عكست أسعار النفط اتجاهها نحو الصعود، بعد تراجعها في وقت مبكر، حيث زادت العقود الآجلة للنفط بمكاسب جديدة، بعد أن قفز خام برنت حوالي 6 في المئة، إلى 21.15 دولار للبرميل، فيما صعد الخام الأميركي 5 في المئة، إلى 14.44 دولار للبرميل.
في الوقت ذاته قفزت الأسهم الأميركية عند الفتح، بدعم من جولة جديدة من نتائج الأعمال الفصلية الإيجابية، حتى في ظل استعداد المستثمرين لهبوط محتمل في بيانات ثقة المستهلكين في وقت لاحق.
وصعد المؤشر داو جونز الصناعي 223.39 نقطة، بما يعادل 0.93 في المئة، إلى 24357.17 نقطة، وفتح المؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرتفعا 31.48 نقطة، أو 1.09 في المئة، إلى 2909.96 نقطة، وزاد المؤشر ناسداك المجمع 95.52 نقطة، أو 1.09 في المئة أيضا، إلى 8825.69 نقطة
وكانت أسعار النفط قد تراجعت مع مخاوف تضاؤل طاقة التخزين العالمية، إضافة إلى تنامي المخاوف من تأخر تعافي الطلب على الوقود في وقت بدأت الدول في تخفيف القيود المفروضة على الحياة الاقتصادية.
وفي ساعات الصباح الأولى نزل سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنسبة 12.8 في المئة أو 1.64 دولار إلى 11.14 دولار في التعاملات المبكرة بتداولات الثلاثاء، كما هبط خام القياس العالمي "برنت" إلى 18.85 دولار بتراجع 4.3 في المئة ما يعادل 85 سنتاً إلى 19.14 دولار للبرميل.
وفي هذا الصدد، قال محللون ومختصون إن سبب تراجع الخام الأميركي يرجع إلى أن صندوقاً استثمارياً كبيراً يقوم بالتخارج بالكامل من عقود يونيو (حزيران)، وذلك لشراء عقود مستقبلية تجنباً لانهيار الأسعار، كما حدث في عقود مايو (أيار) السابقة فيما عرف بـ"الاثنين الأسود"، ما أدى إلى اتّساع الفارق السعري بين عقدي يونيو ويوليو للخام الأميركي.
في حين أكد مختصون في شؤون النفط أن التراجع في عقود تسليم يونيو تأتي وسط ضعف طاقة التخزين العالمية، مما أثار مخاوف من أن معظم التخفيضات في الإنتاج لن تأتي بنتائج سريعة لتعويض انهيار الطلب، في ظل ارتفاع مخزونات الخام الأميركي إلى 518.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 17 أبريل (نيسان).
انهيار الأسعار متوقع
وفي هذا الشأن، قال المستشار النفطي الدولي، محمد الصبان، إن استمرار انهيار النفط متوقع في ظل مشكلة فائض المعروض العالمي وارتفاع حجم المخزونات، لا سيما على عمليات التخزين في الولايات المتحدة، والتي انعكست على أسعار خام غرب تكساس الأميركي، والتي تأثرت بارتفاع تكلفة التخزين.
وأضاف الصبان أن "هناك تخوفاً من تكرار سيناريو انهيار سعر الخام الأميركي مثلما حدث في عقود مايو، والذي كان بالسالب، فالظروف لا زالت هي نفسها. حالة عدم اليقين لا زالت مسيطرة والفائض النفطي كما هو، وليس هناك تحسن في الطلب العالمي بالرغم من العودة التدريجية لنشاط الاقتصاد العالمي".
وأشار إلى لجوء الشركات الأميركية للتخزين في الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي للمرة الأولى في التاريخ، في ظل فائض بالإنتاج غير مسبوق، نتيجة انخفاض الطلب بسبب إجراءات مواجهة كورونا.
وتوقع المحلل النفطي أن تستمر الأسعار في الانخفاض الشديد خلال الفترة المقبلة في ظل استمرار العوامل الحالية، مضيفاً "بالطبع سيأخذ الطلب وقتاً ليس بالقليل لاستعادة النمو بقوة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع الصبان "هناك الكثير من حالات عدم اليقين تحيط بالطلب والمعروض النفطي، كما لا نعرف مدى الاستجابة من دول مثل كندا والنرويج والبرازيل وغيرها ممن لم ينضم إلى اتفاق تحالف أوبك +، وبالتالي فإن هذه المشكلة قائمة في الفترة المقبلة".
ومع اقتراب تطبيق اتفاق أوبك+، قال الصبان "ليس أمام التحالف إلا الالتزام الجاد لأن هذا يضرّ بالجميع في وقت تشتد فيه الأزمة بشكل كبير، بخاصة في ظل تزايد المخزونات والتي تؤثر على حركة الأسعار الحالية".
وزير الطاقة الروسي: المخزون يؤثر على الأسعار
من جانبه، قال وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، إن أسواق النفط ستبدأ التوازن فور سريان اتفاق خفض إنتاج النفط في مايو، لكن من المرجح عدم حدوث زيادة كبيرة في الأسعار في المستقبل القريب بسبب ارتفاع مستويات المخزون العالمي.
وأضاف نوفاك لمجلة داخلية تصدرها الوزارة، الثلاثاء "لكن يتعين ألا نتوقع زيادة ملحوظة في سعر البرميل في المستقبل الأقرب بسبب ارتفاع المخزونات".
وكشفت بيانات شركة "كبلر للمعلومات" أن الطلب على الوقود تراجع 30 في المئة عالمياً وأصبحت أماكن التخزين ثمينة، حيث امتلأ نحو 85 في المئة من مناطق التخزين البرية في أنحاء العالم حتى الأسبوع الماضي.
بي بي البريطانية تتكبد خسائر قاسية
وفي دلالة على معاناة صناعة النفط حول العالم، أعلنت شركة "بي بي" البريطانية، عن خسارة صافية بقيمة 4.4 مليار دولار في الربع الأول من 2020 على خلفية التدهور الكبير بسوق النفط متأثرة بتدابير احتواء "كوفيد-19".
وتواجه "بي بي"، كما القطاع النفطي كاملاً، أزمة غير مسبوقة، نتج عنها انهيار كبير لأسعار النفط في مارس، بفعل توقف النشاط العالمي.
وذكرت المجموعة، في بيان، أنها حققت قبل عام ربحاً صافياً قدره 2.9 مليار دولار، وجاء انهيار سعر الخام الأميركي إلى ما دون الصفر في أبريل (نيسان) ليزيد الأمور سوءاً للقطاع والمجموعة.
وتتأثر المجموعة بالسوق الأميركية على وجه خاص، منذ إعادة شراء أصولها في النفط الصخري مقابل أكثر من 10 مليارات دولار من جانب شركة "بي أتش بي" للتعدين في عام 2018.
وأوضحت "بي بي" أن الانخفاض الكبير في الطلب، بسبب العزل والقيود على التنقل، أدى إلى امتلاء قدراتها التخزينية، ما يؤثر بشدة على الأسعار.
في الوقت نفسه، قالت المجموعة إن جهود أوبك وشركائها بخفض الإنتاج بعشرة ملايين برميل في اليوم، لن تسهم على المدى القصير بإعادة التوازن إلى السوق.
وتتنظر "بي بي" أن ينخفض إنتاجها أكثر في الربع الثاني من العام مقارنة مع الربع الأول، في وقت تباطأت فيه أيضاً عمليات التكرير.
وتراجع إنتاج المجموعة في الربع الأول بنسبة 2.8 في المئة على أساس سنوي إلى 3.7 مليون برميل في اليوم.
ولتخفيف آثار الصدمة، أعلنت "بي بي" أنها وضعت سلسلة تدابير، بينها خفض بنسبة 25 في المئة لتكاليفها الاستثمارية، تعادل 12 مليار دولار هذا العام، بجانب تنفيذ برنامج يستهدف توفير 2.5 مليار دولار، يطبق حتى أواخر عام 2021، عبر التركيز على الإطار الرقمي.