توسعت الحكومة المصرية في الاقتراض دولياً ومحلياً منذ تفشي جائحة كورونا بداية مارس (آذار) الماضي، لامتصاص التداعيات السلبية التي خلفتها الجائحة، حتى تخطى إجمالي الاقتراض خلال الأشهر العشرة الماضية حاجز الـ 21 مليار دولار أميركي.
27.5 مليار دولار
يصل العجز الكلي للموازنة العامة للدولة في العام المالي الحالي 2020 - 2021 إلى نحو 432 مليار جنيه (27.5 مليار دولار أميركي).
وتُدبر الحكومة المصرية عجز موازنتها من مصادر متنوعة، مثل الاقتراض الخارجي والمنح وإصدار السندات الدولية، وبلغ إجمالها نحو 20 مليار دولار، بينما تسد باقي الفجوة من خلال إصدار أذون وسندات خزانة بالعملة المحلية، تخطت في جملتها حاجز الـ 110 مليار جنيه (7 مليارات دولار أميركي).
ومع تفشي كورونا في مطلع مارس الماضي، رتبت الحكومة صفقات التمويل لسد عجز الموازنة أو اتخاذ التدابير الاحترازية الاقتصادية اللازمة لمواجهة الآثار السلبية للجائحة، مرتكزة على عدة نقاط رئيسة، أولها الاستقرار السياسي والأمني، مما دعم موقفها أمام مؤسسات التصنيف الائتماني، ليحصل الاقتصاد المصري على درجة مستقر مع نظرة مستقبلية متفائلة من أغلب المؤسسات، علاوة على عدم تجاوز الدين الخارجي للدولة ثلث الناتج المحلي الإجمالي.
"المركزي" يُمدد أجل سندات دولارية إلى ستة أعوام
ومساء الإثنين الماضي، أعلن البنك المركزي المصري موافقته على تمديد موعد استحقاق التسهيل الائتماني الممنوح لمصر من البنوك الدولية، عبر إصدار سندات دولارية تم العام 2018 ولمدة عام ونصف، ليبلغ ستة أعوام بدلاً من أربعة أعوام ونصف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكشف المركزي، في بيان رسمي عبر موقعه الإلكتروني، عن تقدم عدد من البنوك الدولية المشاركة في اتفاق بيع سندات دولارية، مع الالتزام بإعادة الشراء، بمقترح لتمديد أجل الصفقة التي تم عقدها في الأصل في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2018.
وكان المركزي المصري أعلن في أكتوبر 2018 إبرام اتفاق بيع سندات دولية مع الالتزام بإعادة الشراء بقيمة 3.8 مليار دولار أميركي مع عشرة بنوك دولية، بتاريخ استحقاق نهائي بعد أربعة أعوام ونصف من تاريخ التوقيع، ومتوسط فترة استحقاق ثلاثة أعوام.
بيع أذون خزانة بالدولار
وباع البنك المركزي المصري أمس الإثنين أذون خزانة حكومية مقومة بالدولار الأميركي، نيابة عن وزارة المالية، بنحو 1585 مليار دولار أميركي، بموعد استحقاق 364 يوماً.
وذكر أن القيمة المطلوبة للعطاء كانت 1560 مليار دولار أميركي، وبلغ أعلى عائد معروض نحو أربعة في المئة، بينما بلغ أقل عائد معروض 3.34 في المئة، في حين بلغ متوسط العوائد 3.44 في المئة.
وطرح المركزي الأسبوع الماضي أيضاً أذون خزانة حكومية مقومة باليورو، بقيمة 698 مليون يورو، بموعد استحقاق 364 يوماً، وبمتوسط عائد بلغ 1.396 في المئة.
بينما كان آخر عطاء لأذون خزانة مقومة بالدولار في يونيو (حزيران) الماضي، عندما باعت الحكومة المصرية آنذاك أذون خزانة بقيمة تبلغ 509.3 مليون دولار أميركي، بموعد استحقاق 364 يوماً، وبمتوسط عائد 3.446 في المئة.
الثقة في الاقتصاد المصري
من جانبه، أكد نائب محافظ البنك المركزي المصري رامي أبو النجا، أن الاتفاق مع مجموعة البنوك الدولية على تمديد أجل التسهيل التمويلي الممنوح من خلال بيع سندات دولارية لمدة 18 شهراً، لتصبح ست سنوات بدلاً من أربع سنوات ونصف، على الرغم من الظروف الحالية التي يمر بها العالم من تداعيات تفشي فيروس كورونا، يعكس الثقة في الاقتصاد المصري.
وقال أبو النجا في تصريحات صحافية، إن هذا الاتفاق يعد إنجازاً كبيراً ومتسقاً للغاية مع سياسة إدارة الالتزامات الخارجية، وتحسين مؤشرات الدين الخارجي،مشيراً إلى أنه يأتي أيضاً كدليل آخر على ثبات وأهمية الخطوات التي تنتهجها الحكومة المصرية والبنك المركزي، والتي أشادت بها جميع المؤسسات الدولية، وآخرها مؤسسة "ستاندرد أند بورز" العالمية.
إطالة عمر الديون إلى 3.8 عام
وقال نائب وزير المالية المصري أحمد كجوك، إن وزارته اعتمدت استراتيجية للسيطرة على الدين العام سواء المحلي أو الخارجي منذ ثلاث سنوات.
وأضاف أن أهم أهداف تلك الاستراتيجية هو إطالة عمر الديون المصرية، موضحاً أن وزارته تسعى إلى إطالة عمر الديون إلى ثلاثة أعوام وثمانية أشهر، وذلك قبل يونيو (حزيران) 2021.
وأكد نجاح الخطة عندما خفضت الخطة عمر الديون من ثلاثة أعوام وشهرين في يونيو الماضي، بدلاً من عام وثلاثة أشهر في يونيو 2013، وحوالى عام وثمانية أشهر في يونيو 2014.
محفظة "التعاون الدولي"
من جهة أخرى، رتبت وزارة التعاون الدولي المصرية اتفاقات تمويل تنموية منذ يناير (كانون الثاني) وحتى أكتوبر، بلغت قيمتها 7.3 مليارات دولار أميركي، مع شركاء التنمية متعددي الأطراف، بحسب بيان رسمي صادر عن الوزارة الأسبوع الماضي.
وقالت وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط، إن عام 2020 كان استثنائياً على مستوى دول العالم كافة، بسبب أزمة كورونا التي ألقت بظلالها على مخططات التنمية.
وأضافت، في بيان رسمي، أن التعاون متعدد الأطراف أصبح هو السمة المميزة لهذا العام، لتمكين الدول من استكمال خططها التنموية والمضي قدماً نحو تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030.
القاهرة تبيع سندات دولية بـ 5.75 مليار دولار
وباعت القاهرة خلال العام الحالي سندات دولية بقيمة 5.75 مليار دولار أميركي، موزعة بين سندات دولارية بقيمة خمسة مليارات دولار أميركي، إضافة إلى 750 مليون دولار أميركي في مقابل بيع سندات خضراء، علاوة على أذون خزانة حكومية مقومة باليورو بقيمة 698.3 مليون يورو، إلى جانب أذون خزانة بقيمة تبلغ 509.3 مليون دولار أميركي.
الحكومة تنجح في تقليص الدين قصير الأجل
وقال المتخصص في شؤون الاقتصاد فخري الفقي، إنه على الرغم من ارتفاع الدين الخارجي، إلا أنه طويل الأجل بمعدل 11.6 في المئة، ما يمثل خطوة جيدة في استراتيجية إطالة عمر الديون.
وأضاف أن "الحكومة نجحت في تقليص الدين الخارجي قصير الأجل بنسبة 5.3 في المئة، بقيمة 549.5 مليون دولار أميركي، ليسجل مستوى 10.8 مليار دولار أميركي بالمقارنة مع 10.3 مليار دولار أميركي خلال فترة المقارنة نفسها".
وحول ارتفاع حجم الدين العام سواء المحلي أو الخارجي، أشار الفقي إلى أن مصر مثلها مثل باقي دول العالم التي تجرعت مرارة التداعيات السلبية لجائحة كورونا، عندما اضطرت إلى إغلاق الاقتصاد كلياً لمدة اقتربت من أربعة أشهر، مؤكداً أن الحكومة لجأت إلى صندوق النقد الدولي لتدبير الخطة الاحترازية الشاملة لمكافحة الجائحة، التي تسببت في زيادة أعداد المتعطلين من العمل بنحو 500 ألف فرد في خمسة أشهر فقط، علاوة على توسع البنك المركزي المصري في تنفيذ مبادرات عدة لامتصاص التداعيات السلبية، إضافة إلى تسخير الحكومة المصرية 100 مليار جنيه (6.3 مليار دولار أميركي)، لتنفيذ خطة شاملة لمواجهة الآثار السلبية لكورونا.
الديون لا تزيد عن الثُلث
في المقابل، أشار رئيس وحدة الدين العام بوزارة المالية المصرية محمد حجازي إلى أن نسبة رصيد الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي لا تزيد عن الثُلث.
وأضاف أن تلك النسبة لا تزال في الحدود الآمنة، وفقاً للمعايير الدولية المتعارف عليها، مشيراً إلى أن مديونية الدول لا تقاس بحجمها، بل في قدرتها على سداد ديونها في مواعيد استحقاقها بانتظام، لافتاً إلى أن الدول الكبرى عند الأزمات لا تخشى ارتفاع سقف الديون، خصوصاً إذا كانت قادرة على السداد.
وأكد أن مصر سددت أكثر من 25 مليار دولار أميركي من التزاماتها لمصلحة صناديق ومؤسسات أجنبية حتى نهاية يوليو (تموز) الماضي.
وأضاف، "الدين الخارجي لمصر أفضل كثيراً من دول أخرى في الأسواق الناشئة، حيث تشكل الديون الخارجية في دول أميركا اللاتينية والكاريبي نحو 48 في المئة، بينما تشكل الديون الخارجية في بعض الدول في الشرق الأوسط ومنطقة آسيا الوسطى نحو 47.5 في المئة".
وتابع أنه من المقرر أن تسدد مصر التزامات خارجية بنحو 13.94 مليار دولار أميركي خلال العام 2021، ونحو 12.613 مليار دولار أميركي خلال العام 2022.
وكان وزير المالية المصري محمد معيط، كشف عن أن أداء الاقتصاد المصري في ظل جائحة كورونا فاق التوقعات، بشهادة المؤسسات الدولية ومؤسسات التصنيف الائتماني، ومنها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي و"غولدمان ساكس" و"ستاندرد أند بورز" و"موديز" و"فيتش".
وأكد معيط خلال تصريحات صحافية أن الإصلاحات الاقتصادية المثمرة منحت الاقتصاد المصري قدراً من الصلابة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
وأشار إلى أن معدلات الدين للناتج المحلي انخفضت من 108 في المئة في العام المالي 2016 - 2017 إلى 90.3 في المئة بنهاية يونيو 2019، وواصلت الانخفاض حتى سجلت 87 في المئة في يونيو الماضي.
وتُشكل الديون الخارجية المصرية نحو 33 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي.
الودائع العربية داخل مصر 17 مليار دولار
وفي أغسطس (آب) الماضي، أصدر البنك المركزي المصري تقريراً أوضح فيه أن قيمة الودائع العربية داخل مصر تبلغ نحو 17 مليار دولار أميركي، تتوزع بين ودائع كويتية تقدر بأربعة مليارات دولار أميركي، منها مليارا دولار استحقا الرد في أبريل (نيسان) 2020، ومليارا دولار سددا في سبتمبر (أيلول) الماضي، بحسب مواعيد الجدولة المعدة مسبقاً.
وأضاف أن قيمة الودائع السعودية داخل مصر تبلغ 7.5 مليار دولار، وبحسب الجدولة المعدة مسبقاً تستحق نحو 1.4 مليار دولار أميركي منها خلال النصف الأول من 2020، و5.2 مليار دولار أميركي خلال النصف الثاني من 2020، و768 مليون دولار أميركي في النصف الأول من 2021، و100 مليون دولار أميركي في النصف الثاني من 2021.