تعجز خدمة إنجلترا لـ "الاختبار والتتبع" Test and Trace "المتفوقة عالمياً" الموضوعة لمواجهة "كورونا"، عن الوصول إلى نصف المخالطين الذين كشف أسماءهم سكان مصابون بـ"كوفيد- 19" في كل من مدينة "بلاكبيرن ويز داروين"Blackburn with Darwen، حيث يحارب رؤساء خدمات الصحة في المنطقة حالة تفشٍ كبيرة للوباء.
وتكشف دراسة تحليلية مسرّبة حصلت عليها صحيفة "الاندبندنت" أنّ الخدمة الوطنية لتتبّع المخالطين لم تتواصل في شتى أنحاء شمال غربي إنجلترا سوى مع 52 في المئة من جميع الأشخاص الذين كانوا على احتكاك وثيق بمرضى أثبتت الفحوص الطبية إصابتهم بكورونا، ما حمل مصدراً كبيراً على القول: "خدمة تتبّع المخالطين تمثّل الآن جزءاً من المشكلة التي نحاول حلها، وليست الحل".
كذلك تظهر البيانات الواردة في التسريبات أنّ النظام يتواصل مع أقل من نصف الأشخاص الذين كانوا على اتصال وثيق مع أشخاص مصابين، وذلك في أولدهام Oldham وسانت هيلينز St Helens ومانشستر Manchester وروتشديل Rochdale. أما الأداء الأفضل في المنطقة هذه فكان في تشيشير إيست Cheshire East، حيث لم تتواصل الخدمة بعد مع ثلث المخالطين.
ونهض بالدراسة التحليلية البروفيسور دومينيك هاريسون، مدير الصحة العامة في "بلاكبيرن مع مجلس بلدية داروين".
وفي التقرير، الذي أُرسل إلى مختلف أرجاء المنطقة في وقت سابق، قال البروفيسور هاريسون: "يتوجّب عليّ أن أنصحكم بأنّي أعتقد أنّ هيكلة وتمويل وتنفيذ وأداء نظام الاختبار والتتبّع المعمول به حالياً، لا سيما الجانب المتعلِّق منه بتتبّع المخالطين، تسهم حاضراً في مفاقمة مخاطر كوفيد-19" في بلاكبيرن و داروين".
وحذّر قائلاً: "في ظلّ وجود أعداد كبيرة من المخالطين لكل إصابة، وعدم الوصول سوى إلى ما يزيد قليلاً على نصف المخالطين الذين احتكوا بحالات أكّدت الفحوص الطبية إصابتهم، نحن معرّضون لخطر كبير يتمثّل في فقدان السيطرة على التصدي لهذا الخطر نتيجة العجز عن تتبّع المخالطين".
وقال إنّ تلك المنطقة تضمّ النسبة الأعلى في البلاد من مخالطي المصابين، ما يعني "أنّ إخفاق النظام في تتبّع المخالطين على نحو سريع وشامل في هذه المنطقة يضاعف خطر الانتشار المجتمعيّ المستمر للفيروس".
وأضاف البروفيسور: "تلزمني مساعدة عاجلة من أجل تعبئة القدرات المحلية في أسرع وقت ممكن".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
النتائج التي خلُص إليها دومينيك هاريسون تركت مسؤولي الحكومة والصحة العامة في إنجلترا يسعون جاهدين في نهاية الأسبوع الماضي بغية وضع نظام تتبّع محليّ جديد لتعقب الأشخاص الذين عجز النظام الوطني عن التواصل معهم. وإذا أخفقوا، ربما يتفاقم التفشي ويؤدي إلى حجر محلّي على شاكلة الإقفال العام الذي شهدته منطقة ليسترLeicester.
وكان بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا، وعد بخدمة اختبار وتتبّع "متفوقة عالمياً" في مايو (أيار) الماضي، وكانت "المجموعة الاستشارية العلمية الحكومية للطوارئ"، التابعة للحكومة البريطانية، قد أوضحت أنّه يجب الوصول إلى 80 في المئة من المخالطين في غضون 48 ساعة من أجل درء انتشار الفيروس.
في الأسبوع الماضي، شهدت منطقة "بلاكبيرن ويز داروين" زيادة كبيرة في الإصابات، مع ارتفاع الحالات إلى 47 إصابة لكل 100 ألف شخص. لذا، طلب المجلس البلدي للمنطقة من السكان الحدّ من استقبال الزائرين في منازلهم وارتداء الكمامات في الأماكن المغلقة.
وتُظهر أحدث البيانات التي نُشرت يوم السبت الماضي أنّ المنطقة الشمالية الغربية سجّلت المعدل الإجمالي الأعلى من الإصابات مع 600 حالة لكل 100 ألف شخص.
وكشف تحليل البروفيسور هاريسون أيضاً عن ضعف في خدمة "الاختبار والتتبّع" المركزية الوطنية التي أُعدَّت ومُنحت إلى شركات خاصة من بينها "سيركو" إلى جانب الاختبارات المركزية في مختبرات "لايت هاوس".
سيتصلّ المتعقبّون بالمخالط 10 مرات، ولكن إذا لم يتمكّنوا من الوصول إليه لن يتبقى شيء يُذكر ليقوموا به. لا تملك المجالس المحلية تفاصيل بشأن جهات الاتصال على مستوى المريض، لذا لا يمكنها تطبيق خدمة تتبّع المخالطين الخاصة بها من طريق التوجّه إلى البيوت في المناطق المتضررِّة بالفيروس.
وذكر تقرير البروفيسور هاريسون إنّ نسبة نجاح تتبّع المخالطين باستخدام الركيزة الأولى من إستراتيجية الحكومة، عبر الاعتماد على مختبرات "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" (إن إتش إس) المحلية و"الصحة العامة في إنجلترا"، كانت 100 في المئة.
وعبر تعزيز الموارد المحلية، قال هاريسون: "في مقدورنا استنهاض حلّ محليّ عن طريق الطلب إلى الفرق المجاورة التابعة لنا تولي تتبّع المخالطين على المستوى المحلي إذ تعزّز المعلومات المحلية النجاح في تعقّب أؤلئك المخالطين. نرى أنّنا سنكون قادرين على القيام بذلك على نحو أسرع وأشمل وبقدر أكبر من البصيرة الثقافية".
وأضاف أنّ المشكلة تكرّرت في مناطق أخرى: "يبدو أنّ كثيراً من السلطات المحلية التي ترتفع لديها الحالات المؤكَّدة لكل 100 ألف، فيها أيضاً من بين أدنى المعدلات لعمليات تتبّع المخالطين المُنجزة. تبدو تبعات ذلك واضحة".
في المجموع، حُدِّد 799 مخالطاً كانوا على تواصل وثيق بمرضى في منطقة المجلس البلدي، في أحدث البيانات. "إنه أكبر عدد من المخالطين لكل حالة في الشمال الغربي"، قال البروفيسور مضيفاً إنّ التواصل جرى مع 44 في المئة فقط من المخالطين فيما لم يتحقّق ذلك مع 56 في المئة، ما يجعله المستوى "الأدنى في الشمال الغربي".
وختم: "سأفعل كل ما في وسعي خلال الأيام القليلة المقبلة بغية تصدر هذه المسألة الأولويات والبحث عن حلول عاجلة وفورية- أما وقد وُضعت الآن الغالبية الساحقة من القدرات والاستثمار المتعلقين بتتبّع المخالطين لدى جهات مفوضة من القطاع الخاص تقدّم هذه الخدمة من بعد، فسنجد صعوبة في توفير الحل المحلي الذي أوجزته".
وفي تصريح أدلى به إلى صحيفة "الاندبندنت" ذكر البروفيسور هاريسون إنّه لن يناقش التقرير المُسرّب، مكتفياً بالقول إن المجلس "كان على علم بالمستوى المتدني في تتبّع المخالطين الشامل"، مضيفاً: "نعمل خلال نهاية الأسبوع الحالي مع نظام الاختبار والتتبّع الوطني والصحة العامة في إنجلترا في سبيل إيجاد حلول فورية أكثر محلية لهذه المشكلة".
تذكيراً، توجّه رئيس الوزراء إلى "تويتر" يوم السبت الماضي ليعلن أن النهج الذي تبنّته الحكومة يعمل فعلاً. وقال إنّ الجهود للسيطرة على كوفيد- 19 "عبر إجراء محلي محدّد الهدف" كانت تجدي نفعاً وتقودها خدمة الاختبار والتتبّع. والأسبوع المقبل، ستكشف الحكومة عن صلاحيات جديدة كي تتمكّن من غلق أبواب الشركات والطلب إلى الناس ملازمة بيوتهم.
أما جوناثان آشوورث، وزير الصحة والرعاية الاجتماعية العمالي في حكومة الظل، فقال: "إنه أمر صادم وأبعد ما يكون عن نظام الاختبار المتفوق عالمياً الذي وعد به بوريس جونسون".
أردف قائلاً، "لدينا عِوض ذلك مزيج مرحليّ من شركات خاصة مختلفة، ووزراء يتلكؤون في إعطاء المجالس البيانات المحددة التي يحتاجون إليها، وعجز في التواصل مع الحالات، ذلك كله مقابل مبلغ هائل قدره 10 مليارات جنيه استرليني من أموال دافعي الضرائب. أفضت هذه الإخفاقات إلى دخول ليستر في إغلاق وإلى دقّ مدير الصحة العامة في بلاكبيرن ناقوس الخطر".
في تطور متصل، قال حزب "الديمقراطيين الأحرار" إنّ رئيس الوزراء لم يكن صريحاً مع الشعب بشأن نظام "الاختبار والتتبع".
وذكرت منيرة ويلسون، الناطقة باسم الحزب لشؤون الصحة "ما تشهده بلاكبيرن وداروين يطيح تماماً ادعاءات رئيس الوزراء الملتبسة بشأن القدرة على السيطرة على الفيروس عبر اتخاذ إجراء محلي محدّد الأهداف".
وأضافت، "إنّها مسألة خطيرة جداً لا تحتمل التلاعب السياسي (خدمةً لمآرب شخصية أو حزبية). من تغيير الإرشادات الحالية على نحو متهور خلافاً لنصيحة خبراء حكومته وصولاً إلى هذا، من الواضح أنّ بوريس جونسون لا يلتزم الصراحة مع الناس".
وفق ويلسون، "السبيل الوحيد إلى تبديد المخاوف والحفاظ على سلامة الناس، في إستراتيجية شاملة ترمي إلى اختبار وتتبّع وعزل كل حالة من حالات فيروس كورونا".
في المقابل، قال متحدّث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية: "أسهم نظام "الاختبار والتتبّع" الذي وضعته "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" (إن إتش إس) فعلاً في اختبار وعزل أكثر من 180 ألف حالة، ما ساعدنا في السيطرة على تفشي الفيروس والحؤول دون حدوث موجة ثانية وإنقاذ الأرواح".
وأردف قائلاً، "تعمل الهيئة بشكل وثيق مع السلطات المحلية في جميع أنحاء إنجلترا للمساعدة في ضبط حالات التفشي المحلية ويجري تبادل البيانات يومياً. ونناشد كل شخص يعاني أعراضاً أن يخضع لاختبار الكشف عن فيروس "كورونا" في أسرع وقت ممكن، وأن يبقى في عزل ذاتي، وعليك أن لا تغادر المنزل إلا من أجل الخضوع للاختبار. تعتمد الخدمة (الفحص والتتبّع) على أن يقوم كل فرد بالدور المنوط به- رجاء، احجزْ موعداً لإجراء الاختبار إذا كنت تشكو أعراضاً، والتزم بالعزل الذاتي، وساعدنا في تعقّب أيّ شخص كنت على تواصلٍ معه".
© The Independent