسوف يرتفع التضخم بشكل كبير".
إن السياسة حول الجدار والحدود عموماً، قد تحولت بشكل واضح إلى اليمين [أي نحو التشدد] في السنوات الفاصلة. وأظهرت استطلاعات الرأي في فبراير أن الجدار لم يكن أكثر شعبية على المستوى الوطني. وشهدت انتخابات عام 2024 تنافس المرشحين لمعرفة من يمكنه اتخاذ إجراءات أكثر صرامة على الحدود. وقد روجت كامالا هاريس لتجربتها كمدعية عامة في ولاية الحدود وألقت باللوم على ترمب لأنه قضى على مشروع قانون حدودي من الحزبين كان من شأنه أن يوفر التمويل اللازم من أجل رفع عدد العملاء على الحدود وإجراء مزيد من بناء الجدار.
وفي الوقت نفسه، لم يقلل موقف ترمب الأكثر عدوانية [حيال المهاجرين غير الشرعيين] من جاذبيته في أوساط اللاتينيين، وحقق مكاسب ملحوظة [من أصوات] الرجال اللاتينيين أثناء اكتساحه كل مقاطعات الحدود في تكساس تقريباً في الانتخابات. ومع هذا التفويض، فإن عملية عسكرة الحدود باتت في طريقها لكي تشمل كل مجتمع في البلاد.
لفتت ليزابيث دي لا كروز سانتانا، الأستاذة في كلية باروخ، إلى أن الناس يرحلون سلفاً من تلقاء أنفسهم تحسباً لخطط ترمب، في ما يبدو أن المدنيين يستعدون بشيء من الابتهاج للمشاركة في إنفاذ قوانين الهجرة. وقد رأت بعد الانتخابات، الناس على وسائل التواصل الاجتماعي وهم يتحدثون عن خططهم للاتصال بسلطات الهجرة للإبلاغ عن جيرانهم.
كانت هناك فترة اقتصر خلالها هذا النشاط على الحدود، حيث سعت الميليشيات الهواة مثل "مينوتمن" Minutemen إلى إرسال دورية الحدود لتعقب مجموعات من المهاجرين. في ظل إدارة ترمب الثانية، قد يكون الجدار الحدودي أقل أهمية، ولكن هذا فقط لأن البلاد بأكملها ستُعامل كأنها منطقة حدودية.
وختمت قائلة "الآن، أصبح لدى أي شخص القدرة على إجراء مكالمة هاتفية [مع سلطات الحدود]".
© The Independent