وصل وفد سياسي من محافظة حضرموت (شرق اليمن) إلى العاصمة السعودية الرياض، للمشاركة في المشاورات التي ترعاها المملكة بين الأطراف اليمنية لتشكيل حكومة جديدة وفقاً لاتفاق الرياض.
وفي بيان صادر عنه، أكد "مؤتمر حضرموت الجامع" (وهو تجمع سياسي يضم شخصيات مختلفة من المحافظة)، أن الوفد وصل مساء أمس على متن طائرة خاصة إلى الرياض.
قال البيان إن الوفد يتكون من 4 شخصيات هي، رئيسه المهندس أبوبكر أحمد السري، والأعضاء، طارق سالم العكبري، والقاضي أكرم نصيب العامري، والعميد محمد عوض العليي.
مطالب المشاركة
جاء إعلان تشكيل الوفد بعد خمسة أيام من رفض مؤتمر حضرموت الجامع، تهميش حضرموت في مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة وفق اتفاق الرياض، وتهديده بموقف حاسم حال عدم التجاوب السريع العاجل مع مطالبها.
أعلن "حلف حضرموت" (يعد أكبر تكتل قبلي في المحافظة) و"مؤتمر حضرموت الجامع"، يوم الأربعاء الماضي، تشكيل وفد تفاوضي للمشاركة في مفاوضات الرياض حول تشكيل الحكومة الجديدة، وشدد حينها على أن حضرموت أحق بإحدى الرئاسات الثلاث (في إشارة إلى المطالبة بمنصب رئيس الوزراء في الحكومة المرتقبة)، مهدداً بموقف حاسم حال عدم التجاوب السريع والعاجل من الجهات ذات العلاقة، على حد تعبير البيان.
أهمية استراتيجية
تتميز محافظة حضرموت، كبرى المحافظات اليمنية، بأهمية استراتيجية وتاريخية كبيرة من حيث الثروة، والمساحة، والموقع، وشريط ساحلي طويل على البحر العربي، كما تمثل ثلث مساحة البلاد كاملة، فضلاً عن غناها بالثروة النفطية التي ينشط بها عدد من الشركات النفطية أهمها شركة "بترومسيلة" الحكومية.
مخاوف حضرمية
منذ سيطرة المجلس الانتقالي على العاصمة المؤقتة عدن، وعدد من المحافظات الجنوبية، في أغسطس (آب) 2019، وتنصيب نفسه "حاكماً شرعياً على المحافظات الجنوبية" وتبنيه خيار فصل جنوب اليمن عن شماله، سعى العديد من القوى السياسية والشعبية والمدنية في محافظة حضرموت إلى فرض محافظتهم كطرف رئيس في المعادلة السياسية، وحذرت علانية من سعي "المجلس الانتقالي" للانفراد بتمثيل الجنوب في حصص ومناصب الحكومة الجديدة التي ستشكَّل مناصفة من المحافظات الجنوبية والشمالية.
يأتي هذا، في حين يترقب الشارع اليمني ما ستؤول إليه المشاورات المكثفة التي تشهدها العاصمة السعودية الرياض، بين الحكومة الشرعية، والمجلس الانتقالي برعاية حكومة المملكة، لتشكيل حكومة جديدة على طريق التنفيذ الكامل لبنود اتفاق الرياض المبرم بين الطرفين، وحلحلة الأوضاع الاقتصادية والأمنية المعقدة.
اتفاق الرياض
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، وقّعت الحكومة والمجلس الانتقالي، عقب شهر من الاقتتال، على "اتفاق الرياض" الذي يتضمّن 29 بنداً لمعالجة الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية في جنوب اليمن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتنص أبرز بنوده على عودة الحكومة اليمنية إلى عدن، وتشكيل حكومة كفاءات سياسية لا تتعدى (24) وزيراً مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، ودمج الوحدات المسلحة في إطار وزارتي الدفاع، والداخلية إضافة لملاحق تعالج الأوضاع الاقتصادية والأمنية.
ولم تستطع لجان سعودية عدّة حلحلة الأزمات الناتجة من تأخر تنفيذ البنود غير أن الطرفين ظلّا يتبادلان الاتهامات بشأن مسؤولية عدم التنفيذ.
وفيما كان يترقب الشعب اليمني والإقليم مساعي حلحلة التوترات العسكرية في جنوب اليمن، والأوضاع الاقتصادية وفقاً لاتفاق الرياض، أعلن "المجلس الانتقالي" في 26 أبريل (نيسان) الماضي قرار "الإدارة الذاتية" في المحافظات الجنوبية، وهو الأمر الذي عطّل "اتفاق الرياض" قبل البدء بتنفيذه، وعقّد مساعي الجارة السعودية، والأمم المتحدة لإقرار وقف دائم لإطلاق النار في الحرب التي يخوضها الانتقالي، وهو ما قوبل برفض محلي وإقليمي ودولي، وصفته الحكومة الشرعية حينها بالانقلاب الجديد، الأمر الذي صب المزيد من زيت الأزمة المتفاقمة في البلد، على نار العنف الذي خلف واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم بحسب توصيف الأمم المتحدة.
وقبالة هذا المشهد المعقّد، تسعى الرياض إلى منع تشكّل جبهة ثانية في الحرب اليمنية المتعدّدة الأوجه، التي تشهد جموداً عسكرياً منذ سنوات، ومحاولتها توحيد الجهود العسكرية والسياسية نحو إنهاء الانقلاب الحوثي.