قررت الولايات المتحدة سحب دبلوماسييها المتبقيين في سفارتها بالعاصمة الفنزويلية كراكاس، وفق ما أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مساء الاثنين.، 11 مارس (آذار).
وكتب بومبيو على تويتر أنّ "القرار يعكس الوضع المتدهور في فنزويلا، بالإضافة إلى أنّ وجود موظفين دبلوماسيين أميركيين في السفارة أصبح يشكّل قيداً على السياسة الاميركية".
وانتقد بومبيو كوبا وروسيا لدعمهما نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي تريد واشنطن إطاحته عن السلطة.
ورفض اتهامات مادورو أن الولايات المتحدة مسؤولة عن انقطاع الكهرباء واسع النطاق الذي ضرب فنزويلا منذ الخميس الفائت، وعوضاً عن ذلك وجّه أصابع الاتهام إلى الطبيعة الاشتراكية لحكومة الزعيم الفنزويلي.
وفيما لم يعلن عن تدابير جديدة ضد مادورو أو لدعم زعيم المعارضة خوان غوايدو، الذي أعلن نفسه رئيساً بالوكالة واعترفت به 50 دولة من بينها الولايات المتحدة، هاجم بومبيو "الدور المركزي الذي لعبته كوبا وروسيا وتواصلان لعبه في تقويض الأحلام الديمقراطية للشعب الفنزويلي ورفاهيته".
تابع أنّ "كوبا هي القوة الإمبريالية الحقيقية في فنزويلا"، مستنكراً "الحماية المادية وغيرها من الدعم المادي والسياسي الحاسم لمادورو ولمن حوله".
وقال ساخراً "عندما لا توجد كهرباء، أشكر أعجوبة الهندسة الكوبية الحديثة"، و"عندما لا توجد مياه، أشكر علماء المياه الممتازين من كوبا"، و"عندما لا يوجد طعام، أشكر الزعماء الشيوعيين الكوبيين".
وانتقد بومبيو موسكو، قائلاً إن "روسيا خلقت هذه الأزمة"، بما في ذلك عن طريق تزويد فنزويلا بالأسلحة.
عقوبات مصرفية
في ظلّ السعي الأميركي إلى تشديد الضغوط على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو المدعوم من روسيا، باشرت الولايات المتحدة يوم الإثنين 10 مارس (آذار)، تنفيذ تهديدها بمعاقبة الشركات الأجنبية التي تدعم مادورو، عبر فرض عقوبات على مصرف "افروفينانس موسناربنك" الروسي، وذلك بسبب مبادلاته مع مجموعة النفط الفنزويلية العامّة "بي دي في اس ايه"، التي أُدرجت في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي على اللائحة السوداء الأميركية.
وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين في بيان "هذه الخطوة تؤكد أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات ضد المؤسسات المالية الأجنبية التي تدعم نظام مادورو غير الشرعي، وتسهم في الانهيار الاقتصادي والأزمة الإنسانية التي تشكّل آفات للشعب الفنزويلي".
بفعل هذه العقوبات، ستُجمّد كل أصول مصرف "افروفينانس موسناربنك" في الولايات المتحدة، وسيُمنع على المواطنين الأميركيين التعامل معه. علماً أنّ هذا المصرف يوصف بأنّه ملكية مشتركة بين شركات روسية وأخرى فنزويلية حكومية.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلنت الأسبوع الماضي توسيع العقوبات لتشمل المؤسسات المالية الأجنبية "المتورطة في المساعدة في معاملات غير قانونية يستفيد منها نيكولاس مادورو وشبكته الفاسدة". وتشمل العقوبات أيضاً تجميد أصول كبار مسؤولي الحكومة الفنزويلية في الولايات المتحدة، وحظر حصولهم على تأشيرات للدخول إلى أراضيها.
وقف شراء النفط الفنزويلي
في إطار الجهود الأميركية لقطع التمويل عن مادورو لإجباره على التنحّي، كشف كبير مبعوثي واشنطن إلى فنزويلا، إليوت أبرامز، عن أن بلاده تحضّ الهند على وقف شراء النفط من الحكومة الفنزويلية.
وقال أبرامز في مقابلة مع وكالة "رويترز" إن الولايات المتحدة تقول للهند "يجب عليكم عدم مساعدة هذا النظام، عليكم أن تقفوا إلى جانب الشعب الفنزويلي". وأشار إلى أن إدارة ترمب أرسلت الرسالة ذاتها إلى حكومات أخرى، إضافة إلى المصارف والشركات الأجنبية التي تعمل مع مادورو.
يُشار إلى أن السوق الهندية مهمّة للاقتصاد الفنزويلي، لأنّها تمثل تاريخياً ثاني أكبر الزبائن لأنها تدفع ثمن النفط الخام الفنزويلي نقداً بعد الولايات المتحدة، التي سلّمت إلى غوايدو السيطرة على معظم هذه العائدات.
غوايدو يعتزم إعلان الطوارئ
بعد انقطاع الكهرباء الذي أغرق البلاد في الفوضى منذ الخميس 7 مارس (آذار) الحالي، أعلن البرلمان الفنزويلي حال الطوارئ بناءً على طلب غوايدو، الذي أعلن نفسه رئيساً بالوكالة. وكان غوايدو أعلن في وقت سابق إنّه سيدعو البرلمان إلى التصويت، الإثنين، على إعلان حال الطوارئ، مستفيداً من العطل الكهربائي، آملاً أن يسهّل مثل هذا الإعلان إدخال المساعدات الإنسانية إلى البلاد، بعدما أقفل مادورو الحدود البرية منعاً لدخولها.
وقال زعيم المعارضة، الأحد، إنّه سيطلب "الإثنين من الجمعية الوطنية إعلان حالة الطوارئ لإتاحة إدخال المساعدة الانسانية"، وهذا ما سيسمح "بطلب مساعدة دولية". أضاف "يجب أن نتصدّى الآن لهذه الكارثة".
اتهامات متبادلة
عاد التيار الكهربائي الأحد إلى بعض أحياء العاصمة كاراكاس، بعد عودة قصيرة الجمعة والسبت مرتين لفترة محدودة. ومع تجاوز مدة الانقطاع 72 ساعة بعد ظهر الأحد، أعلنت الحكومة يوم الإثنين عطلةً للموظفين والمدارس، داعيةً المواطنين إلى "الهدوء".
أدّى هذا الانقطاع إلى وفاة 15 مريضاً في المستشفيات التي لا تمتلك سوى قلّة منها مولّدات كهرباء، وفق ما أفادت به منظمات غير حكومية.
في المقابل، نفى وزير الصحة كارلوس ألفارادو صحّة هذه التقارير، بعدما حافظ على صمته منذ بداية الأزمة.
من جهته، استنكر مادورو "هجوماً إلكترونياً" سبّب أعطال الكهرباء، متّهماً الولايات المتّحدة بشنّ "حرب الكهرباء" على بلاده. كذلك أكدت الحكومة الفنزويلية أنها ستزوّد الأمم المتحدة "أدلة" تثبت تلك الاتهامات.
أما غوايدو فرأى أنّ تلك الاتهامات "سيناريو هوليوودي"، معتبراً أنّ السبب الحقيقي للعطل هو نقص الصيانة والاستثمار في الشبكة الكهربائية التي أُمّمت في العام 2007.
كذلك اتّهمت 11 دولة من مجوعة ليما (تضمّ 13 دولة من أميركا اللاتينية والكاريبي، إضافة إلى كندا) "الحكومة غير الشرعية التي يقودها مادورو" بالمسؤولية "حصراً" عن العطل في الشبكة الكهربائية.