Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القاهرة تجدد تمسكها بالتفاوض مع أديس أبابا وتهدد بمنعها من "ملء السد"

حديث مصري عن خطة بديلة إذا فشل مجلس الأمن في إيقاف الإعلان الإثيوبي الأحادي

أكدت القاهرة مجدداً على تمسكها بالتفاوض مع إثيوبيا للوصول إلى اتفاق يحول دون مضيها قدما في خطتها أحادية الجانب لبدء ملء سد النهضة الشهر المقبل، موجهة "التحدي لإثيوبيا باستئناف المفاوضات حالة إعلانها الالتزام بتعهداتها الدولية بعدم الملء الأُحادي"، وشددت في الوقت نفسه على أنها ستكون "صريحة وواضحة في الإجراء الذي ستتخذه"، إذا فشل مجلس الأمن، الذي أحالت إليه الأزمة، يوم الجمعة، في إيقاف مساعي إثيوبيا لتنفيذ ما أعلنه وزير الخارجية الإثيوبي قبل ساعات من توجه مصر إلى المجلس.

ووسط تصعيد غير مسبوق للخطاب المصري بالتهديد باستخدام القوة "إذا لزم الأمر" بتجاوز "خطوطها الحمراء" في ليبيا، وإعلان دول عربية تأييدها "التام" للموقف المصري، ما اعتبره البعض أيضاً رسائل مُبطنة إلى إثيوبيا ومؤشراً على تحول عن "الصبر الاستراتيجي"، الذي تمسكت به مصر لسنوات. يعقد اجتماع عربي لبحث الأزمة الليبية وسد النهضة الإثيوبي غداً الثلاثاء، بعدما تم تأجيل الاجتماع الذي كان مقرراً انعقاده اليوم بين وزراء الخارجية العرب عبر تقنية "الفيديو كونفرس"، ليضاف إليه بند "السد الإثيوبي"، حسبما أكدت مصادر دبلوماسية، أشارت أيضاً إلى إمكانية تناول الهجوم الإثيوبي الأخير على معسكر سوداني بالقرب من حدود البلدين، في توتر جديد بعد أسابيع من هجوم ميليشيات إثيوبية على المزارعين السودانيين بالمناطق الحدودية.

 

السد في مجلس الأمن... وماذا بعد؟

أصدرت وزارة الخارجية المصرية، اليوم الاثنين، تعليقاً على حديث وزير خارجية إثيوبيا حول دوافع لجوء مصر إلى مجلس الأمن باعتباره هروباً من التفاوض، إذا أكد وزير الخارجية سامح شكري أن مصر انخرطت في المفاوضات بحسن نية على مدار عقد كامل. موضحاً استعداد مصر الدائم للتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق يحقق مصالح الجميع، ووجه التحدي لإثيوبيا باستئناف المفاوضات حال إعلانها الالتزام بتعهداتها الدولية بعدم الملء الأُحادي.

وبعد يومين من إعلان وزير الخارجية الإثيوبي غيدو أندارغاشيو، خلال مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية يوم الجمعة، أن "إثيوبيا ماضية قدماً في ملء سد النهضة الشهر المقبل سواء بالاتفاق مع مصر أو من دونه"، أكد نظيره المصري سامح شكري في مقابلة مع الوكالة نفسها، أن مصر تريد من مجلس الأمن الدولي "الاضطلاع بمسؤولياته" ومنع إثيوبيا عن إعلانها الأحادي.

وقال شكري، "إن مسؤولية مجلس الأمن هي معالجة تهديد وثيق الصلة بالسلم والأمن الدوليين، وبالتأكيد فإن الإجراءات الأحادية التي تتخذها إثيوبيا في هذا الصدد ستشكل مثل هذا التهديد".

وخلال مقابلة يوم الجمعة، شدد وزير الخارجية الإثيوبي، على أن "بلاده لن تتوسل إلى مصر والسودان، لاستخدام موارد المياه الخاصة بها لتنميتها''.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رسالة مصر إلى الرئيس الفرنسي لمجلس الأمن

وفي خطاب من وزير الخارجية المصري إلى مندوب فرنسا إلى الأمم المتحدة، الرئيس الحالي بمجلس الأمن حصلت "اندبندنت عربية" على نسخة منه، شدد شكري على "خطورة الوضع، في ضوء التعنت المُستمر لإثيوبيا، الذي قد يُشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، أكتب إليكم لأطلب من مجلس الأمن الدولي أن يتدخل في هذه المسألة على وجه السرعة. وقد اختارت مصر إحالة هذه المسألة للمجلس بعد أن بحثت واستنفدت كل سبيل للتوصل إلى حل ودي لهذا الوضع عبر إبرام اتفاق بشأن سد النهضة الإثيوبي يحفظ ويعزز حقوق ومصالح الدول الثلاث المشاطئة للنيل الأزرق".

وأوضح الخطاب وملاحقه، التي تضمنت نسخة من اتفاق واشنطن الذي توصلت إليه البلدان الثلاثة في ختام أربعة شهور من المفاوضات "المضنية" برعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي، قبل أن تنسحب إثيوبيا من الجولة الأخيرة للمفاوضات في فبراير (شباط) الماضي، أن "إثيوبيا تواصل الإصرار على بدء حجز المياه في خزان السد بشكل أحادي الجانب، وهو الأمر المثير للقلق بشكل بالغ على الصعيد السياسي، إذ يُمثل محاولة خطيرة من جانبها لإقامة وممارسة سيطرة غير مقيدة على نهر حيوي عابر للحدود. فضلاً عن ذلك، فإنه سوف يُشكل خرقاً مادياً لاتفاق إعلان المبادئ بشأن سد النهضة".

واعتبر الباحث السياسي السوداني قذافي جمعة، أن "ما قامت به مصر بتصعيدها ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن جعل إثيوبيا مشلولة، وتطلق تصريحات واتهامات إليها، لأنه يمثل لعباً على أكثر وتر يقلق آبي أحمد، وهو مسألة الاقتصاد والتنمية. فتصعيد الملف قد يفرض عقوبات اقتصادية على أديس أبابا إذا تعنتت. أضف إلى ذلك موقف واشنطن الداعم للقاهرة، أو على الأقل الداعم لتوقيع الاتفاق، الذي تم التوصل إليه في فبراير (شباط) الماضي برعاية أميركية".

 

 

استعراض القوة والتلويح بالبدائل

ورغم تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال زيارته إلى قوات الحدود الغربية للبلاد، السبت، على تمسك القاهرة بالدبلوماسية لحل الخلاف مع إثيوبيا، فإن وزير الخارجية المصري أكد، الاثنين، أن بلاده في جعبتها "إجراء آخر"، ستتخذه بكل صراحة ووضوح، إذا ما فشل مجلس الأمن في إلزام إثيوبيا بوقف ملء السد لحين الوصول إلى اتفاق ملزم لأطرافه.

وحذر من أن ملء خزان السد دون اتفاق، من شأنه أن ينتهك إعلان المبادئ لعام 2015، الذي يحكم مباحثات الدول الثلاث، ويستبعد العودة إلى المفاوضات.

وأكد شكري أن بلاده لم تهدد بعمل عسكري، وسعت إلى حل سياسي، وعملت على إقناع الشعب المصري بأن إثيوبيا لها الحق في بناء السد لتحقيق أهدافها التنموية، مشدداً على أن "بلاده لم تقم مطلقاً خلال السنوات الست الماضية بالإشارة بشكل غير مباشر إلى مثل هذه الاحتمالات".

وشدد على إنه إذا لم يتمكن مجلس الأمن من إعادة إثيوبيا إلى طاولة المفاوضات، "فسوف نجد أنفسنا في وضع يتعين علينا التعامل معه"، وأضاف في حواره مع الوكالة الأميركية، "عندما يحين الوقت، سنكون صريحين وواضحين في الإجراء الذي سنتخذه".

وبينما يغيب اليقين حول مواقف أعضاء مجلس الأمن الخمس الدائمين من الأزمة حال عرضها لاتخاذ قرار مُلزم من المجلس، دعا شكري كلاً من الولايات المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الآخرين، إلى جانب الدول الأفريقية، للمساعدة في التوصل إلى اتفاق يأخذ في الاعتبار مصالح الدول الثلاث.

الجامعة العربية... مُختبر المواقف الرمادية

وبينما أخبرتنا مصادر دبلوماسية عربية بأن سد النهضة سيتم إدراجه ضمن الاجتماع الوزاري المقرر حول ليبيا، أجرى وزير الخارجية المصري، الاثنين، اتصالاً هاتفياً مع الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان يوسف بن علوي، وقال المستشار أحمد حافظ، المتحدث باسم الخارجية المصرية، إنه "تم التشاور بشأن مجمل القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك وتطورات الأوضاع في المنطقة، كما تم التطرق إلى الموضوعات المتوقع مناقشتها في جلسة مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري المقرر عقدها، غداً الثلاثاء، عبر تقنية الفيديو كونفرنس، خاصة في ضوء رئاسة الوزير العُماني للدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية".

وقالت المصادر، إن الهدف من إعادة طرح المسألة على الجامعة العربية هو حشد مزيد من الدعم العربي للتوجه المصري نحو مجلس الأمن، بخاصة تأكيد التزام المجموعة العربية بالأمم المتحدة والعضو العربي غير الدائم بمجلس الأمن على دعم الموقف المصري والتنسيق فيما بينها بمختلف المحافل الدولية التي قد تلجأ إليها القاهرة، وإصدار قرار يحظى بالإجماع في هذا الشأن.

وأكدت أن تضارب الموقف السوداني أخيراً حول إحالة مصر الأزمة لمجلس الأمن، ربما يعيد التذكير بالتحفظ السوداني على القرار العربي الذي اتخذ في مارس (آذار) الماضي، بالإضافة للتحفظ الصومالي الذي أعلن لاحقاً، مشيرة إلى أن القرار سيتم اتخاذه بالتوافق رغم وجود بعض المواقف الرمادية أو المترددة في دعم مواقف مصر والسودان، أو خشية تعقيد المسألة بإقحامها في ساحات دبلوماسية عديدة.

وسبق أن رفضت إثيوبيا تناول مصر للملف على مستوى الجامعة العربية، كما أصدرت عدة بيانات ترفض فيها مواقف أعلنها البرلمان العربي لدعم القاهرة خلال مفاوضات واشنطن، وتعليقاً على توجه مصر إلى الجامعة العربية بالمسألة، قال امانئيل قبرمدهن، المتخصص الإثيوبي في الشؤون الدبلوماسية والدولية، "يبدو أن المصريين حتى في ظل أنهم لا يمتلكون روحاً أو حضوراً في عموم أفريقيا. كانوا دائماً يركضون إلى خارج القارة للحصول على الدعم. وهذا يوضح وجهة نظرهم تجاه أفريقيا. لم يتحدث الرئيس السيسي قط عن هذه القضية تحت مظلة الاتحاد الأفريقي على الرغم من رئاسة الاتحاد في عام 2019. وفضل نقل هذه الأجندة إلى العالم الخارجي حيث يعتقد أنه يمكن الحصول على دعم منها. هذا أمر غير مقبول"، على حد وصفه.

وتعليقاً على خطاب الرئيس المصري حول ليبيا، أصدرت السعودية والإمارات والبحرين، بيانات شديدة اللهجة أكدت فيها أن "أمن مصر القومي جزء لا يتجزأ من أمنها"، ورغم عدم تناول البيانات لأزمة سد النهضة مباشرة، فقد أكدت السعودية أنها تقف إلى جانب مصر في حق الدفاع عن حدودها وشعبها.

كما تناول اتصال، يوم الأحد، بين شكري ونظيره الأردني أيمن الصفدي، "بحث قضية سد النهضة حيث استعرض الأول التطورات ذات الصلة بهذا الشأن. وأكد الصفدي أهمية عدم اتخاذ أي خطوات أحادية لملء السد وضرورة التوصل لاتفاق يحفظ حقوق مصر في مياه النيل وحقوق جميع الأطراف وفقاً للقانون الدولي".

 

 

السودان يرفض الخطوتين الإثيوبية والمصرية

وعقب توجه مصر بالأزمة إلى مجلس الأمن، صدرت إشارات متباينة من السودان، الذي أعلن أنه لا يدعم لجوء مصر إلى المجلس لحل القضايا المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي، وقال وزير الدولة السوداني للشؤون الخارجية عمر قمر الدين، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إن بلاده لا تؤيد تصعيد مصر الأزمة إلى مجلس الأمن، معتبراً أن الخطوة "ستعقد المواقف الحساسة".

ورغم تأكيد الخرطوم رفضها التام لبدء الملء دون اتفاق وتأثيره في أمان وتشغيل سدودها، التي لا تبتعد سوى بضعة كيلومترات من السد الإثيوبي، قال قمر الدين، إن السودان لن يدخل في مواجهة مع إثيوبيا حال أقدمت على خطوة ملء خزان السد دون اتفاق.

لكن وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، رئيس الوفد السوداني بالمفاوضات المنتهية "من دون نتيجة" أخيراً، قال، الأحد، إن بلده ما زال يتمسك بموقفه الثابت من أن المفاوضات هي أنجع السبل للتوصل إلى تفاهمات بشأن قضية سد النهضة. وأكد، في تصريحات صحافية، تمسك السودان بالتوقيع على اتفاق كشرط أساس قبل البدء في ملء السد، لضمان سلامة وتشغيل سد الروصيرص. مؤكداً أن السودان متحسب لكل السيناريوهات لضمان حقوقه.

وبدوره، قال مسؤول الشؤون القانونية في الوفد التفاوضي السوداني، هشام كاهن، إن بلاده تتفاوض للوصول إلى اتفاقية دولية ملزمة للدول الثلاث، وقال إن الخلافات تركزت على المسائل القانونية، وتحديداً حول رفض أحد الأطراف لتكوين آلية لفض النزاعات، ومدى إلزامية الاتفاقية المحتملة للدول الثلاث، بجانب رفض محاولة إقحام الاتفاقات السابقة في الاتفاق الحالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صخب المدافع على وقع زيارة حميدتي

وجاءت المواقف السودانية بعد أيام من زيارة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى أديس أبابا، التي أثارت الجدل مجدداً في الأوساط السودانية حول مدى اتساقها مع الموقف السوداني الرافض للتعنت الإثيوبي في ملف السد، ما اضطر وزارة الخارجية السودانية إلى إصدار بيان أكدت فيه أن الزيارة لم تكن دون التنسيق معها، في إشارة جديدة للخلافات حول حدود الأدوار الخارجية لكل من المكونين المدني والعسكري في السلطة الانتقالية بالبلاد.

واشتعل التوتر الحدودي، الأحد، بالتزامن مع إعلان الخرطوم مجدداً تمسكها برفض بدء الملء دون اتفاق، حيث اتهمت الخرطوم ووسائل إعلام محلية "ميليشيات إثيوبية مدعومة من الجيش بتنفيذ هجوم على معسكر للجيش السوداني"، في ثاني توتر حدودي كبير من نوعه خلال بضعة أسابيع.

وقال الباحث السياسي السوداني قذافي جمعة، إن "الهجوم الإثيوبي، عصر أمس، على منطقة العطبراوية يعتبر الهجوم الثاني خلال شهر واحد، في عدوان سافر وغاشم قامت به هذه المرة القوات المسلحة الإثيوبية وليس عصابات الشفتة، كما تدّعي إثيوبيا كل مرة. فهذه قوة من الجيش الإثيوبي مدعومة بعربات الدفع الرباعي والأسلحة الثقيلة هاجمت معسكر الأنفال التابع للجيش السوداني، وأيضاً مصحوبة بالقصف المدفعي الثقيل من الجيش من على الحدود".

وأشار تصريح لوالي ولاية القضارف المكلف، اللواء نصر الدين عبد القيوم، إلى أن "القوات المسلحة الإثيوبية تريد السيطرة على منطقة العطبراوية ذات الأهمية الاستراتيجية للبلدين من حيث الموقع والموارد".

واعتبر الباحث السياسي السوداني أن "المربك في المشهد أن هذا الهجوم جاء عقب زيارة الفريق أول حميدتي إلى أديس أبابا وعقد عدة اجتماعات أحدها بشأن تأمين الحدود، ورأى أن تصريحات قمر الدين بشأن عدم مواجهة السودان لإثيوبيا، أربكت الكثير من المراقبين والمتابعين للشأن، حول حقيقة الموقف السوداني الذي وصف أخيراً بالتقارب من القاهرة".

وتابع، "هذا في وجهة نظري، يعود إلى أن الحكومة المدنية؛ الشق المدني ممثلاً في مجلس الوزراء، مواقفها غير واضحة بهذا الشأن. وكذلك علاقتها الخارجية. وأصبح يدين بالولاء نوعاً ما لإثيوبيا، ويرى أنها قامت بدور مهم لوجودهم في السلطة، وهو ما جعلها تتنازل عن ملف سد النهضة وتستسلم بحجة الأمر الواقع".

من جانبه، قال إبراهيم الخناقي، رئيس مؤسسة بني شنقول لحقوق الإنسان، إن "إثيوبيا الآن مثلما احتلت منطقة بني شنقول السودانية قبل عقود، تقوم اليوم باحتلال النيل، ولا شك أن المطلوب من مصر والسودان مقاونة الاحتلال الإثيوبي لشريان الحياة بهما، الذي يأتي من النيل الأزرق حيث تقيم إثيوبيا محبسها من أجل الهيمنة على المياه"، معتبراً أن أديس أبابا تريد أيضاً مزيداً من التوسع على حساب الأراضي السودانية من خلال سلوكها المستمر في تحويل الحدود إلى مناطق "متنازعة" والهجوم المتكرر عليها، على حد قوله.

 

 

إثيوبيا ترد على خطاب "القوة"

واعتبر مراقبون أن اجتماع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بقيادات الجيش لبحث "استراتيجية جديدة للدفاع" بمثابة رسالة أخرى غير مباشرة إلى مصر بعد تلويحها بالبدائل غير الدبلوماسية للدفاع عن مصالحها المائية، إذ جاء الاجتماع بعد يوم من خطاب الرئيس المصري شديد اللهجة، وتحذيره من استعداد بلاده لاستخدام كافة الوسائل الممكنة، والتلويح صراحة باستخدام القوة العسكرية للرد على أي تهديد لأمنها القومي، الذي تُعتبر المياه أحد مكوناته الجوهرية و"مسألة بقاء ووجود" بالنسبة للشعب المصري.

وذكر مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، الأحد، أن آبي أحمد أجرى مناقشات "مثمرة" مع قادة الجيش الإثيوبي، موضحاً أن النقاش تمحور حول استراتيجية الدفاع الجديدة وأنشطة بناء المؤسسات.

وبدوره، قال الباحث الإثيوبي قبرمدهن، لـ"اندبندنت عربية"، إن بلاده لا يمكنها السماح بتدخل مجلس الأمن في قضية سد النهضة، التي تنتمي فقط للدول الثلاث، معتبراً أن "هناك حقيقة واحدة يجب أن يعرفها العالم وهي أن إثيوبيا لها الحق المطلق في استخدام مواردها، ولا ينبغي أن يتوقع أننا بحاجة للحصول على أي إذن من أي شخص أو مؤسسة أو بلد"، مشيراً إلى أن بلاده كشفت بوضوح منذ بداية المشروع ألا نية لديها لإيذاء البلدان المشاطئة لحوض نهر النيل.

وأكد أن بلاده ترفض إدخال مصر لأي "طرف ثالث" في حل الأزمة بين البلدين. وأضاف، "يعرف الإثيوبيون جيداً منذ البداية أن مصر تطرق باب المؤسسات المختلفة والعالم من أجل وقف بناء السد، ونفهم تماماً السياسة الخارجية التي تتبعها مصر عندما يتعلق الأمر بسياسات النيل منذ العصور القديمة. لهذا السبب قررنا إنشاء هذا المشروع دون أي دعم مالي من الخارج. لا يمكننا أن ننسى أبداً ما فعله القادة المصريون مثل الخديوي إسماعيل، وجمال عبد الناصر، وأنور السادات، وحسني مبارك وحتى ما هدد به اجتماع محمد مرسي الشهير، عندما حاولت إثيوبيا استغلال مواردها. ونتذكر ما واجهناه عند إنشاء مشروعات سابقة. وأعني أن لدينا هذه التجربة ولن يمنعنا أحد من المضي قدماً لملء السد بحلول الشهر المقبل".

ومن جانبه، اعتبر الباحث السوداني المتخصص في الشؤون الأمنية طلال إسماعيل، في تصريح خاص، أنه لا يمكن فصل التوترات الحدودية والتحركات العسكرية الإثيوبية الأخيرة وحديثها عن استراتيجية جديدة للدفاع بالتزامن مع ما يتردد حول صفقات للأسلحة حصلت عليها أو تسعى لإبرامها، عن مجمل تطورات أزمة سد النهضة ووصولها إلى هذا الطريق المسدود.

وقال إسماعيل، إن "استمرار أزمة سد النهضة وتفاقمها سيتبعه بطبيعة الحال توترات أمنية وتداعيات عسكرية، لأنها ترتبط بمصالح وطنية كبرى سواء كان لمصر التي تعتبر إدارة السد بشكل أحادي تهديداً لأمنها القومي والمائي، أو إثيوبيا التي ترى أن المشروع يمثل مشروعاً قومياً وجوهر استراتيجية تتعلق بالتنمية والدور الإقليمي، وإذا لم يتم احتواء الخلاف في هذه الأيام الأخيرة، فنحن نذهب بوتيرة متسارعة إلى توترات، وربما مواجهات عسكرية محتملة، رغم مفارقة تأكيد الأطراف على استبعادها في الوقت الذي تستعرض فيه قواتها وعضلاتها العسكرية بصورة غير مسبوقة في سجل الأزمة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات