تستعد تونس لاحتضان جولة جديدة من مسار المحادثات الليبية- الليبية، من أجل التوصل إلى اتفاق سياسي يُنهي الأزمة التي تتخبط فيها البلاد منذ حوالى عشر سنوات. لكن مسار المفاوضات انطلق في الصخيرات في المغرب، وانتهى في مصر، من دون أن يحصل اتفاق نهائي حول عدد من المسائل السياسية والدستورية والأمنية.
فما علاقة مختلف المسارات التفاوضية السابقة باللقاء المنتظر في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في تونس؟ وما مدى استعداد الأخيرة والمجموعة الدولية لإنجاحه؟
الخصوصية
يعتبر اجتماع تونس حلقة مهمة من ضمن سلسلة لقاءات سعت إلى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين للخروج من وضع البلاد المتأزم. ويؤكد رافع الطبيب، أستاذ العلوم الجيو سياسية والعلاقات الدولية في جامعة منوبة التونسية، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن لكل مسار خصوصيته، فحوار بوزنيقة في المغرب كان بشأن تسمية الشخصيات الكبرى في مؤسسات الدولة، كالبنك المركزي ومؤسسة النفط وغيرهما، بينما تمحور مسار الحوار في مصر حول الملف الأمني والعسكري، إلا أنه تحول إلى نقاش حول المسار الدستوري.
أضاف الطبيب أن مسار تونس سيهدف إلى تقريب وجهات النظر بشأن الاستحقاقات التشريعية والمحطات الانتخابية المقبلة.
وشدد على أهمية أن يحدد الليبيون مصيرهم بأنفسهم من دون تدخل وضغط خارجي، معرباً عن أمله في أن تكثف تونس التنسيق مع الجزائريين بشأن الاجتماع المرتقب، لأن موقف الجزائر هو الأكثر التزاماً بمصالح الشعب الليبي، باعتباره يدعو إلى تجديد الشرعيات بشكل مباشر ومن دون انتظار.
وقال "في غياب الانتخابات لا يمكن الحديث عن حل للأزمة الليبية"، مؤكداً أن "الشعب الليبي لا يمكن أن يبقى إلى ما لا نهاية تحت وصاية الأمم المتحدة والشركات متعددة الجنسيات والمرتزقة والتدخل الأجنبي".
المساران
من جهته، أكد مصطفى عبد الكبير، الناشط السياسي المهتم بالشأن الليبي، لـ"اندبندنت عربية"، أن اجتماع المغرب الذي جمع الأفرقاء الليبيين فشل، ثم انتقل إلى مصر على مدى يومين بين الهيئة التنفيذية للمجلس الرئاسي ولجنة الدستور، للحوار حول المسارين الدستوري والسياسي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبر عبد الكبير أن المسار الدستوري من النقاط المهمة التي يجب أن يركز عليها الليبيون في تونس، في ظل الخلاف الداخلي بين من يريد الذهاب إلى مُخرجات لجنة الستين المنبثقة من برلمان طبرق، التي أعدت مسودة دستور، منذ خمس سنوات، ويَعتبر شق كبير من الليبيين أن هذه اللجنة لا تمثلهم ولم يشاركوا فيها وعليها تحفظات داخلية وحتى دولية لعدم تضمينها عدداً من الاتفاقيات الحقوقية في مسودة الدستور، وبين من يريد اعتماد دستور عام 1951.
أضاف أن لقاء تونس كان يفترض أن ينعقد في جنيف في سويسرا، إلا أنه تم الاتفاق على تونس نظراً لقربها الجغرافي من ليبيا، وبرغبة من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
اجتماع موسع
وعن المشاركين في حوار المغرب وتونس، أكد عبد الكبير أن اجتماع تونس سيكون موسعاً وشاملاً لمختلف أطياف المشهد السياسي والقبلي في ليبيا، داعياً السلطة التونسية إلى الإعداد الجيد لهذا الحوار، حتى لا تكون بلد استضافة فحسب.
وشدد على أن الأهم في الحوار هو الفصل في المسار الدستوري، وعندها سيكون المسار السياسي أيسر.
وأشار عبد الكبير إلى ما حدث في المغرب من خروج عن جدول الاجتماع، حيث أصبح الحديث عن تقسيم المناصب والحقائب وموقع العاصمة في المستقبل، مشدداً على ضرورة أن تستفيد تونس من الاجتماعات السابقة وهي مدعوة إلى التنسيق الجيد ووضع برنامج واضح مع الأمم المتحدة والعمل على تجاوز النقاط الخلافية.
قد تتغير المناطق التي تحتضن لقاءات التشاور والتفاوض لحل الأزمة الراهنة في ليبيا، إلا أن المعطى الثابت هو أن الحل بيد الليبيين وحدهم، وما على تونس والأمم المتحدة والمجموعة الدولية، إلا تعبيد الطريق أمام تفاهمات متينة ونهائية، تؤسس للمستقبل بدءاً بتركيز المؤسسات ووضع التشريعات الكفيلة بضمان استقرار سياسي يخرج ليبيا من أوضاعها الأمنية والسياسية والاقتصادية المتدهورة.