فاقمت جائحة كورونا الأزمات الاقتصادية التي تواجه الجزائر، العضو في "أوبك". وبخلاف التداعيات الخطيرة التي خلفتها الجائحة العالمية، زادت الخسائر التي تكبدتها سوق النفط منذ مارس (آذار) الماضي، من الأزمات الخانقة التي تواجه الجزائريين.
وتشير البيانات والأرقام المتاحة إلى أن الحكومة الجزائرية وضعت 30 دولاراً لبرميل النفط في الموازنة الجديدة، مقارنة بنحو 50 دولاراً في الميزانية السابقة، وهو ما يشير إلى أزمة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وفي إطار مواجهة الأزمة القائمة، أعلنت الحكومة الجزائرية سلسلة من الإجراءات الخاصة بترشيد الإنفاق العام وضبط الموازنة، إضافة إلى فرض ضرائب جديدة خصوصاً على واردات السيارات، في إطار زيادة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
في تقرير حديث، صنف البنك الدولي ترتيب البلدان حسب مستوى الدخل، الجزائرَ ضمن بلدان الشريحة الأدنى مع استمرار تراجع دخل الفرد بنسب كبيرة. وتضمَّن التصنيف الذي عرف مراجعة سلبية كلا من الجزائر وسريلانكا والسودان، وانتقلت الجزائر في تصنيف المنظمة من خانة الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل إلى الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل.
90 دولاراً خسرها كل فرد في الجزائر
وفقا لتقدير البنك الدولي في الدراسة التي حملت عنوان "تصنيفات البنك الدولي الجديدة للبلدان حسب مستوى الدخل: 2020 - 2021"، فإن إجمالي الدخل القومي حسب نصيب الفرد خلال عام 2019 واعتباراً من بداية يناير (كانون الثاني) 2020 يقدر بنحو 3970 دولاراً، بينما كان يقدر المؤشر نفسه خلال 2018 وحتى نهاية 2019 بنحو 4060 دولاراً، بفارق 90 دولاراً للفرد الواحد، بنسبة تراجع تقدر بنحو 2.21 في المئة.
وجاء التقدير الخاص بالبنك الدولي على أساس مراجعة التصنيفات المعتمدة من قبل هيئة "بروتون وودز" في تقدير وحساب ترتيب الدول حسب مستويات الدخل.
وبناء على التصنيف، فإن البنك الدولي يقسم العالم إلى 4 مجموعات تتمثل في البلدان منخفضة الدخل، والشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، والشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل، وأخيراً البلدان مرتفعة الدخل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقوم المنظمة الدولية بتحديث التصنيفات في شهر يناير (كانون الثاني) من كل عام، معتمدة على مؤشر نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي بالسعر الحالي للدولار الأميركي.
وأشارت الدراسة إلى أن التقدير والتصنيف يتغير لسببين، فمن جهة هناك تأثير عوامل مثل النمو الاقتصادي والتضخم وأسعار الصرف ونمو السكان على نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي. كما يمكن من جهة ثانية أن يؤثر تنقيح أساليب الحسابات القومية والبيانات في نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي.
وغالباً ما تقوم المنظمة الدولية بتعديل التصنيفات سنوياً لمواكبة التضخم، وللحفاظ على ثبات حدود تصنيف الدخل بالقيمة الحقيقية للدولار، ويتم استخدام حقوق السحب الخاصة، وهو المتوسط المرجح لإجمالي الناتج المحلي للصين واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ومنطقة اليورو.
استمرار تراجع تصنيف دخل الفرد
ولاحظت الدراسة أنه خلال هذا العام، تحركت هذه الحدود إلى أعلى تماشياً مع مقياس التضخم، والحدود الجديدة التي تجري المقارنة بينها وبين نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي بالسعر الحالي للدولار الأميركي، وعلى هذا الأساس وجدت الجزائر نفسها ضمن تصنيف جديد أقل من التصنيف السابق في حساب الدخل، وهذا التصنيف الجديد خلال 2019 لا يأخذ بعين الاعتبار آثار جائحة كورونا، مما يرشح العديد من الدول في أن تعرف تغيراً خلال تقييم السنة المقبلة.
وعلى عكس قائمة الدول التي انتقلت إلى مستوى أعلى، ومنها بنين وناورو وتنزانيا، فإن الجزائر عرفت تراجعاً في التصنيف هو الأول منذ 2008، حيث ظلت الجزائر من تصنيف 2008 وحتى عام 2018 مصنفة ضمن الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل، ونالت الجزائر تصنيفاً أدنى خلال الأعوام من 2004 وحتى 2007.
يشار إلى أن الهيئات المتخصصة تعتمد من ضمن تصنيفاتها نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وهو متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، بعد قسمة الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية على عدد السكان ونصيب الفرد من الدخل القومي، وهو متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي، بعد قسمة الدخل القومي الإجمالي على عدد السكان ويؤخذ بهما لقياس التنمية الاقتصادية لدول العالم.
وتكمن أهمية مؤشر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بأنه أحد مؤشرات قياس مستوى الرفاه الاجتماعي لمواطني الدولة، فنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي يستخدم عادة للمقارنة بين بلد وآخر، فالارتفاع في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إشارة إلى أن الاقتصاد يتجه للنمو والعكس في حالة التراجع.
ارتفاع الفقر بنسب كبيرة
في الوقت نفسه، يشير تقرير أعدته الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى أن عدد الجزائريين الذين يعيشون تحت خط الفقر قفز إلى 15 مليون أي نحو 38 في المئة من الجزائريين تدهورت أوضاعهم الاجتماعية وأصبحوا غير قادرين على اقتناء أساسيات الحياة، وهو ما يعني أن بين كل 3 جزائريين يوجد جزائري يعيش في فقر مدقع.
وانتقدت الرابطة في بيان، الارتفاع المستمر في نسبة الفقر والفقراء في الجزائر، التي ارتفعت من 24 في المئة خلال 2014 إلى نحو 38 في المئة خلال العام الحالي. وأكدت أن الأرقام تم الاعتماد عليها بعد عملية الإحصاء والاعتماد على عدد من الجهات.
وأوضحت أن أكثر من 1400 بلدية فقيرة يعيش سكانها على إعانات صندوق الجماعات المحلية المشترك، بينها 800 بلدية تم تصنيفها ضمن خانة الأكثر فقراً، وتضم 20 مليون مواطن. كما تعتمد 30 ولاية في توفير احتياجات المواطنين وتسيير شؤونها اليومية على صندوق يتولى تقليص الفوارق الناجمة عن ضعف الموارد.
وأشارت الرابطة إلى تقرير حديث للبنك الدولي، كشف عن دخول نحو 10 في المئة من الجزائريين في دائرة الفقر، بسبب البطالة المرتفعة وارتفاع نسبة التضخم التي تصل إلى 9 في المئة خلال العام الحالي، مؤكدة أن الصعوبات المالية التي واجهتها الجزائر في السنوات الأخيرة سببٌ في ارتفاع معدل البطالة بما يقرب من 1.5 في المئة.