وصف السير كير ستارمر بوريس جونسون بأنه "لا يرقى إلى مستوى وظيفة" رئيس الوزراء، فيما اعتبر أن عدم كفاءته هي سبب تعامله الفاشل مع فيروس كورونا، وسعى لتقديم العمال كحزب قادر على تشكيل حكومة بديلة مقنعة.
وفي سياق هجومه العنيف على سجل جونسون كرئيس للوزراء، ندد السير كير بطريقة تعامله مع بيوت رعاية المسنين خلال الجائحة معتبراً إياها "فضيحة وطنية"، وقال إن "إغلاقاً ثانياً" سيكون دليلاً على "فشل الحكومة".
ففي كلمة ألقاها أمام المؤتمر الافتراضي لحزب العمال الذي صمم لطي صفحة سنوات جيرمي كوربين من خلال الوعد بـ"قيادة جديدة"، وضع السير كير شخصية جونسون في صميم هجومه عليه، مسلطاً الضوء على التناقض بين سجله هو كمحام ومدير للإدعاء العام ورئيس الوزراء الذي كان حينذاك كاتباً "وقحاً" لعمود صحافي.
وناشد الناخبين أن "يلقوا نظرة أخرى على (حزب) العمال" لافتاً إلى أنه في ظل القيادة الجديدة سيكون العمال حزباً "يتعامل مع الوظائف بمحمل الجد" ويقدم إجابات للمشاكل التي ستواجهها البلاد في المستقبل.
والسير كير، الذي كان يتحدث قبل ساعات من إعلان جونسون عن قيود جديدة على المستوى الوطني لكبح جماح حالات كوفيد-19 في أنحاء البلاد، رأى أن الحكومة قد "فقدت السيطرة" على الأزمة.
وأضاف "ينبغي ألا يكون هناك شيء حتمي بشأن إغلاق ثان".
وتابع "سيكون الإغلاق دليلاً على فشل الحكومة، وليس من مشيئة الله. سيكون له تأثير هائل على صحة الناس البدنية والنفسية وعلى الاقتصاد أيضاً. ونحن في حاجة إلى جهد وطني لمنع فرض إغلاق ثان... لكن الحكومة فقدت السيطرة على الوضع بدلاً من أن تتحكم فيه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفيما أصر على أنه مستعد لاتخاذ موقف "بناء" بشأن الإجراءات المطلوبة لمعالجة كوفيد-19، قال السير كير إنه "غاضب" لفشل الحكومة في توفير نظام تتبع واختبار يعمل بشكل مجد، وفي تزويد العاملين في الخط الأول لمكافحة الجائحة بمعدات الوقاية الشخصية، وفي تقديم نتائج امتحان عادلة (لطلبة المدارس)، وذلك في الوقت الذي كان الوزراء فيه "يبددون الملايين من أموالكم في سياق العملية".
وأضاف الزعيم العمالي "لأكون منصفاً، لقد حاولت أن أصدق الحكومة حتى يظهر الدليل على أنها لا تستحق ذلك... لكن الآن، ونحن نعاني من واحدة من أعلى نسب الوفيات في العالم، وفيما نقف على عتبة واحد من أعمق أزمات الركود الاقتصادي التي واجهها أي بلد آخر، أخشى أنه لم يعد هناك شك بوجود ذلك الدليل".
واعتبر السير كير أن "عدم كفاءة هذه الحكومة تعيق تقدم بريطانيا". وإذ وجه أصابع الاتهام بصورة مباشرة إلى جونسون، قال إن "الأزمة تكشف عن جوهر الشخصية بطريقة يعجز عنها أي شيء آخر... وأعتقد أننا تعلمنا كثيراً عن رئيس الوزراء هذا. ويدرك ذلك النواب المحافظون ومجلس وزرائه يدرك ذلك. لا بل نحن جميعاً ندرك ذلك... إنه فقط ليس جدياً. وهو لا يرقى إلى مستوى المهمة".
وتابع السير كير "كلما واجهته مشكلة، استجاب جونسون إما بتمني زوال تلك المشكلة أو بتوجيه انتقاد للآخرين... لقد ظل يتمنى زوال مشاكل الاختبارات، متظاهراً أنها غير موجودة. وتمنى أيضاً زوال مشاكل الحدود الإيرلندية. ثم عندما أدرك في نهاية المطاف الالتزام الذي كان قد وقع عليه، اندفع مهاجماً وقرر خرق القانون الدولي... نحن جميعاً نؤدي واجبنا لمكافحة الفيروس من خلال الامتثال لقاعدة الستة. وفي غضون ذلك، تمتنع الحكومة حتى عن الامتثال لسيادة القانون".
وأردف "وهذا هو الفرق الكبير بين رئيس الوزراء وبيني: بينما كان بوريس جونسون يكتب أعمدة صحافية غير جادة حول قرون الموز الملتوية، كنت أدافع عن الضحايا الأبرياء من خلال مقاضاة الإرهابيين... وبينما كانت صحيفة تنهي خدماته لأنه اختلق بعض الاقتباسات، كنت أنا أكافح في سبيل العدالة وسيادة القانون".
وفي سياق محاولة واضحة لوضع نفسه على طرفي نقيض مع جيريمي كوربين، ذكر السير كير أسماء رؤساء حكومات سابقين من حزب العمال، مثل كليمنت آتلي، وهارولد ويلسون وتوني بلير، الذين حققوا انتصارات انتخابية ويريد أن يحذو حذوهم في محاولته الفوز بالسلطة.
وقال إن على حزب العمال أن يكون "بمنتهى الصدق" ويعترف أنه "استحق" خسارة الانتخابات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حين مني تحت قيادة كوربين بأسوأ هزيمة منذ 1935.
وإذ وصف الفشل في الفوز بالانتخابات بأنه "خيانة" لداعمي حزب العمال وناخبيه، رأى السير كير أن "الوقت قد حان لنكون جادين بشأن الفوز... هذا يعني أن علينا أن نتغير، وهذا هو ما نفعله. هذا حزب في ظل قيادة جديدة".
ولم يعلن السير كير عن سياسات جديدة في الكلمة التي ألقاها في قاعة فارغة في مدينة دونكاستر، بعد ما تحتم إلغاء المؤتمر السنوي التقليدي لحزب العمال في مدينة ليفربول بسبب أزمة فيروس كورونا.
بيد أن السير كير وعد بأنه حين يزيح الستار عن برنامج الحزب لانتخابات 2024، فإن هذا "سيكون ضارب الجذور في قيم حزب العمال، ولن يكون كأي شيء قد سمعتموه من قبل، بل ستكون له نبرة تشير إلى أن المستقبل آت".
وفي عبارات سينظر إليها على نطاق واسع بأنها تنصل من أجندة كوربين، قال السير كير إنه "لم يكن زعيماً من النوع الذي يريد أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء" مضيفاً "الزمن يتغير وكذلك الأولويات السياسية".
ولفت إلى أنه "في 75 عاماً منذ النصر التاريخي في عام 1945، كان هناك ثلاثة زعماء عماليين فائزين". وأضاف "أريد أن أكون الرابع... وحين تلقي نظرة على أعوام 1945 و1964 و1997 الماضية، فإنك تتعلم درساً مهماً. والدرس هو لا تنظر إلى الوراء؛ تطلع إلى المستقبل... علينا أن نفكر في أسئلة 2024 و2030، وليس في أسئلة الماضي".
وأوضح أنه لن يعيد فتح موضوع عضوية الاتحاد الأوروبي، مصراً على أن التحدي حالياً هو التعامل مع بريكست بطريقة تتسم بـ"النضج" وتأمين اتفاقية تجارة مع بروكسل.
وفي توجه واضح لاستمالة ناخبي حزب العمال التقليديين مجدداً، ممن يعيشون في دوائر "الجدار الأحمر" الانتخابية في منطقة ميدلاندز بأواسط إنجلترا وفي الشمال، والتي اكتسحها جونسون في ديسمبر الماضي، ذكر السير كير أن قيمه ترتكز على العائلة، وعلى الأمن والطموح اللذين يريد توفيرهما للبلاد.
وقال زعيم حزب العمال المعارض "لا أريد الفوز بالسلطة فقط لأكون رئيساً للوزراء. أريد أن أفوز بسبب البلاد التي أحبها وبسبب القيم العزيزة على قلبي". بيد أنه أردف "أنت لست بحاجة إلى الإذن لبدء العمل ما دام الجمهور يثق بك. وعلينا أن نفعل كثيراً كي نكسب هذه الثقة... لا أستخف بالعمل المطلوب. لكن بوسعي أن أقطع الوعد التالي على نفسي: لن يذهب حزب العمال ثانية إلى الانتخابات العامة وهو غير مؤتمن على الأمن القومي، وعلى وظائفكم، ومجتمعاتكم، وأموالكم".
وختم السير كير كلمته قائلاً "هذا ما يعنيه أن نكون في ظل قيادة جديدة".
© The Independent