عرض الرئيس السوداني عمر البشير، الاثنين، جملة من الحوافز على شباب بلاده الذين شكلوا، طوال الأشهر الأربعة الماضية، حضوراً لافتاً في الاحتجاجات الشعبية المنددة بالأوضاع السياسية والاقتصادية في السودان. وفي أول خطاب له أمام البرلمان السوداني، منذ إعلانه حالة الطوارئ في 22 فبراير (شباط) الماضي، أمر البشير حكومة رئيس الوزراء محمد طاهر أيلا وولاة الولايات بتوفير التمويل لمشاريع الشباب المتعلقة بالإنتاج الزراعي والحيواني والصناعات الصغيرة والبرمجيات وغيرها، سواء للأفراد أو المجموعات، عبر المصارف ومؤسسات التمويل، وبرؤية جديدة. كما أمر ببناء المدن السكنية لتوفير السكن اللائق للشباب، وإحياء الدور للأندية الشبابية المعنية بالنشاط الثقافي والرياضي والاجتماعي، ووضعها في صلب برامج الدولة وموازتها، مع الطلب من الحكومة رعاية مبادرات الإبداع الشبابي و"استيعاب الروح الوطنية العالية التي أبداها الشباب لإشراكهم في القضايا الوطنية، وإبراز مقدرات البلاد المادية والمعنوية".
وقال البشير "الأزمة الاقتصادية أثرت في شريحة واسعة من الشعب السوداني وجعلت من بعضهم يخرج إلى الشارع لتحقيق مطالب"، وصفها بالمشروعة، لكنّه أشار إلى أن بعض التظاهرات لم يتبع "الإجراءات القانونية" في التجمع والتظاهر وأحدث خللاً في النظام العام وضرراً في الممتلكات العامة. كما اتهم جهات لم يذكرها باستغلال تلك الاحتجاجات لتحقيق أجندة تتبنى خيارات إقصائية، وبث سموم الكراهية التي تدفع البلاد إلى مصير مجهول، وهذا ما أدى إلى خسائر في الأرواح، مشيراً إلى أن "الشعب تنبه إلى تلك المحاولات، واعتصم بحماية أمنه، ولم ينجر إلى دعوات الكراهية والإقصاء" فدفعه ذلك إلى إعداد خريطة طريق "لانتقال سياسي يرتكز على حوار واسع ملتزم الدستور".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووعد الرئيس السوداني بأن الأيام المقبلة ستشهد مزيداً من القرارات والتدابير لتعزيز مسار الحوار وتهيئة الساحة الوطنية للتحول الوطني المنشود، داعياً القوى السياسية المعارضة إلى "الانضمام للحوار الوطني وفق إجراءات وترتيبات لتشكيل وتأسيس حاضنة وطنية جامعة تتسع لهم جميعاً". وتشكل الحركات الاحتجاجية، التي يشهدها السودان، أكبر تحدٍ للبشير منذ وصوله إلى سدة الحكم قبل ثلاثة عقود. ويبحث المتظاهرون بشكل دائم عن أساليب جديدة وغير تقليدية لمواجهة الإجراءات الأمنية المشددة، التي فرضها النظام أمام حراكهم المستمر، في مسعى إلى إسقاط الرئيس البشير. لهذه الغاية بات المحتجون ينظمون تظاهراتهم ليلاً لتلافي القمع وضمان استمرار الحراك الجماهيري.
كذلك استغل تجمع المهنيين السودانيين وسائل التواصل الاجتماعي بفاعلية كبيرة لتعزيز حراكه الجماهيري وزيادة الوعي العام للشارع السوداني، من خلال التنسيق الدقيق لمواعيد التظاهرات وأماكن انطلاقها. لكن مضايقات قوات الأمن، عبر قطع الإنترنت ومنع المتظاهرين من التجمع في الأماكن المعلن عنها، أرغمت المحتجين على البحث عن وسائل جديدة، من أبرزها تفعيل التنسيق عبر لجان الأحياء. هذا الأسلوب، وفق منظمي التحركات الاحتجاجية، أظهر "فعالية فائقة" في مباغتة أجهزة الأمن والحد من إمكاناتهم لتفريق المتظاهرين.