يسود الغموض حول مصير 20 شاباً مصرياً كانوا موجودين في ليبيا، بعدما انقلب قاربهم في البحر المتوسط خلال محاولتهم الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا، وبعد ثلاثة أسابيع من الحادث، لا يزال أهالي هؤلاء الشبان يعيشون في حالة من الحزن والقلق على أبنائهم.
بدأت قصة محاولة الهجرة في منتصف أغسطس (آب) الماضي، حين خرج 37 شاباً معظمهم ينتمون إلى قرية دهمشة في محافظة الشرقية بدلتا النيل، دفع كل منهم حوالى 60 إلى 90 ألف جنيه مصري (3800 إلى 5700 دولار) لأحد المهربين مقابل تهريبهم إلى ليبيا ثم عبور البحر إلى إيطاليا، سعياً وراء حلم العيش في أوروبا الذي عاشه كثيرون قبلهم من أبناء قريتهم والقرى المجاورة.
فاجعة الأهالي
وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، فجع الأهالي بخبر انقلاب القارب الذي كان يستقله الشبان المصريون مع آخرين من جنسيات مختلفة، حين أعلنت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة أن 24 شخصاً غرقوا بعد انقلاب زورق مطاطي من بين ثلاثة قوارب كانت تتجه من مدينة الزاوية الليبية (48 كيلومتراً غرب طرابلس) إلى أوروبا، وقالت صفاء مشهلي من المنظمة الدولية للهجرة خلال إفادة في جنيف إن خفر السواحل الليبي عثر على 45 شخصاً على متن زورقين وأعادهما لكن الثالث انقلب. وكان من بين الغرقى 17 شاباً مصرياً.
مصير مجهول
وقال محمد يوسف مصيلحي عم أحمد حسام يوسف (19 سنة)، أحد الشبان الغارقين في البحر لـ"اندبندنت عربية"، إن مصير الشبان ما زال مجهولاً، مشيراً إلى أن خال نجل شقيقه الغارق ضمن الناجين واسمه، محمد سامي مصطفى، وأوضح أن جثة نجل شقيقه لم تصل بعد، ولا يوجد تواصل معهم من أية جهة في الدولة لإبلاغهم بوجود تحركات لاستعادة الجثامين. وأضاف أن جثمانين فقط من بين 17 وصلا إلى منفذ السلوم البري على الحدود المصرية - الليبية، وتم إبلاغ الأهالي لاستلامهما، وتم الدفن، أما أهالي الشبان فلا يعلمون ما إذا كان البحر قد ابتلع أبناءهم أم تم انتشال جثثهم، ولم توضح السلطات للأهالي كيف عادت الجثتان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكشف مصيلحي عن وجود وسيلة لمعرفة أخبار الشبان الـ20 الناجين، وذلك عبر مواطن مصري يعمل في القنصلية التونسية في ليبيا، وهو يتواصل مع أحد شبان القرية، وأرسل مقطع فيديو يظهر فيه الناجون من الغرق، ويظهر فيه أيضاً كل شخص يقول اسمه وما إذا كان قريب أو صديق له غرق في البحر، من دون الإدلاء بمطالب أو معلومات أخرى، ويبدو الشبان في الفيديو بحالة صحية جيدة، والمكان الموجودون به عبارة عن ساحة واسعة فيها أماكن تخزين تشبه ما يوجد في الموانئ، وتظهر على بعد أمتار منهم مجموعة أخرى من المهاجرين يبدو أنهم من جنسيات أخرى غير مصرية.
وروى عم ضحية مغامرة الهجرة أن الأهالي فور علمهم بغرق القارب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، توجهوا إلى سحر عتمان عضو مجلس النواب عن القرية، التي تواصلت مع وزارات الداخلية والخارجية والهجرة، وطلبوا بيانات الشبان، ومنذ منتصف سبتمبر الماضي لم تصل إليهم أي أنباء جديدة.
قلق الأهالي
وأكد مصيلحي أن المصري العامل في القنصلية التونسية في ليبيا رفض الإفصاح عن معلومات حول مكان وجودهم، بالتالي لا يعلم الأهالي هل هم مسجونون أم لدى مهربين، نافياً ما نشرته إحدى الوكالات الإخبارية حول احتجازهم لدى مهربين، وأوضح أن من قالت ذلك سيدة طاعنة بالسن أدلت بما تسمع من إشاعات، وأن الأقاويل تكثر في القرية ومنها أنهم بأيدي عصابة تابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي، أو أنهم بحوزة مهربين عرضوا عليهم تسفيرهم مرة أخرى إلى إيطاليا، لكن الشبان رفضوا وطلبوا إعادتهم إلى مصر، وتابع مصيلحي أنهم لو كانوا مختطفين كانت ستطلب منهم فدية لإطلاق سراحهم.
وأشار إلى أن الأهالي في حالة نفسية سيئة بعدما تحولت أقصى أمنياتهم أن يجدوا جثث أبنائهم لدفنها، وأوضح أن السماسرة حصلوا من كل شاب على مبالغ تتراوح بين 60 إلى 90 ألف جنيه مصري على حسب قدرة السمسار التلاعب بالشاب الراغب في السفر، على حد قوله، موضحاً أن السمسار (المهرب) هرب من القرية بعد الحادث خوفاً من الأهالي.
وأوضح مصيلحي أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية لم تختفِ يوماً، لكن كانت هناك حالات لسفر شاب أو اثنين، لكن خروج 37 شاباً من قرية دهمشة التي لا يتجاوز عدد سكانها 15 ألف نسمة سلط الضوء على الأزمة.
إيقاف الهجرة غير الشرعية
"اندبندنت عربية" حاولت التواصل مع مها موسى المتحدثة باسم وزارة الهجرة لسؤالها عن جهود الوزارة في إعادة الشبان من ليبيا أو العثور على جثامين الغرقى، لكنها لم ترد على اسئلتنا، كما لم ترد سحر عتمان عضو مجلس النواب على اتصالاتنا ورسائلنا المتكررة لها حول مصير هؤلاء الشبان.
ونجحت مصر في إيقاف ظاهرة خروج مراكب الهجرة غير الشرعية من سواحلها منذ سبتمبر 2016، نتيجة لجهود الأجهزة الأمنية، وهو ما أثنت عليه المؤسسات الدولية، خصوصاً الاتحاد الأوروبي المتضرر الأكبر من موجات الهجرة.