كشف ضابط كبير في الشرطة البريطانية أن مجموعة من الإرهابيين تدعو إلى شن هجمات على المستشفيات في المملكة المتحدة وغيرها من "الأماكن التي تعتبر أهدافاً سهلة"، في ظل تفشي وباء كورونا.
ويوزع عناصر مكافحة الإرهاب نصائح أمنية وقائية على المؤسسات التابعة لـ "الخدمة الصحية الوطنية"، وسط تحذيرات من أن المتطرفين يستغلون الوباء لتجنيد أعضاء جدد وتدريبهم على التطرف.
وقال المنسق الوطني لبرنامج مكافحة التطرف "بريفنت" ( Prevent ) لصحيفة "اندبندنت"، إن أنصار تنظيم "داعش" يحرضون الناس على استهداف الأماكن التي تبدو أهدافاً أكثر سهولة".
وأوضح نيك آدامز، وهو ضابط شرطة رفيع، برتبة "تشيف سوبر انتيندنت" التي تعادل العقيد في الجيش، أن الجهاديين كانوا يدعون إلى شن هجمات خلال فترة الإغلاق على أمل "تشتيت انتباه الشرطة وأجهزة الأمن واستنفاد طاقتها". وأضاف "نرى حالياً البعض يستغلون الظروف الراهنة للتشجيع على أعمال العنف... لكن الحقيقة هي أننا على استعدادٍ تام لأي احتمال من هذا القبيل، ونراقب على الدوام أي كتابات تُنشر حول العالم".
وتابع آدامز "نتعاون بشكل وثيق مع الزملاء في أنحاء دول "تحالف العيون الخمس"، من خلال أكاديميين وشبكات استشارية مجتمعية، بهدف مراقبة كيفية تبادل مثل هذه المعلومات وتسريبها، والحرص على تعديل نصائح الحماية الوقائية بحيث تصبح مناسبة للأماكن التي قد تُعتبر أهدافاً أكثر سهولة حالياً". يُذكر أن "تحالف العيون الخمس" يضم استخبارات الدول الناطقة بالإنجليزية: المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلاندا.
يذكر أن تنظيم "داعش" شكل مصدر إلهام لكثير من الهجمات حول العالم من خلال حض أنصاره على ارتكاب مذابح ضد "أهداف سهلة" منها مناطق الجذب السياحي ومراكز النقل. لكن مع تطبيق إجراءات الإغلاق، أصبحت المستشفيات من أشد الأماكن ازدحاماً في البلاد بينما تبدو الأهداف المذكورة سابقاً مقفرة من دون البشر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتُوزع المشورة الأمنية التي يعدها "مكتب الأمن القومي لمكافحة الإرهاب" بشكل روتيني على المراكز والمرافق الكبيرة وأماكن العبادة وغيرها من الأماكن التي تجذب الحشود.
وكان إرهابيون وجماعات مسلحة قد هاجموا المستشفيات في بلدان عدة، مثل المذبحة التي أقر بها تنظيم "داعش" داخل مستشفى عسكري في كابول عاصمة أفغانستان في عام 2017. وعادةً ما تقع اعتداءات من هذا النوع في الوقت الذي تشهد المنطقة نزاعاً مستمراً.
وقال آدامز "نبحث حالياً عن أدلةٍ تشير إلى أن أشخاصاً يتأهبون لارتكاب أعمال عنف بسبب تبنيهم بعض السرد الذي تبثه مصادر الدعاية في تنظيم داعش". وحذر من استخدام المجموعات المتطرفة نظريات المؤامرة المرتبطة بفيروس كورونا كـ "فخ" لتجنيد أشخاص جدد.
معلومٌ أن إقفال المدارس وارتفاع معدلات البطالة وتمديد إجراءات الإغلاق، كلها عوامل من شأنها أن تدفع بعددٍ أكبر من الأفراد إلى قضاء مزيدٍ من الوقت على شبكة الإنترنت، غالباً بمفردهم، ما يمكن أن يجعلهم عرضةً أكثر من ذي قبل للتضليل بالأساليب والطرق التكتيكية التي تتبعها هذه المنظمات.
وأشار آدامز إلى أن الادعاءات الكاذبة التي تربط تكنولوجيا الجيل الخامس من الاتصالات G5 بانتشار فيروس كورونا، تخضع "لرقابة شديدة" من جانب شرطة مكافحة الإرهاب. وأضاف أن هذه الروايات "تروج لها مجموعات اليمين المتطرف كفخ لاجتذاب الأفراد إلى منتديات الدردشة، حيث يمكنها بعد ذلك التحدث عن نظريات مؤامرة مختلفة ذات صلة بالكراهية، وحمل المخدوعين على تصديق رواياتهم".
ولفت إلى أنه "بدءاً من هذه المرحلة، ستتمكن مجموعات التطرف من تحديد الأفراد الأكثر عرضةً للخداع، لتقوم بعد ذلك بتشجيعهم وبث روح التطرف في نفوسهم ومن ثم توجيههم نحو القيام بعمليات إرهابية".
وتشعر الشرطة بالقلق حيال الأشخاص الأكثر عرضةً للوقوع في شرك هذه المنظمات بسبب معاناتهم من مشكلات تتصل بالصحة العقلية، أو نتيجة عوامل أخرى في حياتهم، ممن التمسوا مشورة المعلمين والاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين ومراكز مساعدة المدمنين على المخدرات، وتخشى استسلامهم لهذه المجموعات خلال فترة الإغلاق.
واوضح آدامز "أننا نزداد قلقاً ليس فقط بشأن قضاء فئة الشباب فتراتٍ طويلة على شبكة الإنترنت، بل أيضاً بسبب تأثير العزلة وأنماط الخطر المتغيرة عليهم". وزاد "أخشى أن الفرصة تسنح حالياً أكثر مما مضى للناس بقضاء وقت أطول في "غرف الصدى المغلقة" وفي منتديات الدردشة عبر الإنترنت، التي تعزز رواج الروايات الزائفة والكراهية والخوف والارتباك، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في بث التطرف في نفس الفرد... على المدى القصير، هناك فجوات في الخدمات القانونية لجهة رصد مثل تلك التغييرات والتدخل لحماية الأفراد".
في سياق متصل، انخفضت الإحالات بسبب المخاوف من التطرف إلى برنامج "بريفنت" ، منذ بدء الإغلاق جراء جائحة كورونا. وقال ضابط الشرطة الرفيع المستوى إنه يخشى أن ذلك "يعني أن الناس لا يرون بعض هذه التغيرات السلوكية لدى آخرين، ولا يلتمسون المساعدة".
وأردف آدامز "ما زلنا ندعم بشكل فاعل الأشخاص الذين نعرف أنهم عرضة للوقوع في فخ التطرف، لكن التحدي يتمثل في جميع أولئك الذين لا نعرفهم في الوقت الراهن بسبب كل أشكال الحماية التي لم توضع موضع التطبيق".
يذكر أن المجموعة الأكبر (38 في المئة) من أصل ما يزيد على 5700 شخص أُحيلوا إلى برنامج "بريفنت" في عامي 2018 و2019، كانت مؤلفة من أشخاص تبنوا "أيديولوجية مختلطة، وغير مستقرة أو غير واضحة"، ويأتي بعدهم أشخاص مشتبه بانتمائهم إلى مجموعات إسلامية، ثم متطرفون من أقصى اليمين، بنسبة 24 في المئة لكل من الفئتين الأخيرتين.
واللافت أن المجموعة العمرية الأكبر بين هؤلاء كانت من الأطفال والشباب في سن العشرين أو أقل، وجاءت ثلث الإحالات من العاملين في مجال التعليم الذين هم ملزمون بإثارة المخاوف رسمياً بموجب برنامج "بريفنت" المثير للجدل.
وكانت الحكومة قد أعلنت عن مراجعةٍ مستقلة للبرنامج في يناير (كانون الثاني) عام 2019، لكنها وقعت في تناقض أدى إلى تنحي الخبير المكلف قيادة المراجعة، وذلك بسبب اعتراض قانوني. وتلقى برنامج "بريفنت" العام الماضي بلاغات عن أشخاص بنسبة 4 في المئة فقط ، من أصدقائهم أو أفراد أسرتهم أو أعضاء في المجتمع.
وناشد ضابط الشرطة آدمز الجميع تقديم الدعم. وقال إن "الأصدقاء المقربين وأفراد العائلة الذين ما زالوا يتفاعلون مع الناس في المنزل وعلى الإنترنت، يمكنهم اكتشاف هذه التغييرات في السلوك واللغة، ومعرفة أن شخصاً ما قد بدأ يصدق فعلاً بعض هذه الروايات المضللة ويؤمن بها". ولفت إلى أن "هؤلاء هم الذين عليهم أن ينتهزوا الفرصة للتواصل معنا والحصول على المشورة والمساعدة".
( يمكن العثور على النصائح المتعلقة بالأمان عبر الإنترنت على موقع Let's Talk About It)
© The Independent