شهدت أسواق الأسهم الغربية تراجعات بوتيرة قياسية في فبراير (شباط) ومارس (آذار) حين شعر المستثمرون والمضاربون أخيراً بخطورة جائحة كوفيد-19.
وكانت وتيرة هبوط الأسهم الأميركية أسرع حتى منها خلال انهيار وول ستريت في عام 1929. لكن تغيراً مفاجئاً في مسار الأمور إلى الأحسن يحصل منذئذ.
فابتداءً من 23 مارس، ارتفعت الأسعار أكثر من 20 في المئة في الولايات المتحدة، ما جعل السوق عملياً "سوقاً صاعدة".
وحل مؤشر "فوتسي 100" في المملكة المتحدة لمدة وجيزة في مصاف الأسواق الصاعدة في وقت مبكر من هذا الأسبوع.
واللافت أكثر في هذه الارتفاعات التي سجلتها أسعار الأسهم أنها ترافقت مع توقعات شبه كارثية لمعدلات البطالة والنمو.
وشهد مؤشر "داو جونز" الأميركي في أواخر مارس، أفضل أسبوع له منذ عام 1938، وهو الأسبوع نفسه الذي طلب فيه عدد غير مسبوق من الأميركيين (3.3 مليون شخص) مساعدات بطالة.
فما الذي يمكن أن يفسّر هذا الانبعاث اللافت للأسهم؟ وإذا كان الاقتصاد يتجه إلى أسوأ تراجع له منذ الحرب العالمية الثانية، هل يمكن لارتداد الأسهم أن يستمر؟
المصارف المركزية تهب للنجدة
فقد التزمت كبرى المصارف المركزية في الولايات المتحدة وأوروبا والمملكة المتحدة بإعادة شراء ما قيمته مئات المليارات من الدولارات واليوروهات والجنيهات الإسترلينية من الأصول المالية في الأسابيع الأخيرة. والتزم مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي بشكل أساسي بتنفيذ مشتريات غير محدودة ووسع أيضاً وبشكل كبير جداً النطاق الخاص بأنواع الأصول المالية التي سيشتريها.
ويرى البعض أن الدعم الحكومي الأميركي الملموس للأسهم كان الدافع الرئيسي وراء تعافي سوق الأسهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول نيك كولاس من مؤسسة "داتا تريك" للبحوث: "حين تبعدون خطر الإفلاس القريب الأجل عن كل شركة مدرجة في البورصات، بغض النظر عن تصنيفها الائتماني أو وضعها المالي القريب الأجل، يجب أن ترتفع أسعار الأصول.
"فالأسواق تعرف أن ثمة قرضاً داعماً من مجلس الاحتياط الفيدرالي يستعد للدخول على الخط، بغض النظر عن مدى السوء الذي يسم التدفق النقدي".
وحتى لو لم يعنِ الأمر إنقاذاً مباشراً، فهذا الإحساس الملموس بالدعم يتمتع بالأهمية، على حد تعبير أوليفر ماريكوت العامل في مؤسسة "يونيجسشن" لإدارة الأصول.
ويقول "طالما استمر الدعم غير المحدود، ستكون مخاطر التراجع التي ترافق الاحتفاظ بأصول محفوفة بالخطر محدودة".
علاجات فيروس كورونا في الأفق
ومالت الأسواق إلى الارتفاع على ضوء تقارير إيجابية عن تجارب على عقاقير وتقارير إخبارية عن لقاحات.
وكان سهم "جلعاد للعلوم"، وهي مؤسسة تعمل على "رمديسفير" كعلاج محتمل لكوفيد-19، من أفضل الأسهم الأميركية أداءً هذا العام.
ويعتقد بعض المحللين بأن الأخبار الطبية أدت دوراً مهماً في تعزيز معنويات المستثمرين بشكل أوسع.
ويقول دينيس دوبوشير العامل في مؤسسة "إفر سكور آي إس آي" الاستشارية: "يمكنني القول إن معظم الارتداد عن المستويات المتدنية [لأسعار الأسهم] يرتبط بالتطورات على صعيد الرعاية الصحية. فمعظم الناس يعتقدون بأننا سنحصل على نوع ما من لقاح".
عين الأسواق على القادم
تفيد نظرية أسواق الأسهم بأن هذه الأسواق تتطلع إلى الأمام وليس إلى الحاضر. ويعتقد البعض بأن سبب قفزة الأسهم يعود إلى أن المشاركين في الأسواق يتوقعون الآن تعافياً سريعاً.
ويقول نايجل غرين العامل في مؤسسة "دوفير غروب" للاستشارات المالية: "مع اكتساب المستثمرين الثقة، هم يتوقعون الآن انتعاشاً اقتصادياً على شكل الحرف V بعد انحسار الجائحة.
"وتكون حيوية المستثمرين معدية. ففيما تصعد الأسواق في شكل ثابت، ولا تزعجها البيانات الاقتصادية الضعيفة الصادرة أخيراً والمتعلقة بذروة الجائحة، يمكن أن نتوقع أن الارتفاع سيتعزز أكثر بفضل شعور المستثمرين بالخوف من تفويت الفرصة".
هل سيستمر الانتعاش؟
يتعذر جواب السؤال هذا بأي قدر من الثقة. فالمراهنون على السوق الصاعدة قد يكونون على حق، ولاسيما إذا حصلنا على انتعاش اقتصادي أقوى مما يخشاه كثر. لكن بعضهم يرون أن الأسهم قد تنهار من جديد. ولن يكون الأمر غير مسبوق.
فأسعار الأسهم ارتفعت لبضعة أشهر بعد انهيار وول ستريت، لكنها ما لبثت أن هوت، واستمرت متاعب السوق خلال السنوات الثلاث التالية.
ويقول المحلل المخضرم غاري شيلينغ: "يبدو الصعود صعوداً لسوق هابطة، على غرار ما حصل بين عامي 1929 و1930 ومع تراجع بنسبة 30 إلى 40 في المئة سيصيب الأسهم مع امتداد الركود العالمي العميق إلى عام 2021".
© The Independent