بعد أيام من إعلان إلغاء تطبيق عقوبة "الجلد" تعزيراً كعقوبة قضائية في السعودية، أشادت هيئة حقوق الإنسان المحلية بأمر ملكي أشارت له في بيان يقضي "بإلغاء" الذين ارتكبوا جرائم كان الحكم فيها يصل للإعدام قبل أن يبلغوا سن الرشد ليحل بديلا عنها "السجن 10 سنوات".
واعتبر رئيس الهيئة، عواد العواد، في تغريدة نشرت عبر الحساب الرسمي للهيئة أن "السعودية ماضية في إجراء إصلاحات جوهرية تساعد على تأسيس قانون أكثر حداثة"، معتبراً ما تم استحداثه خطوة مهمة على طريق تطوير القضاء.
وبحسب بيان هيئة حقوق الإنسان في السعودية، فإن العقوبة البديلة لمن ارتكب جرماً يستوجب الإعدام وهو قاصر هي السجن 10 سنوات، يمضيها المدان في دور إصلاح الأحداث.
وأكد العواد أن "خطوات من هذا النوع بإمكانها أن تعزز خطوات الإصلاح في السعودية"، آملاً في أن تسهم بخلق حياة أفضل لجميع المواطنين والمقيمين.
العقوبات البديلة
وفي تعليق للقانوني السعودي، نايف آل منسي، أكد أن هذا التعديل لم يكن الأول وإن كان الأكثر لفتاً للنظر، موضحاً أن "السعودية عملت منذ فترة على إصلاحات كبيرة في القضاء عن طريق تطبيق العقوبات البديلة التي عادة ما تأتي لتهذيب وتحسين سلوك المدان أكثر من ردعه وتعنيفه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن آل منسي ينوه بضرورة التفريق بين "الإعدام والقصاص"، وهما أمران مختلفان عن بعضهما، فالإعدام هو الحكم بالقتل تعزيراً تضمنه التعديل الوارد في الأمر الملكي، وهو الحكم الذي كان يحكم به المدان إن كان عمره ما بين الـ15- 18 عاماً، وهو في هذه السن يعتبر قاصراً، لكنه لم يوضح بعد في التعديل الجديد.
أما القصاص، كما يقول آل منسي، فهو من الأحكام الشرعية التي لا تسقط، كتطبيق الحدود في السرقة أو الاعتداء، أو حتى الإعدام، إذا أدين في قضية قتل بعد سن البلوغ.
ويرى المحامي والمستشار القانوني تركي السلمي أن آلية تطبيق الأمر الملكي ستتم في أمرين "إيقاف تنفيذ عقوبة القتل تعزيراً على الأحداث المحكوم عليهم بموجب أحكام قطعية بطلب إعادة نظر النيابة العامة" و"عدم الحكم بالقتل تعزيراً على المتهمين القصّر الذين ما زالوا في مرحلة المحاكمة".
ويقول السلمي "في قانون الأحداث الصادر قبل عامين كان يحدّ من الحكم على الأحداث بالعقوبات السالبة للحرية، وإحلال عقوبات بديلة كـ(التوبيخ والتحذير)، كما تنصّ قوانين البلاد أيضاً على إيداع الأحداث في دور الرعاية وعدم نقلهم للسجن، وهذا أمر يصبّ في مصلحة القاصر لإعادة تهذيبه"، بحسب قوله.
إيقاف "الجلد"
ولم يأتِ هذا القرار بشكل مفاجئ رغم أهميته ومحوريته في تغيير طريقة تعامل القضاء مع الأحكام، إلا أنه أتى بعد أيام من إصدار المحكمة العليا في البلاد، قراراً بإلغاء عقوبة الجلد بما يتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والاكتفاء بدلا عن ذلك بالحكم بعقوبة بديلة كـ"الالتزام بتقديم خدمات اجتماعية".
وأفادت الوثيقة التي أصدرتها المحكمة بأن "هذا القرار يأتي في إطار الإصلاحات والتطورات المتحققة في مجال حقوق الإنسان، بعد أن كانت المحاكم في السعودية تحكم بالجلد في الأماكن العامة لمدانين في بعض المخالفات التي يدينها القضاء المحلي".
وكانت أخبار إلغاء الحد قد شاعت في وسائل الإعلام المحلية، بعد أن أعلنت عضو مجلس الشورى السعودي لطيفة الشعلان، عن قرار وقف استخدامه في العقوبات التعزيرية، ما يعني أن العقوبة ستمحى بشكل شبه نهائي. وقالت الشعلان، الناشطة في قضايا حقوق الإنسان، على حسابها في "تويتر" إن "إصلاحاً مهماً يستحق التقدير والإشادة (قد تم)، وهو إلزام المحاكم بعدم إصدار أحكام بالجلد في العقوبات التعزيرية، والاكتفاء بالسجن والغرامة والعقوبات البديلة وفق الأنظمة، وعدم الخروج عن هذا المبدأ بأي حال".