بدين عام يناهز 47 مليار دولار وشح في الموارد الطبيعية، وانخفاض في حجم العائدات والمنح الخارجية وحوالات المغتربين، يحاول الأردن مواجهة تداعيات جائحة كورونا التي لا تزال تلقي بظلالها على اقتصاده الهش.
ووسط توقعات بممارسة صندوق النقد الدولي ضغوطاً على الأردن، في المرحلة المقبلة، لدفعه إلى اتخاذ سياسات تقشفية جديدة، تبدو مهمة الحكومة الجديدة برئاسة بشر الخصاونة صعبة ومعقدة، بخاصة بعد تسجيل إصابات ووفيات غير مسبوقة بكورونا.
تراجع عجز الميزان التجاري
وفقاً لدائرة الإحصاءات العامة الأردنية، تراجع عجز الميزان التجاري، وهو الفرق بين قيمة الصادرات والواردات، بنسبة 22 في المئة خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2020، بواقع 5.7 مليار دولار.
كما تراجعت قيمة الصادرات بنسبة 5.1 في المئة، إلى 5.07 مليار دولار، حتى نهاية أغسطس (آب) الماضي، فيما تراجعت قيمة الواردات بنسبة 15.3 في المئة، إلى 10.8 مليار دولار خلال الفترة نفسها.
وسجلت الفاتورة النفطية تراجعاً كبيراً نتيجة هبوط الاستهلاك المحلي خلال فترات الإغلاق والحظر الشامل، الأمر الذي تسبب بتراجع إيرادات الدولة من الضرائب المفروضة على المحروقات.
وفي خطوة اعتبرها مراقبون إيجابية، أعلنت الحكومة الأردنية تسديدها سندات "اليوروبوند" بقيمة 1.25 مليار دولار، بعد ما استحقت في نهاية أكتوبر (تشرين الأول).
ورجحت وزارة المالية الأردنية، أن تتراجع نسبة الدين لتصبح في حدود 84 في المئة، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لنهاية نوفمبر (تشرين الثاني).
انكماش
في المقابل، تظهر أرقام رسمية توقعات بانكماش الاقتصاد الأردني بنسبة 3.7 في المئة وأن يبلغ معدل النمو نحو 3.4 في المئة، بينما يرجح صندوق النقد الدولي تراجع معدلات الأسعار.
ويرى اقتصاديون أن الأردن يتبع سياسةً نقديةً ثابتة، بالحفاظ على سعر صرف الدينار مقابل الدولار، على الرغم من جائحة كورونا، التي أدت إلى اختلال الموازنة العامة من حيث نقص الإيرادات المتوقعة، مع توقع أن تلجأ الحكومة الأردنية إلى الاستدانة مجدداً.
ويتوقع أن تكون الموازنة العامة لعام 2021 نحو 14.22 مليار دولار، بعجز متوقع يبلغ نحو 1.8 مليار دولار، بينما قدرت ميزانية العام الحالي بـ13.8 مليار دولار، بعجز بلغ 1.6 مليار دولار، أي ما نسبته 2.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتشير بيانات وزارة المال الأردنية إلى ارتفاع المنح الخارجية، مقابل تراجع حاد في الإيرادات المحلية خلال النصف الأول من العام الحالي، بمقدار 829.3 مليون دولار، نتيجة أزمة كورونا.
الاعتماد على الذات
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يرى الاقتصادي ورجل الأعمال موسى الساكت أن مهمة الحكومة الأردنية الجديدة لن تكون التعافي من آثار الوباء فحسب، إنما مواجهة ملفات اقتصادية ثقيلة وتركة كبيرة من الحكومة السابقة. ويوضح أن الاقتصاد الأردني لم يعد يحتمل مزيداً من الإغلاقات وتعطل عجلة الإنتاج، خصوصاً في قطاع الخدمات.
يؤكد الساكت أن خطة الحكومة الجديدة تركن إلى الاعتماد على الذات من خلال تحسين بيئة الاستثمار، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، وإعادة هيكلة الطاقة وتحفيز النمو من خلال قطاعات الإنتاج المختلفة، الصناعية والزراعية والسياحية.
ودعا إلى تنمية المحافظات ورفع الإنتاجية وزيادة تنافسية الاقتصاد الأردني، والعمل على تحقيق الأمن الغذائي وتخفيض الضرائب.
تحديات اقتصادية
يذكر الصحافي الاقتصادي سلامة الدرعاوي أبرز التحديات الاقتصادية التي تلوح في الأفق بسبب تداعيات كورونا، مشيراً إلى عدم ارتفاع الصادرات الوطنية في الأشهر الخمسة الماضية بالنسبة التي كانت تتوقعها الحكومة، وأن هذا الأمر إذا استمر طويلاً، فإن نتائجه ستكون سلبية.
ويشير الدرعاوي إلى حوالات المغتربين الأردنيين في الخارج باعتبارها رافداً أساسياً لدخل البلاد الخارجي وعنصراً مهماً في تحقيق استقرار احتياطاتها من العملات الصعبة، لكنها تراجعت بدورها بنحو 8 في المئة هذا العام.
ويعتبر الدرعاوي تراجع الدخل المتأتي من السياحة المتوقفة كلياً بسبب الوباء مقلق أيضاً، حيث تراجع القطاع بنسبة تجاوزت 60 في المئة، بعد ما كان يدر دخلاً سنوياً لا يقل عن 4 مليارات دولار.
ومع دخول نحو 156 ألف أردني إلى سوق العمل سنوياً، يبدو مشهد البطالة في الأردن مربكاً ومرعباً وأكثر مأساوية، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في الدول المجاورة أيضاً.
وينوه الدرعاوي إلى أن عودة آلاف المغتربين الأردنيين مع عائلاتهم، سترفع نسبة البطالة التي تبلغ حالياً 19.3 في المئة.