رافق إعلان وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزّة، التي تسيطر عليها حركة "حماس"، قبل عدة أيّام عن اعتقال خلية موجهة تعمل لصالح إسرائيل، وبحوزتها معدات تقنية حديثة ومبالغ مالية كبيرة، وتنوي القيام بأعمال تخريبية داخل القطاع، الكثير من الكتمان حول طبيعة الخلية.
وبحسب معلومات واردة لـ "اندبندنت عربية" حول طريقة اعتقال الخلية، فإنّه بعد أشهر من التحقيقات والمتابعات لعدد من العناصر السلفية في قطاع غزة، داهمت الأجهزة الأمنية مساكن عناصرها، وضبطت بحوزتهم أسلحة ومتفجرات ودراجات نارية مجهزة للهجوم.
ويقدر عدد عناصر الخلية بحوالى 16 شخصاً، وبحسب تحقيقات داخلية غزّة، فإنّ رأس الخلية اعترف بأنّه مرتبط مع "الشاباك" (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي) وتمّ تكليفه بتشكيل الخلية، ثمّ أوهم مجموعة من الشبان بأنّه يعمل لصالح تنظيم "داعش" ويتلقى تمويلاً منه، وطلب منهم جمع مجموعات عن "المقاومة" (الفصائل المسلحة)، والتجهيز لضربات ضد بعض الفصائل.
من كتائب القسام
وبحسب المعلومات المسربة، فإنّ معظم أفراد الخلية كانوا عناصر في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس"، ثمّ استقالوا وانضموا إلى التنظيم المتطرف، لتصفية حسابات شخصية، وكانوا ينون القيام بضربات ضد منظومتي الاتصالات والأمن الشخصي لقيادات الفصائل المسلحة، إضافة إلى تفجير مواقع تتبع لأجهزة الأمن في غزّة، وعمليات أخرى ضد مبنى مجمع المحاكم، على اعتبار أنّه أصدر أحكاماً بحق السلفيين سابقاً.
المعلومات التي وصلت إليها داخلية غزّة بعد ضبط الخلية وكشف عملها لصالح إسرائيل، وأنّ الشخص الذي شكّلها هو قائد في كتائب القسام، دفع السلطة في القطاع إلى الدخول في حالة طوارئ من الدرجة الثانية.
وتتمثل هذه الحالة في نشر عناصر الشرطة في معظم مناطق القطاع، وكذلك نشر حواجز أمنية في شوارع غزّة، وتسليم عناصر الأمن صوراً لشخصيات مطلوب اعتقالها للاشتباه بتورطها مع الجانب الإسرائيلي، أو أنّ لها علاقة بالمخطط الذي كانت تنوي الخلية تنفيذه. وكذلك كثفت قيادات الأمن في غزّة من اجتماعاتها بشكل غير مسبوق.
لكن المتحدث باسم وزارة الداخلية يوضح أن "انتشار الحواجز الطيارة هو أمر روتيني يهدف للمحافظة على الأوضاع الأمنية داخل القطاع، وليس هناك أيّ أحداث أمنية".
مسؤول المنظومة الإلكترونية
تشير معلومات وصلت إلى "اندبندنت عربية" إلى أنّه من بين المعتقلين في الخلية، متخابرين (عملاء) مع الجانب الإسرائيلي، وعلى علاقة بضباط في "الشاباك"، وقائد في كتائب القسام في منطقة الشجاعية، يعمل برتبة رائد في جهاز الأمن الداخلي التابع لـ"حماس" في القسم المسؤول عن التحقيق مع المشبوهين بالعمالة، وهو المسؤول عن المنظومة الإلكترونية بحي الشجاعية التي تشمل كاميرات مراقبة وشبكات اتصالات داخلية تحت الأرض، بالإضافة إلى مسؤوليته عن إشارة اللاسلكي، وهو يعمل مدرّباً في جمع المعلومات والأمن الشخصي ومكافحة التجسس.
وهذا ما أدى إلى حالة من الهستيريا الأمنية لدى كتائب القسام، حيثُ بدأ الجهاز العسكري لـ"حماس" بعمليات اعتقال واسعة النطاق، فيما بدأت التحقيقات أيضاً على مستوى عالٍ. ومن ضمن الإجراءات الأمنية التي أجراها القسام، تغيير شامل لمقاسم الاتصالات وشبكة الكاميرات الأمنية ونقاط التواصل، وأرقام الهواتف وخرائط الخطوط الأرضية، وكل ما يتعلق بالعمل التقني.
لكن داخلية غزّة نفت هذه الأخبار، ووصفتها بالمفبركة والهادفة إلى إثارة البلبلة في الشارع الفلسطيني، من أجل إضعاف المنظومة الأمنية.
الهارب
وبعد هذه الحملة الأمنية، تبيّن أنّ مسؤول وحدة الضفادع البشرية في كتائب القسام (الكوماندوس البحرية) غادر منذ ساعات قطاع غزّة باتجاه إسرائيل في زورق تابع للبحرية الإسرائيلية، وكان بحوزته جهاز حاسوب محمول ومبلغاً من المال وأجهزة تصنت.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق ما نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية وموقع وكالة أمد للإعلام، يحتوي حاسوبه على معلومات سرية عن قدرات الجناح العسكري لـ"حماس"، إضافة إلى معلومات حساسة عن وحدة الكوماندوس الحمساوية.
وبحسب المؤسستين الإعلاميتين، فإنّ المسؤول الهارب أثيرت حوله شبهات بشأن ارتباطه مع جهات استخباراتية إسرائيلية، وأن الحركة كانت على وشك اعتقاله قبل فراره بالتنسيق مع تل أبيب. وأوضحت معاريف أنّ التحقيقات التي يجريها القسام تتمّ في سرية بالغة، خوفاً من اكتشاف تورط قادة آخرين في عمليات تجسس شبيهة.
ورجحت مصادر تنتمي لحركة "حماس"، أن يكون القائد السابق قد تمكن من الهرب إلى إسرائيل بالتزامن مع انتشار مكثف للأمن التابع للحركة على البحر. وفي السياق نفسه، كانت السلطات في القطاع اتخذت، قبل ثلاثة أيام، قراراً بإغلاق البحر بشكل كامل، لوجود خلل أمني، بعد رصد ثلاثة قوارب تتجه من الجانب الإسرائيلي إلى شواطئ غزّة.