أثار تقرير نشرته وكالة رويترز حول طريقين تنفذهما مصر قرب أهرامات الجيزة، تساؤلات حول مدى تأثير المشروع في سلامة المنطقة التي تضم الهرم الأكبر، آخر عجائب العالم السبع، حيث قدم التقرير آراء خبراء معظمهم لم تسمهم قالوا إن للمشروع تأثيرات سلبية كبيرة في المنطقة، التي تذخر بالآثار بحسب العلماء.
ويمر الطريق الشمالي عبر الصحراء على بعد 2.5 كيلو متر جنوب الأهرامات، بينما يمر الطريق الجنوبي بين هرم سقارة المدرج، ومنطقة دهشور، التي تضم هرم سنفرو المائل والهرم الأحمر، ويتسع كل من الطريقين لنحو ثماني خطوط مرورية. وتؤكد السلطات المصرية أنها تنفذ الطريقين بحرص، وأنهما سيساعدان في حل أزمة الزحام المروري.
نفي قاطع
بلهجة حازمة نفى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية مصطفى وزيري ما ذكره التقرير، مؤكداً أنه لا يمكن تصور الموافقة على تنفيذ مشروع يضر المناطق الأثرية. وأضاف، "دورنا أن نحمي مناطقنا الأثرية ليس الإضرار بها".
وأكد وزيري لـ"اندبندنت عربية"، أن الدولة استشارت خبراء الآثار وأخذت موافقة اللجنة الدائمة للآثار المصرية التي تضم كافة خبراء الآثار من داخل وخارج الوزارة، وتمت مراقبة الحفر خلال جميع مراحل التنفيذ. مضيفاً أن الدولة تحمي المناطق الأثرية وتطورها وتعمل على زيادة الاكتشافات، لكن أعداء مصر يروجون تلك الادعاءات. مؤكداً أن هناك من لا يريد أن يرى مصر تحقق التقدم الذي تعمل عليه حالياً على حد قوله. مؤكداً أنه يراهن على وعي المواطن المصري في التفرقة بين الحقيقة والأكاذيب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما أصدرت وزارة السياحة والآثار بياناً رداً على ما تم تداوله حول إنشاء طريقين بمنطقة هضبة الأهرامات الأثرية، وأكد خلاله مدير عام منطقة آثار الهرم أشرف محيي الدين، أنه لا توجد أعمال حفر وإنشاء طرق داخل هضبة الأهرامات الأثرية، وأن مشروع تطوير هضبة الأهرامات انتهى منذ 2019، وسيتم افتتاحه بداية عام 2021، مؤكداً أن أي أعمال تتم خارج المنطقة الأثرية هي أعمال تمهيدية فقط.
وأضاف البيان، "الطريق الآخر المشار إليه في الصور المتداولة، الذي يتضمن وجود أشجار، فهو على أراضٍ مملوكة لأهالي خارج المنطقة الأثرية والأعمال به تمت تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار".
التطوير لصالح المنطقة الأثرية
من جانبه قال وزير الآثار السابق ممدوح الدماطي، إنه لا يملك تفاصيل حول ما ذكرته وكالة رويترز، ولكنه أشار إلى تطوير المنطقة بين المتحف المصري الكبير، المنتظر افتتاحه قريباً، ومنطقة الأهرامات بما يشمل إنشاء نفق للسيارات و"لاند سكيب". مؤكداً أن المشروع سيغير شكل منطقة الأهرامات للأفضل ولن يضر الآثار.
وأضاف الدماطي، وهو من كبار علماء الآثار، أنه من المتبع عند إنشاء أي مشروع قرب المناطق الأثرية تشكيل لجنة مشتركة تضم خبراء من وزارة الآثار وكل القطاعات ذات الصلة مثل النقل والبيئة والمحليات وغيرها لضمان عدم تأثر الكنوز الأثرية، مؤكداً أنه لا يمكن لأي جهة أن تلقي الاتهامات جزافاً.
وأشار وزير الآثار السابق إلى وجود طريق الرماية القريب جداً من الأهرامات ولا يضر بالآثار رغم كثافة المرور فيه لسنوات، بل إن الدولة تعمل حالياً على تحديثه بما يشمل إزالة نادي الرماية، وتحويل جزء من الطريق إلى ممر المشاة فقط ما يفيد صورة منطقة الهرم الأثرية.
مراجعة الدراسات
ورأى الأكاديمي جلال أبو بكر أن أهمية الكنوز الأثرية لا تضاهيها قيمة أي مشروع آخر، وفي حالة وجود بديل عن الطريقين قرب الأهرامات يمكن الاستغناء عن المشروع تجنباً لأي أضرار محتملة قد تلحق بالآثار. وأكد أن تحديد مدى إمكانية إنشاء أي مشروع قرب المناطق الأثرية يكون بعد استشارة خبراء الآثار والطرق وغيرهم من المتخصصين.
وأشار أبو بكر أنه من المتعارف عليه تحديد ما يسمى بـ"حرم الأثر"، وهي مساحة معينة يحظر البناء عليها محيطة بالمنطقة الأثرية للحفاظ عليها وإتاحة الفرصة لأي اكتشافات أثرية مستقبلاً، مؤكداً أنه في الغالب يتم احترامها من كافة الجهات.
وأضاف، أنه من الضروري تشكيل لجنة لمراجعة الدراسات الخاصة بالطرق قرب هضبة الهرم، لإنهاء اللغط حولها وإثبات عدم تأثر المنطقة الأثرية، مؤكداً ثقته في حسن نية القائمين على المشروعات وحرصهم على كنوز مصر الأثرية.
تطوير هضبة الأهرامات
وتضع الحكومة المصرية حالياً اللمسات الأخيرة في مشروع تطوير منطقة هضبة الأهرامات الأثرية، الذي بدأ في يناير (كانون الثاني) 2009، وكان من المخطط له أن ينتهي العمل به في الشهر ذاته عام 2012، إلا أن الأوضاع التي تلت ثورة 25 يناير 2011 حالت دون استكماله، إلى أن خصصت الحكومة في عام 2016 الاعتمادات المالية لاستكماله، وتعاقدت وزارة الدولة للآثار مع الشركة المنفذة في ديسمبر (كانون الأول) 2018.
بحسب الموقع الرسمي لوزارة الآثار، اعتمد مخطط المشروع على تقسيم المنطقة إلى ثلاث نطاقات، يمثل النطاق الأول الأساس المباشر للمنطقة الأثرية، ويضم كل الآثار المبنية والظاهرة والخاضعة للتنقيب الأثري أو المحتملة، أما النطاق الثاني فيمثل منطقة عازلة، ويشكل النطاق الثالث أو الخارجي منطقة انتقالية ضمن الحدود المعتمدة للمنطقة الأثرية.
ويتضمن مشروع تطوير هضبة الأهرامات، تطوير مداخل المنطقة الأثرية، وبناء سور مراقب بالكاميرات، وغرفة تحكم لأنظمة المراقبة، وإنشاء مبنى جديد للتفتيش، وتأهيل الطرق، وإنشاء مركز للزوار، وإنشاء منطقة للتريض خارج السور الأمني مساحتها 18 كم مخصصة لركوب الخيل والجِمال ويمكن الدخول إليها من المنطقة الأثرية ويسمح فيها بوجود الباعة الجائلين، وتطوير منطقة الصوت والضوء، بالإضافة إلى إقامة مبانٍ خدمية. كما يتيح المشروع استخدام سيارات كهربائية لنقل السائحين من مركز الزوار إلى جميع المزارات الأثرية بدلاً من السيارات الخاصة والحافلات السياحية حماية للآثار من مخاطر التلوث. ومن المقرر افتتاح منطقة الأهرامات في شكلها الجديد بالتزامن مع افتتاح المتحف المصري الكبير العام المقبل.