طالبت الحكومة اليمنية نظيرتها اللبنانية بإيجاد حل لأرصدة البنوك اليمنية العالمية في المصارف اللبنانية، في ظل القيود المصرفية التي يفرضها القطاع المصرفي اللبناني مع ارتفاع حدَّة الأزمة المالية والاقتصادية.
وتَقدَّم محافظ البنك المركزي اليمني، أحمد عبيد الفضلي، بخطاب رسمي إلى حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، بخصوص أرصدة المصارف اليمنية العالقة لدى المصارف اللبنانية.
ودائع مُجمَّدة
في الخطاب الرسمي قال الفضلي إن أرصدة البنك المركزي اليمني تخصُّ التزامات ناشئة عن اعتمادات مُستندية مُغطَّاة من الوديعة السعودية، وحتى تاريخه لم يتم إيجاد حل لمصير هذه الودائع المُجمَّدة في المصارف اللبنانية.
وتطرَّق الفضلي إلى أن "الأضرار الناجمة عن عدم تحرير هذه الودائع تتفاقم كل يوم بالنسبة للبنوك اليمنية والتجار اليمنيين نتيجة استمرار الأزمة".
ووفقاً لصحيفة "النهار" اللبنانية فإن "قيمة هذه الودائع تُقدَّر بنحو 300 مليون دولار موجودة في المصارف اللبنانية، والجزء الأكبر منها في مصرف لبناني واحد يقوم حالياً بالعمل على إيجاد حل لهذا الملف".
وذكرت "النهار" أن "السلطات النقدية اليمنية تُصرُّ على أن هذه الأموال العائدة إلى تجار يمنيين ومؤسسات يمنية تُستخدم لتمويل صادرات غذائية للداخل اليمني، ما يُحتِّم على السلطات اللبنانية إيجاد الحل المناسب بالنسبة لهذه الودائع".
لبنان منفذ اليمن الوحيد
انعكست الأزمة الاقتصادية والنقدية في لبنان على البنوك والتعاملات المصرفية في اليمن، وعطَّلت، بحسب مراقبين اقتصاديين، جميع العمليات المصرفية المُعتادة التي تتم بشكل خاص عبر أجهزة الصرافات الآلية وإجراءات فتح الاعتمادات المستندية، وغيرها.
ووصلت تداعيات الأزمة المصرفية في لبنان إلى جزء كبير في القطاع التجاري الخاص الذي كان يعتمد على البنوك اللبنانية لفتح اعتمادات الاستيراد الخاصة به وتنفيذ التحويلات المالية مع الموردين والعملاء.
مهمة صعبة
لاستيضاحٍ أوفى توقَّع الباحث الاقتصادي اليمني، عبد الواحد العوبلي، أن الحكومة لن تتمكن من استعادة الأموال اليمنية في لبنان في الوقت الحالي، نظراً للظروف الاقتصادية والسياسية التي يمر بها لبنان، وبالتالي عدم توفُّر السيولة اللازمة لاستعادتها حالياً.
ودلَّل العوبلي على ذلك بطلب سابق قدَّمه البنك المركزي اليمني لنظيره اللبناني، قبل ستة أشهر، بتوفير مبلغ ٥٠ مليون دولار من ضمن الأموال اليمنية، وقُوبل هذا الطلب برفض لبناني بحجة انعدام السيولة.
وأشار العوبلي خلال حديثه لـ"اندبندنت عربية" إلى "وجود أزمة مصرفية يُعاني منها لبنان، وهو ما دفع بكثير من المستثمرين الذين يعتمد عليهم لبنان في خدماته المصرفية إلى سحب أموالهم للخارج، وهو ما سبَّب ضعفاً حاداً في التدفقات المالية نحو لبنان، وتسبَّب في انهيار اقتصادي شبه تام، وبات البلد العربي بين ليلة وضحاها بلا عُملة صعبة، وهو ما يصعب بالمقابل، مهمة الحكومة اليمنية"، على حد قوله.
ونتيجة لتوقف التعاملات المصرفية بين اليمن وأغلب المصارف العالمية، أوضح العوبلي أن "اليمن كان يستورد بما قيمته ١٥٠ مليون دولار شهرياً لتغطية الاستهلاك المحلي، وهذه المبالغ كانت تذهب بطبيعة الحال للبنوك اللبنانية لتغطية الاعتمادات المُستندية، وبالتالي فإن مبلغ الـ٣٠٠ مليون دولار إضافة لمبالغ أخرى تابعة لتجار يمنيين لغرض استيرادات تجارية جميعها تتم عبر بنوك لبنانية باعتبارها الخيار الأسرع والأسهل لهم، كما أن دخول اليمنيين للبنان يتم من دون فيزا دخول مُسبقة، وهو ما سهَّل حركة أصحاب الأموال من وإلى لبنان".
وتسبَّبت الحرب الدائرة في اليمن منذ ما يزيد على خمسة أعوام في تضييق الخناق على القطاع المصرفي والبنوك في البلاد وانهيار الريال أمام العُملات الأخرى، وهو ما سبَّب انخفاض المستوى الائتماني للبنوك اليمنية لدى أغلب المؤسسات المالية العالمية، ولم يعُد هناك من يُقدِّم اعتمادات مُستندية نيابةً عن بنوك اليمن إلا في لبنان.