لن تكون الأجهزة التي تعمل على جمع النفايات العائمة من أسطح المحيطات قادرة على حل مشكلة التلوث البلاستيكي الذي يغزو مياه كوكبنا، وفق ما توصلت إليه دراسة حديثة. ووجد الباحثون أن حواجز الأنهار يمكنها أن تشكل طريقة أكثر فاعلية للحد من التلوث "بشكل كبير"، في حال اُستخدمت إلى جانب التكنولوجيا المُعتمدة في تنظيف أسطح المحيطات.
وعقد هؤلاء مقارنة بين تقديرات تتوقع حجم النفايات البلاستيكية الحالي والمستقبلي من جهة، وقدرة أجهزة التنظيف العائمة على جمع تلك المخلفات من جهة أخرى، ووجدوا أن مفعول تلك الأجهزة "متواضع للغاية".
الباحثون الذين أعدوا الدراسة، وهم من جامعة "إيكسيتر" البريطانية University of Exeter، و"مركز ليبنيز للبحوث البحرية الاستوائية" Leibniz Centre for Tropical Marine Research، و"معهد ليبنيز لبحوث الحيوان والحياة البرية" Leibniz Institute for Zoo and Wildlife Research، وجامعة "جاكوبس" الألمانية Jacobs University ، والمبادرة البيئية "ميكينغ أوشنز بلاستيك فري" Making Oceans Plastic Free (تنظيف المحيطات من البلاستيك)، قدروا أن كمية البلاستيك التي تصل إلى المحيطات ستبلغ ذروتها في عام 2029.
كذلك نبهوا إلى أن التلوث البلاستيكي الذي تنوء تحته أسطح المحيطات سيفوق بحلول عام 2052 ما مقداره 860 ألف طن متري، أي ما يربو على ضعف التقديرات الحالية التي تبلغ 399 ألف طن متري، والمفارقة أن بحوثاً سابقة أشارت إلى أن ذلك التاريخ ربما يشهد تصفير معدل التلوث البلاستيكي.
تحدث في هذا الشأن الدكتور جيسي أف أبرامز، من "معهد النظم العالمية" و"معهد علوم البيانات والذكاء الاصطناعي" في جامعة "إيكسيتر"، فقال إن "الرسالة المهمة المستقاة من هذه الورقة العلمية هي أنه لا يمكننا الاستمرار في تلويث المحيطات على أمل أن تتولى التكنولوجيا أمر (تنظيف) تلك الفوضى".
وأضاف، "حتى لو أمكننا جمع كل البلاستيك الموجود في المحيطات- وهي خطوة نعجز عنها- يبقى من الصعب حقاً إعادة تدويره، خصوصاً إذا كانت الأجزاء البلاستيكية قد طفت لمدة طويلة في المياه، وتآكلت، أو غطتها ترسبات حيوية (تلوث بحري بيولوجي يُسمى الحشف الحيوي).
"الحلول الرئيسة الأخرى هي بطمرها (النفايات البلاستيكية المنشولة من المحيطات) أو حرقها- بيد أن الدفن من شأنه أن يلوث الأرض فيما يؤدي الحرق إلى تلوث الغلاف الجوي بانبعاثات إضافية من ثاني أكسيد الكربون"، وفق كلام أبرامز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحللت الدراسة، المنشورة في مجلة "ساينس أوف ذي توتال إنفايرومنت" Science of the Total Environment، مدى نجاعة المبادرات الخاصة التي تقترح جمع البلاستيك من المحيطات والأنهار، التي حظيت أخيراً باهتمام واسع النطاق.
ونظرت الدراسة هذه في مشروع واحد يُسمى "تنظيف المحيط"Ocean Cleanup يرمي إلى تنظيف "رقعة القمامة في المحيط الهادئ" خلال العشرين سنة المقبلة باستخدام حواجز عائمة بطول 600 متر لجمع البلاستيك السطحي من أجل إعادة تدويره، من طريق حرقه أو طمره في الأرض.
وحلل الباحثون النتيجة التي يمكن أن تتأتى عن نشر 200 جهاز من ذلك النوع يعمل باستمرار لمدة 130 عاماً بين 2020 و2150، وخلُصوا إلى أن حجم الحطام البلاستيكي العائم سيتراجع بمقدار 44 ألفاً و900 طن متري، أي ما يزيد قليلاً على 5 في المئة من الإجمالي العالمي للتلوث المقدر في نهاية تلك المدة.
ومن جانبه، قال الدكتور زونكه هون من "مركز ليبنيز للبحوث البحرية الإستوائية": "التأثير المتوقع لأجهزة التنظيف المفردة والمتعددة كلتيهما متواضع للغاية مقارنة بكمية البلاستيك التي تدخل المحيط باستمرار. وكذلك، تكلفة تصنيع تلك الأجهزة وصيانتها باهظة نسبياً قياساً إلى كل وحدة بلاستيكية تُنتشل من المياه".
وقال الباحثون إن "التوقف الكامل" للتلوث البلاستيكي الذي يجد طريقه إلى المحيطات عبر الأنهار في مقدوره أن يكبح معظم المخلفات التي يتوقعها الباحثون على مدى العقود الثلاثة المقبلة.
ومع ذلك، يوضح الباحثون أنه نظراً إلى أهمية الأنهار الكبيرة لعمليات الشحن العالمي، فمن غير المرجح تثبيت تلك الحواجز على نطاق واسع.
لذا، نظراً إلى صعوبة إعادة التدوير والتأثيرات السلبية لطمر البلاستيك أو حرقه، تفيد الدراسة أن خفض تصريف المخلفات البلاستيكية في المحيطات ورفع معدلات إعادة التدوير ضروريان للتصدي لتلوث المحيطات.
أخيراً، قال البروفيسور أغوستينو ميريكو من "مركز ليبنيز للبحوث البحرية الإستوائية" وجامعة "جاكوبس": "البلاستيك مادة متعددة الاستخدامات إلى أقصى حد ذات نطاق واسع من التطبيقات الاستهلاكية والصناعية، لكننا بحاجة إلى البحث عن بدائل أكثر استدامة وإعادة النظر في الطريقة التي نعتمدها في إنتاج البلاستيك واستهلاكه والتخلص منه".
© The Independent