تتعدد وتختلف أسباب المعاناة لدى البشر مع توغل جائحة كورونا في العالم أجمع، لكن معاناة أردنيات عالقات في قطاع غزة مختلفة تماماً، وأكثر ما في هذه المعاناة ألماً وبؤساً وشقاء هو الطَّريق بين قطاع غزة بفلسطين وحتى جسر الملك حسين على الحدود الأردنية الفلسطينية.
"اندبندنت عربية" تتبعت رحلة المواطنة من قطاع غزة سامية أبو شباب، والمتزوجة من أردني ومعها طفلان، من لحظة خروجها من قطاع غزة وحتى وصولها إلى جسر الملك حسين، ثم انتقالها إلى الحَجر المؤسسي بأحد فنادق العاصمة الأردنية عمَّان.
قصة الغزية سامية ورحلة العودة
تقول سامية، وهي في مكان حجرها وقد تنهدت وأخذت نفساً عميقاً عن رحلتها الشاقة، إنها عالقة في قطاع غزة منذ بداية كورونا، ومنذ ذلك التاريخ وهي تنتظر العودة إلى بيتها وزوجها، وبعد فتح الحدود والمطارات بدأت مساعي العودة إلى الأردن.
تضيف، أنها ليست الوحيدة التي علقت هناك، وهناك نحو 15 سيدة يردن العودة وقد تقطعت بهن السبل، وبعد محاولات عديدة استطاعت الحصول على تصريح للخروج عبر أحد المعابر باتجاه الأردن وهو معبر "ايريز".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مواجهة الحواجز
وتوضح سامية أنها انطلقت قبل ساعات من فجر الخميس الماضي إلى الأردن، واجتازت الحواجز الإسرائيلية، ووصلت فجراً إلى الحاجز الفلسطيني الذي صدمها بخبر إغلاق الجسر من الجانب الأردني، وأن العبور سيكون فقط للحالات الإنسانية والشحن بالترانزيت.
"ملأت المكان بالدموع والأسى"، واتصلت بصحافي أردني كانت قد تحدثت معه منذ البدايات للعودة إلى الأردن وفق الإجراءات الرسمية، وشرح بدوره الأمر لموظف الحاجز الفلسطيني، وأن حالة سامية إنسانية فهي تحمل طفلين وتوفي أحد أبنائها في غزة خلال كورونا، وهي بحاجة للعودة إلى الأردن، فسمح لها بعد هذا الاتصال بالمرور.
وتابعت، أنها انطلقت إلى الحاجز الأخير في فلسطين والمسؤولة عنه السلطات الإسرائيلية التي قالت، إن الجسر الأردني مغلق ولا مرور لها، حتى يأتي من الجانب الأردني إذن بالمرور لك وأطفالك، وهنا بدأت لحظات العذاب، وهي على بعد خطوات من الضفة الشرقية الأردنية.
وتشير سامية إلى أنها أمضت يوماً كاملاً على الحدود الفلسطينية، وعاودت الاتصال بالصحافي الأردني وأبلغته بالمعضلة الجديدة، ولكن تم إبلاغها بعد طول انتظار أن هناك أمراً بالسماح بمرورها هي وأبناؤها.
مخاض عسير
وصلت سامية وطفلاها إلى الجسر في الجانب الأردني، لكن كان عليها أن تدفع مبلغاً من المال للحجر المؤسسي، وتقول إنها لم تكن تملك من المبلغ المطلوب أي قرش، فعاودت الاتصال بالصحافي الأردني الذي عاد بعد دقائق وقال، إنها ستغادر بعد قليل وسيتم دفع المبلغ كاملاً وستصل إلى الفندق مع ساعات منتصف الليل. وتؤكد أن رحلتها كانت مليئة بالأسى، ودموع وألم أطفالها، لكنها اليوم في الأردن نسيت كثيراً من المعاناة، فأطفالها معها وأيضاً زوجها.
رقم غريب
"رقم غريب يتصل بي عند الساعة الثانية ظهراً منتصف شهر سبتمبر (أيلول)، ويظهر أنه من الأراضي الفلسطينية"، يقول الصحافي الأردني بركات الزيود من وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، كانت سيدة تبكي وتشتكي وتستنجد بالعودة إلى الأردن.
يضيف، فهمت قضيتها، وتواصلت مباشرة مع وزارة الخارجية الأردنية، فاكتشفت أن القضية لا تنحصر بسامية وحدها، وأن الأردن على أعلى المستويات يعمل على تسهيل إجراءات العودة إلى البلاد، وهناك أكثر من 15 سيدة تنتظرن وظروفهن معقدة.
ويبين أن الجهود الأردنية بدأت تُثمر، وبدأ منح التصريحات لهن بمغادرة الأراضي الفلسطينية، باتجاه الأردن، وأن كل المشكلات التي واجهت سامية ليست أزمات بقدر ما هي إجراءات متبعة قبل وبعد كورونا الذي عقّد المهمة في كل دول العالم وعلى الأجيال كافة.
وأشار إلى أن كل معضلة كانت تواجه سامية كانت الدولة الأردنية بكل مكوناتها تقدم لها الحل، لكن الموظفين على المعابر لديهم إجراءات محددة وواضحة، ولا أحد يستطيع المغامرة والاجتهاد في كثير من القضايا.
تسهيل مهمة سامية
ولفت الزيود إلى أن وزير النقل الأردني خالد سيف سهّل مهمة سامية من جسر الملك حسين وحتى وصولها إلى الفندق الذي يتم فيه إجراء فحص كورونا لها ولأطفالها، وبعد أن تثبت نتيجة الفحص بالسلبية ستغادر للحجر المنزلي لمدة أسبوع.
ويؤكد الزيود أن الحالات الإنسانية التي سببتها كورونا كثيرة والضغط على الأردن كبير، مضيفاً أن التعامل مع المعابر وغيرها أمر في غاية الخطورة، وكان جزء كبير من انتشار الفيروس اليوم هو وجود خطأ غير مقصود على أحد المعابر الشمالية للأردن، ولذلك قد لا يلام الأردن في كل ما يفعل من الإجراءات.