اكتسب الاقتصاد الأميركي زخماً هذا الشهر، حيث تخلصت الشركات من آثار الانكماش الناجم عن الوباء، على الرغم من تباطؤ التعافي في أجزاء أخرى من العالم، وفقاً لاستطلاعات جديدة لمديري المشتريات.
تشير البيانات الصادرة، الجمعة، بحسب ما أوردته وول ستريت جورنال إلى أن الشركات الأميركية تشهد عودة للطلب مع إعادة فتح أبوابها بعد عمليات الإغلاق المفروضة في الربيع وأوائل الصيف. كما تشير إلى أن الاقتصاد تمكن حتى الآن من تجاوز الارتفاع الحاد بيوليو (تموز) في الإصابات الجديدة بفيروس كورونا وإغلاق الأعمال التي هددت بإخراج التعافي عن مساره.
وفي هذا السياق، قالت شركة البيانات "آي إتش إس ماركت"، إن "مؤشر مديري المشتريات المركب، وهو مقياس لنشاط التصنيع والخدمات، ارتفع إلى 54.7 نقطة من 50.3 نقطة في يوليو، وهو أعلى مستوى في 18 شهراً، حيث شهد كلا القطاعين زيادة كبيرة. القراءة فوق النقطة 50 هي علامة على التوسع بينما القراءة أقل من النقطة 50 هي علامة على الانكماش.
وارتفع مؤشر الإنتاج الصناعي إلى 53.6 نقطة من 50.9 نقطة في يوليو. ارتفع مؤشر نشاط الخدمات من النقطة 50 إلى 54.8 نقطة.
في هذا الخصوص، قال مايكل بيرس، كبير الاقتصاديين الأميركيين في كابيتال إيكونوميكس "إنها نتائج قوية. كانت لدينا بعض الأسباب للقلق من أن التعافي ربما يكون قد فقد زخمه أو تراجع قليلاً، لكن لا يبدو أنها قد تحققت. يبدو أن الاقتصاد يمضي قدماً".
في تقرير منفصل، الجمعة، قالت الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين إن "مبيعات المنازل المملوكة سابقاً ارتفعت بنسبة 24.7 في المئة بيوليو مقارنة بشهر يونيو (حزيران)، مدفوعة بأسعار الفائدة المنخفضة ورغبة الناس في مساحة أكبر.
حذر الاقتصاديون من أن البيئة الاقتصادية غير العادية - الانكماش الحاد والعميق في الربيع الناجم عن جائحة كورونا - تجعل من الصعب تفسير البيانات الحديثة. على سبيل المثال، قال بيرس، نظراً لأن أرقام مؤشر مديري المشتريات تقيس فقط التغيير من شهر لآخر، فإنها لا تظهر مقدار الأرضية التي لا تزال الولايات المتحدة بحاجة إلى تعويضها.
18.3 في المئة نمو الإنتاج الأميركي المتوقع في الربع الثالث
قالت وزارة التجارة الأميركية، إن إنتاج الولايات المتحدة انخفض بمعدل سنوي بلغ 32.9 في المئة في الربع الثاني، وهو أسوأ انكماش على الإطلاق. من ناحيتهم، توقع الاقتصاديون الذين استطلعت وول ستريت جورنال في وقت سابق من هذا الشهر آراءهم وتيرة زيادة سنوية بنسبة 18.3 في المئة في الربع الثالث.
في المقابل، تشير مؤشرات أخرى إلى أن الاقتصاد الأميركي لا يزال ضعيفاً. وفي سياق آخر، ذكرت وزارة العمل الأميركية، الخميس، أن الطلبات الجديدة للحصول على إعانات البطالة ارتفعت الأسبوع الماضي. وتباطأت مكاسب الرواتب في يوليو عن يونيو. قد يكون المزيد من الألم في الطريق، حيث أعلنت العديد من الشركات، بما في ذلك شركة بوينغ، عن تخفيض الوظائف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهته، قال مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي، إن الإنتاج الصناعي لا يزال أقل بنسبة 8.2 في المئة عن مستواه قبل عام. بلغت حجوزات المطاعم نحو 50 في المئة مما كانت عليه قبل عام، وفقاً لـ"أوب تيبل"، وهو تحسن من أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، عندما جُمدت بالكامل تقريباً.
وقالت "آي إتش إس ماركت" إن "ارتفاع الطلب أدى إلى التوسع في أغسطس (آب)، وذلك بفضل عودة العملاء وحملات التسويق الجديدة وتخفيف عمليات الإغلاق في الخارج، مما ساعد على تعزيز الصادرات". قال المشاركون في الاستطلاع إنهم ما زالوا متفائلين بشأن الأشهر الـ12 المقبلة، على الرغم من أنهم أعربوا عن مخاوفهم بشأن الوباء.
قطاع الفنادق في طريقه للتعافي
قال آرثي سورنسون، الرئيس التنفيذي لشركة ماريوت إنترناشيونال إنك، إن "الأعمال في سلسلة الفنادق تتعافى، مدفوعة إلى حد كبير بالمسافرين بغرض الترفيه والمتحمسين للخروج من المنزل".
وأضاف للمحللين الأسبوع الماضي "لست متفائلاً بشأن الفيروس أكثر مما كنت عليه قبل شهر، ومع ذلك، أنا أكثر تفاؤلاً بشأن تعافي قطاع السفر وتعافي أعمالنا".
وفي السياق ذاته، قال وليام ميني، الرئيس التنفيذي لشركة آيرون ماونتن إنك، وهي شركة لإدارة البيانات، إن "تراجع إيرادات الربع الثاني لم يكن سيئاً كما كان متوقعاً، ولكن التوقعات ظلت غير مؤكدة".
وأضاف في مؤتمر عبر الهاتف، "ما زلنا نرى بعض المخاطر في النصف الثاني تقريباً اعتماداً على ما يحدث مع تطور الفيروس والقيود الإضافية المحتملة".
انخفاض مؤشر المشتريات في أوروبا
أما في أوروبا، فانخفض مؤشر مديري المشتريات المركب لشركة "آي إتش إس ماركت"، لمنطقة اليورو إلى 51.6 نقطة في أغسطس من 54.9 نقطة في يوليو، مما يشير إلى تباطؤ توسعها. يأتي هذا في الوقت الذي ترتفع فيه الإصابات مرة أخرى في أوروبا، مما يضرب قطاع الخدمات بشدة، بما في ذلك صناعة السياحة في أكثر الأوقات ازدحاماً في العام.
كان المتضررون أصغر بكثير في المتوسط مما كانوا عليه خلال الموجة الأولى من الوباء، وكان عدد حالات دخول المستشفى أقل بكثير. وفقاً لخبراء الاقتصاد، فإن ذلك يقلل من احتمالية عودة الحكومات إلى عمليات الإغلاق واسعة النطاق، والتي من المرجح أن تعيد اقتصاد منطقة اليورو إلى الانكماش.
نمو في قطاع المصانع الأوروبية
على النقيض من قطاع الخدمات، سجلت بعض المصانع الأوروبية نمواً قوياً في أغسطس، حيث أشارت الشركات الألمانية إلى زيادة في الطلبات من الصين. ومع ذلك، شهد نظراؤهم الفرنسيون تباطؤاً حاداً في النمو.
انكمش اقتصاد منطقة اليورو بشكل حاد أكثر من الولايات المتحدة في الربع الثاني، مما يعكس أن عمليات الإغلاق الأوروبية كانت أكثر تقييداً وأطول أمداً. كان صانعو السياسة في منطقة اليورو يأملون في أنه من خلال السيطرة على الفيروس، فإن اقتصاد منطقة العملة سيشهد انتعاشاً أقوى خلال الفترة المتبقية من العام وحتى عام 2021. إذا دُعمت الاستطلاعات ببيانات أخرى في تسجيل أبطأ من التوسع المتوقع، من المرجح أن يقدم البنك المركزي الأوروبي حوافز إضافية في الأشهر المقبلة.
تقلص الاقتصاد الياباني
وعلى صعيد الاقتصاد الياباني، فقد تقلص بشكل أقل حدة من نظيره في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو في الربع الثاني، لكن هذا يرجع جزئياً إلى أن الإنتاج بدأ بالفعل في الانخفاض خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2019.
وأشار مسح "آي إتش إس ماركت"، إلى أن الاقتصاد الياباني انكمش مرة أخرى هذا الشهر، مع عدم تغيير مؤشر مديري المشتريات المركب عند 44.9 نقطة في أغسطس.