ضربت المخاطر العنيفة التي أوجدها فيروس كورونا خطط الحكومة المصرية، سواء في ما يتعلق بمعدلات النمو أو تراجع الإيرادات العامة أو العجز أو البطالة والتضخم، ما دفعها إلى تغيير خططها في اللحظات الأخيرة التي سبقت إقرار مجلس النواب المصري لموازنة العام المالي المقبل 2020 - 2021.
وفي إطار عرضه لبنود الموازنة الجديدة، قال وزير المالية المصري محمد معيط، إن الحكومة افترضت ثلاثة سيناريوهات لمستهدفات موازنة العام المالي الجديد في ضوء التحليلات الدقيقة لتقييم التأثيرات السلبية لأزمة كورونا بالموازنة.
وأوضح أنه من المتوقع انخفاض الإيرادات العامة من 1.288 تريليون جنيه (79.506 مليار دولار) التي كانت مستهدفة في العام المالي المقبل قبل الجائحة إلى 1.2 تريليون جنيه (74.074 مليار دولار) بنسبة انخفاض تبلغ نحو 6.8 في المئة، وزيادة العجز الكلي من 6.3 في المئة إلى 7.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتراجع الفائض الأولي من 2 إلى 0.7 في المئة.
وفي حالة استمرار الوباء حتى نهاية عام 2020، ومن ثمّ زيادة الأعباء والصدمات على بنود الإيرادات ستنخفض الإيرادات العامة من 1.288 تريليون جنيه (79.506 مليار دولار) إلى 1.148 تريليون جنيه (70.864 مليار دولار) بنسبة انخفاض تبلغ نحو 11.5 في المئة، ويرتفع العجز الكلي إلى 8.4 في المئة، مع تقديرات بتسجيل عجز أولي بنسبة 0.1 في المئة.
أما السيناريو الثالث فقد وضع افتراض امتداد الجائحة حتى منتصف عام 2021، ليقدر انخفاض الإيرادات العامة من 1.288 تريليون جنيه (79.506 مليار دولار) إلى 1.108 تريليون جنيه (68.395 مليار دولار) بنسبة انخفاض تبلغ نحو 14.1 في المئة، وارتفاع العجز الكلي إلى مستوى 9 في المئة، وتسجيل عجز أولي بنسبة 0.7 في المئة.
موازنة بـ135 مليار دولار للعام المالي الجديد
وقبل يومين، أقر مجلس النواب المصري موازنة العام المالي الجديد 2020 - 2021 بقيمة إجمالية تبلغ نحو 2.2 تريليون جنيه (135.802 مليار دولار)، حيث تتضمن 1.7 تريليون جنيه (104.938 مليار دولار) للمصروفات بزيادة 138.6 مليار جنيه (8.55 مليار دولار) عن موازنة العام المالي الحالي 2019 - 2020.
وزير المالية المصري أشار إلى أن حكومة بلاده انتهجت سياسة استباقية مرنة للتعامل الفوري مع الآثار السلبية لفيروس كورونا، على النحو الذي يُسهم في احتواء الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، والحفاظ على المسار الاقتصادي الآمن للدولة. ولفت، إلى أن الحكومة تتابع عن كثب تداعيات الجائحة وتتخذ كل القرارات والإجراءات اللازمة لاستيعابها دون مبالغة في رد الفعل، مع الحرص الكامل على الخطوات الاستباقية.
وأضاف، "إعطاء أولوية متقدمة لضمان التمويل الكافي لتلبية الاحتياجات الأساسية من السلع والأغذية والمستلزمات الطبية، والتخطيط المستدام لمواجهة أي تقلبات قد تطرأ في ظل الاضطراب الحالي لسلاسل التوريد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حزمة التحفيز لم تُخل بالمستهدفات متوسطة المدى
وأشار الوزير المصري إلى أنه خلال شهر مارس (آذار) الماضي تم ضخ حزمة مالية تبلغ 100 مليار جنيه (6.172 مليار دولار) بما يُعادل 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للتعامل مع تداعيات فيروس كورونا ومساندة الفئات والقطاعات المتضررة. وقال إن هذه الحزمة تضمنت بعض التدابير الداعمة المؤقتة التي لا تُخل بالمستهدفات متوسطة المدى والمؤشرات المالية، إضافة إلى تمويل التدابير الأولية التي كان من المخطط تنفيذها في يوليو (تموز) المقبل ومنها مثلاً خفض أسعار الطاقة للقطاع الصناعي.
كما تمت إتاحة مخصصات مالية إضافية بنحو 11 مليار جنيه (0.679 مليار دولار) لدعم القطاع الصحي بالدولة بمختلف مؤسساته على مستوى الجمهورية، وتلبية الاحتياجات الملحة والحتمية من الأدوية والمستلزمات الطبية بما يُمَّكن هذا القطاع الحيوي من اتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية لفيروس كورونا.
وأشار إلى أنه تم ضخ 3 مليارات جنيه (185 مليون دولار) خلال الفترة من أبريل (نيسان) وحتى يونيو (حزيران) الحالي لدعم صندوق تنمية الصادرات وتوفير سيولة إضافية للمصدرين، وتدبير تمويل بقيمة 5 مليارات جنيه (308 ملايين دولار) لدعم قطاعي السياحة والطيران المدني، وتم إسقاط الضريبة العقارية عن المنشآت السياحية لمدة 6 أشهر، وتأجيل سداد كل المستحقات الحكومية وتدبير 3 مليارات جنيه (185 مليون دولار) كدعم مالي للعمالة غير المنتظمة.
وأكد معيط أنه كان من المقرر تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية في مايو (أيار) الماضي وتم تأجيلها لمدة عام ونصف العام، وسيتم إعفاء المستثمرين الأجانب بشكل دائم منها. كما تم تخفيض ضريبة الدمغة للمستثمرين الأجانب من 1.5 في المئة إلى 1.25 في المئة، بينما يدفع المقيمون ما نسبته 0.5 في المئة فقط مقارنة بنحو 1.5 في المئة سابقاً، مع إعفاء جميع المعاملات الفورية في البورصة المصرية من ضريبة الدمغة.
لا توجد مشكلات في السياسة النقدية
في الوقت نفسه، ومع استمرار قلق المتخصصين من تهاوي احتياطيات النقد الأجنبي لدى البلاد، خصوصاً مع تراجعه من مستوى 45.5 مليار دولار في فبراير (شباط) الماضي إلى مستوى في حدود 37 مليار دولار بنهاية مايو الماضي، أكد وزير المالية المصري، أنه لا توجد أي مشكلات في السيولة النقدية، وليس هناك أي التزامات مالية خارجية على الموازنة خلال العام المالي المقبل.
وأوضح أنه بالتعاون مع وزارة التخطيط والبنك المركزي تم تحديث الإطار العام للاقتصاد الكلي للعام المالي المقبل، بما يعكس تطورات الوباء العالمي كورونا. وقال إنه من المستهدف أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي 6.557 تريليون جنيه (404.753 مليار دولار)، ويسجل معدل النمو 3.5 في المئة، ويصل العجز إلى 8.5 في المئة من الناتج المحلي.
ولفت إلى أن الحكومة المصرية تتابع عن كثب تداعيات الجائحة وتتخذ كل القرارات والإجراءات اللازمة لاستيعابها دون مبالغة في رد الفعل، مع الحرص الكامل على الخطوات الاستباقية.
وأشار إلى أنه تم إعطاء أولوية متقدمة لضمان التمويل الكافي لتلبية الاحتياجات الأساسية من السلع والأغذية والمستلزمات الطبية، والتخطيط المستدام لمواجهة أي تقلبات قد تطرأ في ظل الاضطراب الحالي في سلاسل التوريد على مستوى العالم.