على الرغم من المخاطر القائمة حتى الآن مع استمرار انتشار فيروس كورونا وتداعياته الخطيرة على الاقتصادات الكبرى، خصوصاً اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية، فإن بيانات حديثة تشير إلى اتجاه البنك المركزي الأميركي إلى التساهل مع البنوك بشأن السماح لها بالتوسع في توزيعات الأرباح.
وأضافت أن أرباح البنوك الأميركية هوت 69.6 في المئة إلى نحو 18.5 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2020 مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي مع تضرر البنوك من التداعيات الاقتصادية للجائحة.
وقالت المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع، إن "تدهور النشاط الاقتصادي" دفع البنوك إلى شطب ديون متعثرة وتخصيص مليارات الدولارات لتغطية الخسائر في المستقبل. وأعلنت أكثر من نصف البنوك الأميركية انخفاضاً في الأرباح، بينما لم تسجل 7.3 في المئة منها أرباحاً.
ويظهر التقرير، أن البنوك تجنبت 38.8 مليار دولار لتغطية خسائر القروض المحتملة في المستقبل، بزيادة نحو 280 في المئة عن الربع الأول من العام السابق. ومع إقبال الكثير من المستثمرين على مبيعات لجني الأرباح في سوق الأسهم، شهدت البنوك الأميركية قفزة قدرها 1.2 تريليون دولار، أو 8.5 في المئة، في الودائع في الربع الأول مقارنة مع الأشهر الثلاثة السابقة.
تآكل رأس المال مع استمرار أزمة كورونا
خلال الأسبوع الماضي فقط على سبيل المثال، سمح المسؤولون في البنك الاحتياطي الفيدرالي مجدداً للبنوك بالاستمرار في دفع توزيعات الأرباح للمساهمين، على الرغم من أن هذه الممارسة تؤدي إلى تآكل رأس المال الذي ستحتاجه للتغلب على الأزمة الحالية.
ووفق رؤية تحليلية حديثة لوكالة "بلومبيرغ أوبنيون"، فإن هذا الاتجاه لدى الاحتياطي الفيدرالي بالسماح للبنوك بالتوسع في توزيعات الأرباح، يعود جزئياً إلى أن مسؤولي الفيدرالي متشابهون للغاية، ومن المرجح بشدة أن يتعاطفوا مع البنوك والمستثمرين بدرجة أكبر مما يفعلون مع المجموعة الأوسع من الأميركيين الذين يفترض أنهم يدافعون عن مستوى معيشتهم، وهذا أمر يحتاج إلى التغيير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع زيادة عدد حالات الإصابة بوباء كورونا الذي يعطل محاولات العديد من الولايات الأميركية في إعادة فتح اقتصاداتها، فإن البلاد ربما تواجه ركوداً ممتداً في التوظيف والنشاط الاقتصادي. ونتيجة لذلك، من المحتمل أن تعاني المؤسسات المالية خسائر كبيرة، حيث أثبت الكثير من الأشخاص والشركات أنهم غير قادرين على سداد القروض.
وفي ضوء هذه المخاطر السلبية الهائلة، حث المراقبون، بما في ذلك رئيسة الفيدرالي السابقة جانيت يلين ورئيسة شركة تأمين الودائع الفيدرالية شيلا بير، المركزي الأميركي مراراً على تعليق كافة التدفقات الرأسمالية الخارجة بما في ذلك توزيعات الأرباح.
وحتى الوقت الحالي، تجاهل الاحتياطي الفيدرالي النصائح رغم أن نظراءه في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة طالبا البنوك بوقف توزيعات الأرباح. وفي مقابلة أجريت في الشهر الماضي، قدم نائب رئيس الفيدرالي للإشراف والتنظيم راندال كوارلز نوعاً من التفسير، وقال إن المستثمرين اتخذوا القرارات بناءً على توقعات دخل توزيعات الأرباح، كما أن المستثمرين الأميركيين يعتمدون على مثل هذا الدخل أكثر من الأوروبيين.
وبعبارة أخرى، فإن الفيدرالي ينحي وظيفته جانباً إلى حد ما لمنع تكرار عمليات الإنقاذ الممولة بأموال دافعي الضرائب كما حدث في عام 2008؛ نظراً لأنه يرغب جزئياً في حماية مستثمري البنوك من عواقب الوباء وبغض النظر عن فكر كوارلز غير المنطقي، فإن الافتقار لوجود مدفوعات مضمونة هو ما يميز المساهمين عن الدائنين، وعلى أي حال يمكن للمستثمرين بيع الأسهم إذا كانوا في حاجة فعلية إلى السيولة النقدية. ويكشف تفكير نائب رئيس الفيدرالي النقاب عن دور التعاطف في صنع السياسات.
صناع السياسة ومخاوف المستثمرين
ويتمتع العديد من كبار المسؤولين في الفيدرالي، بمن في ذلك كوارلز والرئيس جيروم باول ونائب الرئيس ريتشارد سلريدا وعضوة البنك ميشيل بومان، بخبرة واسعة في الاستثمار والعمل مع المؤسسات المالية. لذلك فإنه ليس من المفاجئ أن يكون صناع السياسة بالفيدرالي متوافقين بشكل خاص مع مخاوف المستثمرين.
وجاءت المعارضة الوحيدة من جانب عضوة الفيدرالي ليل برينارد، التي كانت مسؤولة في المركزي الأميركي وفي وزارة الخزانة في معظم ربع القرن الماضي. وبعبارة أخرى، فإن تشابه الخلفيات بين قيادة الفيدرالي وبين ما ينتج عن ذلك من تناغم التعاطف يمنع البنك المركزي من فعل الشيء الصحيح للبلاد. وهذا هو السبب في أن قانون الاحتياطي الفيدرالي يتطلب أن يكون مجلس المحافظين ممثلاً لمجموعة متنوعة من المصالح الاقتصادية.
ولهذا السبب كذلك يحتاج مجلس المحافظين إلى المزيد من الأعضاء الذين تسمح لهم تجارب الحياة بالتعاطف مع العاطلين عن العمل والمزيد من الأعضاء الذين يسمح لهم العِرق بالتعاطف مع تجارب الأميركيين السود والأميركيين اللاتينيين، خصوصاً بالنظر إلى الأدلة المستمرة على التمييز العنصري من جانب البنوك وغيرها من جهات إقراض المستهلكين.