دفاعاً عن مشروع القانون الذي يتراجع عن بعض التزامات بريطانيا في إطار اتفاق بريكست مع الأوروبيين، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الإثنين 14 سبتمبر (أيلول)، إنه يريد من خلاله صون سلامة ووحدة أراضي المملكة المتحدة، في حين رأت المعارضة فيه "تشويهاً لسمعة البلاد".
وأمام مجلس العموم الذي عاد إلى المناقشات الساخنة حول خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، قال رئيس حكومة المحافظين إن مشروعه "ضروري للحفاظ على سلامة المملكة المتحدة سياسياً واقتصادياً".
واتهم جونسون الاتحاد الأوروبي بالتهديد بإقامة "حدود جمركية داخل بلادنا" بين بريطانيا ومقاطعة إيرلندا الشمالية. وقال إن مشروع القانون الذي تقدم به يمثل "شبكة أمان" و"بوليصة تأمين" يأمل ألا تضطر البلاد إلى استخدامها.
وأضاف "لا يمكن لأي رئيس وزراء بريطاني ولأية حكومة ولأي برلمان أن يقبل" بمثل هذه الشروط، رداً بشكل خاص على الانتقادات التي وجهها أسلافه الخمسة الذين ما زالوا على قيد الحياة.
"تشويه سمعة بريطانيا"
وباعتراف الحكومة البريطانية، ينتهك المشروع المقترح القانون الدولي بطريقة "محددة ومحدودة". الأمر الذي يتعارض مع بعض بنود الاتفاق الذي التزمت لندن بتنفيذه قبل أقل من سنة، لاسيما التدابير الجمركية المتعلقة بإيرلندا الشمالية.
في المقابل، اتهمت المعارضة البريطانية رئيس الوزراء بتشويه سمعة البلاد من خلال مشروع القانون. وقال مسؤول شؤون سياسات الشركات في حزب العمال المعارض إد ميليباند، "لم يخطر ببالي قط أن يصبح احترام القانون الدولي في حياتي مسألة خلاف في البرلمان، ولم أتخيل أبداً أن يأتي ويقول سنشرع لخرق القانون الدولي في شأن اتفاق وقعناه قبل أقل من عام".
وقال ميليباند إن جونسون وحد أسلافه الخمسة الأحياء، سواء من حزب العمال أم المحافظين، في معارضة مشروع قانونه الذي يخالف القانون. وأضاف، "إنه يشوه سمعة هذا البلد ويسيء لسمعة منصبه".
اللجؤ إلى القضاء
وهددت بروكسل، التي طالبت بسحب البنود المثيرة للجدل بحلول نهاية الشهر الحالي على أبعد تقدير، باتخاذ إجراءات لإحالة الأمر إلى القضاء، واعتبرت مشروع القانون بمثابة ضربة لـ "الثقة" المتبادلة، في حين لم يتبق للجانبين سوى بضعة أسابيع للتوصل إلى اتفاق التجارة الحرة، وتجنب القطيعة المفاجئة، وفرض تعريفات جمركية في الأول من يناير (كانون الثاني)، إذ يتوافق هذا التاريخ مع نهاية الفترة الانتقالية حين يتحقق الطلاق الفعلي.
وفيما يعتمد جونسون على غالبية كبيرة تجعل من غير المرجح رفض النص في القراءة الأولى مساء الإثنين، يمكن لنواب حزبه المتمردين تقديم دعم حاسم خلال الأيام المقبلة، لتعديل قدمه النائب المحافظ روبرت نيل، يحد من صلاحيات الحكومة في شأن أي خرق لاتفاق بريكست.
وتصاعد التمرد داخل حزب المحافظين الإثنين، مع صدور انتقادات عن المدعي العام السابق المحافظ والمؤيد لبريكست جيفري كوكس، وهو مستشار قانوني للحكومة، إضافة إلى وزير المالية السابق ساجد جافيد الذي استقال من حكومة جونسون في فبراير (شباط) الماضي.
تصدير المنتجات الغذائية
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتسبب هذا المشروع بأزمة سياسية دبلوماسية جديدة في مسلسل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي بدأ قبل أكثر من أربع سنوات بانتصار خيار بريكست في الاستفتاء.
وينص الاتفاق المبرم في العام الماضي بين لندن وبروكسل على ترتيبات جمركية خاصة لإيرلندا الشمالية، تهدف على وجه الخصوص إلى تجنب إعادة إنشاء حدود مادية بين جمهورية إيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، والمقاطعة البريطانية، وفقاً لاتفاق السلام الذي أنهى عام 1998 ثلاثة عقود من العنف.
ويجب أن تظل إيرلندا الشمالية خاضعة لبعض الأحكام الأوروبية لمدة أربع سنوات، لاسيما في ما يتعلق بتبادل السلع. لكن بالنسبة إلى لندن، يهدد الاتحاد الأوروبي برفض وضع المملكة المتحدة على قائمة البلدان المسموح لها بتصدير المنتجات الغذائية إلى هذه المنطقة التي هي جزء منها، مما سيمنع إيرلندا الشمالية من الاستيراد من باقي البلاد.
وإذا تمت الموافقة على مشروع القانون، فستكون الحكومة قادرة على اتخاذ قرارات تجارية من جانب واحد في إيرلندا الشمالية، على عكس ما تم الاتفاق عليه في الأصل.
استئناف المفاوضات
وبالرغم من الأزمة التي أثارها هذا المشروع، فإن المناقشات مستمرة بين المفاوضين البريطانيين والأوروبيين حول اتفاق التجارة الحرة.
ومن المقرر أن تستأنف المناقشات هذا الأسبوع في بروكسل، لكن الجلسة الثامنة الأسبوع الماضي لم تتوصل إلى حل بعض الخلافات الرئيسة، ومنها امتثال لندن لقواعد تجنب حصول منافسة غير عادلة عند حدود الاتحاد الأوروبي، وشروط وصول الصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية.
وأكد الطرفان ضرورة الاتفاق في أكتوبر (تشرين الأول) لتجنب انتهاء المرحلة الانتقالية من دون إبرام اتفاق، ما سيؤدي إلى فرض رسوم جمركية بين المملكة المتحدة والكتلة الأوروبية، ويهدد بتفاقم الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة الناجمة عن فيروس كورونا في بريطانيا.