يعتبر ميدان التحرير هو قلب القاهرة، والميدان الأشهر في مصر، ليس فقط بالنسبة للمصريين بل للعالم، إذ عرفه الجميع أخيراً لارتباطه بالأحداث السياسية منذ عام 2011. فهو إلى جانب مرور آلاف البشر يومياً، باعتباره مركز المنطقة التي يطلق عليها المصريون وسط البلد، كان شاهداً على العديد من الأحداث السياسية التي مرت بالمصريين على مدار أكثر من قرن من الزمان هي عمر الميدان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويأتي تطوير ميدان التحرير في إطار مشروع متكامل لتطوير القاهرة الخديوية والحفاظ على تراثها الحضاري والمعماري المتميز، فالميدان والشوارع المحيطة به تضم بنايات على طراز معماري فريد تعطي للمنطقة طابعاً خاصاً وتميزها عن أي مكان آخر في العاصمة.
يضم أيضاً العديد من المعالم التي اُشتهر بها على مدار السنين، وأهمها المتحف المصري، والجامعة الأميركية بالقاهرة، ومجمع المصالح الحكومية المعروف اختصاراً بمجمع التحرير، الذي تم إفراغه أخيراً، ومقر جامعة الدول العربية، ومسجد عمر مكرم. هذا بالإضافة إلى العديد من الفنادق والمصالح الحكومية والمراكز التجارية والمقاهي التي تزخر بها الشوارع المتفرعة من الميدان.
شاهد على التاريخ
ومنذ إنشائه كان ميدان التحرير شاهداً على العديد من الأحداث السياسية في مصر؛ ففي عام 1881 إبان الثورة العرابية كان مقر انطلاق الوحدة العسكرية التي ترأسها أحمد عرابي للتوجه إلى قصر عابدين ضد الخديوي توفيق، ومنه خرجت مظاهرات حاشدة في ثورة 1919 للمطالبة بعودة سعد زغلول من المنفى، وبعد قيام ثورة يوليو (تموز) 1952 تم تغيير اسمه من ميدان الإسماعيلية إلى ميدان التحرير. وفي عام 1967 شهد الميدان مظاهرات حاشدة للمطالبة بعدم تنحي الرئيس جمال عبد الناصر عن الحكم. وأخيراً ومع مطلع عام 2011 عرف العالم أجمع ميدان التحرير بالمظاهرات الحاشدة التي شهدها، ونقلتها وسائل الإعلام في أنحاء العالم.
عمليات التطوير
وتضمنت عملية تطوير ميدان التحرير الأخيرة طلاء واجهات المباني، وإزالة الإعلانات المخالفة، وتركيب المقاعد، وعمليات التشجير. بالإضافة إلى تدعيم الميدان بنظام إضاءة شامل للمباني المطلة عليه مثل الواجهات الخارجية للمتحف المصري بالتحرير، والحديقة الملحقة به الخاصة بالعرض المتحفي المفتوح، وإضاءة مبنى المجمع، والمسلة والنافورة في قلب الميدان، بالإضافة إلى الإضاءة الجمالية لواجهات العقارات التراثية المطلة على الميدان، لتبدو بشكل متناغم مع إضاءة المتحف والمجمع.
وكان رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي تفقد منذ أيام أعمال التطوير التي شهدها الميدان، وأكد في تصريحات، خلال جولته، أنه يتم العمل على تطوير أشهر الميادين في مصر، ليظهر في أبهى صورة له، ويكون مزاراً ضمن المزارات الأثرية والسياحية التي تحظى بها البلاد، وذلك في إطار المشروع العام لتطوير القاهرة الخديوية.
قطع فرعونية تزين الميدان
تضمنت عمليات التطوير إضفاء طابع وروح الحضارة المصرية على الميدان من خلال لمسات تاريخية من العصر الفرعوني، فتم تزيين الميدان بقطع فرعونية وهي المسلة والكباش الأربعة في قلب الميدان.
يقول الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري عن هذه القطع لـ"اندبندنت عربية"، إن المسلة تم نقلها من منطقة صان الحجر الأثرية بمحافظة الشرقية، وكانت مقسمة إلى عدة أجزاء حيث يبلغ ارتفاعها مكتملة بعد تجميعها نحو 19 متراً، ويصل وزنها إلى نحو 90 طناً، وهي منحوتة من حجر الجرانيت الوردي، وتتميز بجمال نقوشها التي تصور الملك رمسيس الثاني واقفاً أمام أحد المعبودات، بالإضافة إلى الألقاب المختلفة له.
يضيف، بجوار المسلة تم الانتهاء من أعمال تركيب الكباش الأربعة على القواعد المخصصة لها بجوار مسلة الملك رمسيس الثاني، حيث تم نقل الكباش الأربعة من مجموعة الكباش الموجودة خلف الصرح الأول بمعبد آمون رع بالكرنك بمدينة الأقصر، وترميمها بشكل كامل، ومن ثمّ نقلها إلى مكانها الجديد في ميدان التحرير".
المتحف المصري بالتحرير
من أهم المعالم الموجودة في ميدان التحرير المتحف المصري، القائم في قلب الميدان منذ ما يزيد على المئة عام، وتم تدعيمه بنظام إضاءة حديث في عملية التطوير الأخيرة فماذا سيكون مصير المتحف وما خطة وزارة الآثار له بعد أن يتم الانتهاء من المتحف المصري الكبير وافتتاحه؟
يقول وزيري، المتحف المصري القائم في التحرير سيظل قائماً ومستمراً، وتُجرى حالياً جهود كبيرة بالتعاون مع متخصصين عالميين في الآثار والمتاحف لتطوير سيناريو العرض المتحفي له، ليبدو في أفضل صورة، ويعكس جزءاً كبيراً من الحضارة المصرية.
يتابع، هناك أعمال متعددة ترتبط بتطوير الميدان، فجهود تطوير ميدان التحرير لا ترتبط فقط بوزارة الآثار، وإنما هي جهد مشترك بين عدة جهات في الدولة، منها محافظة القاهرة والتنمية المحلية والإسكان. وشملت عملية التطوير إجراءات مثل طلاء المباني وإزالة الإعلانات العشوائية وعمليات التشجير ليكون الميدان مزاراً جديداً ضمن المزارات السياحية والأثرية في القاهرة.
يعود تأسيس ميدان التحرير إلى عام 1865 في عهد الخديوي إسماعيل، الذي كان مفتوناً بمدينة باريس، وأمر أن يتم تخطيط القاهرة الخديوية على الطراز الفرنسي، وبالفعل صممت الإنشاءات به على طراز ميدان شارل ديغول بباريس، والطابع الأوروبي، وأطلق على القاهرة مع مطلع القرن العشرين باريس الشرق، وسمّي الميدان في البداية بـ"ميدان الإسماعيلية" نسبة إلى الخديوي إسماعيل إلى أن تم تغيير اسمه إلى ميدان التحرير بعد ثورة يوليو 1952.