انتهى اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة لـ "أوبك+" من دون إصدار توصيات لتغيير الاتفاق الحالي لخفض النفط، إلا أن هناك مجالاً لإصدار مثل هذه التوصيات في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2020. وخلال كلمته ضمن اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة الـ 24 لمراقبة الإنتاج، والمنعقد افتراضياً، أكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن هناك العديد من الأخبار الجيدة في شأن لقاح كورونا، مشيراً إلى أن تلك الأخبار ستدعم أسواق النفط العالمية. وقال الأمير عبدالعزيز، "حققنا 99.5 في المئة من المستهدفات التي وضعناها في أبريل (نيسان) الماضي، ومستويات تعويض فائض الإنتاج السابق في "أوبك+" مرضية حتى الآن، كما علينا أن نتنبّه للإنتاج الجديد الذي دخل إلى أسواق النفط، والتعافي الاقتصادي يبقى قوياً في آسيا، وبخاصة في الصين والهند". وأضاف الوزير، "سنعمل على ضمان استمرار اتفاق "أوبك+" للحفاظ على استقرار السوق، ونحن بحاجه إلى مرونة لتكون من ضمن مبادئ التعاون".
من جهته، أبلغ وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي لجنة "أوبك+" أنه يجب على كل الأعضاء أن ينفذوا أولاً تعهدات خفض النفط، قبل الموافقة على تغيير أو تمديد الاتفاق الحالي.
ومن المقرر أن تقلص "أوبك" ومنتجون متحالفون معها بقيادة روسيا، في إطار مجموعة "أوبك+"، حجم الخفوض البالغة 7.7 مليون برميل يومياً، إلى نحو مليوني برميل يومياً اعتباراً من يناير (كانون الثاني) 2021.
وكان اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة المكلفة قد انطلق بمتابعة اتفاق خفض الإنتاج العالمي لتحالف "أوبك+"، لمناقشة التطورات الجديدة بالسوق وتوصيات اللجنة الفنية وتحديات الطلب والتي ترجح الإبقاء على تخفيضات الإنتاج بالحجم الحالي وعدم زيادة الإمدادات مطلع العام المقبل.
وكان محللون قد رجحوا أن يضطر تحالف "أوبك+" إلى تأجيل تخفيف الإنتاج المرتقب في يناير (كانون الثاني) 2021، على أن يتم تمديد التخفيض بالحجم الحالي لأشهر إضافية أو تقليص مقدار الزيادة بما يناسب زيادة الإمدادات الناتجة من استئناف إنتاج النفط الليبي من ناحية، والطلب العالمي المنخفض المتأثر بالموجة الثانية لجائحة كورونا.
ويأتي الاجتماع في وقت تضغط الموجة الثانية لفيروس كورونا على الطلب العالمي على النفط الخام، وسط عدم اليقين حيال موعد توافر اللقاح المنتظر، ما قد يؤدي إلى ضبابية القرار حول مستويات الإنتاج والأسعار.
في المقابل، عقدت اللجنة الفنية المشتركة وتضم مسؤولين في الدول المنتجة للنفط في مجموعة بـ"أوبك+" اجتماعاً افتراضياً، قبل اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة الذي يمكن أن يقدم توصيات على صعيد السياسات لأوبك+.
تعديل الطلب
من جهة ثانية، أوردت "رويترز"، أن منظمة أوبك وحلفاءها عدّلوا تصورات الطلب على النفط لعام 2021 بتوقعات لطلب أضعف عما هو مُقدر من قبل ما يدعم الدعوة لسياسة إمدادات أكثر تشدداً العام المقبل.
وأورد تقرير اللجنة المشتركة "بالنسبة إلى عام 2021، يُتوقع نمو الطلب 6.2 مليون برميل يومياً، على أساس سنوي، مما يمثل تعديلاً نزولياً قدره 0.3 مليون برميل يومياً مقارنة بتقييم الشهر الماضي".
وكان مقرراً أن ترفع أوبك+ إنتاجها بواقع مليوني برميل يومياً في يناير الماضي، أي حوالى 2 في المئة من الاستهلاك العالمي، في إطار التخفيف المطرد لتخفيضات الإمدادات القياسية المطبقة هذا العام.
لكن مع ضعف الطلب على الوقود، تدرس أوبك+ تأجيل الزيادة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان تقرير أشار الى أن اللجنة الفنية درست تصورين بشأن التمديد. ووفقاً لأحد التصورين، ستتراجع مخزونات النفط التجارية لدى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى 73 مليون برميل فوق متوسط خمس سنوات في عام 2021 في حالة تمديد التخفيضات إلى مارس (آذار) 2021.
أما التصور الثاني فيفضي لانخفاض المخزونات إلى 21 مليون برميل فوق متوسط خمس سنوات في العام المقبل في حالة تمديد اتفاق التخفيض إلى يونيو (حزيران) المقبل.
فيما أيدت الجزائر التي تتولى الرئاسة الدورية لأوبك تمديد التخفيضات الحالية، وقالت السعودية، أكبر المصدرين، إنه يمكن تعديل اتفاق أوبك+ إذا لزم الأمر.
ومن المقرر أن تقلص أوبك ومنتجون متحالفون معها بقيادة روسيا، في إطار مجموعة أوبك+، حجم التخفيضات البالغة 7.7 مليون برميل يومياً بنحو مليوني برميل يومياً اعتباراً من يناير 2021. وينتظر أن تجتمع "أوبك+" في 30 الجاري والأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل لوضع السياسة.
وبدأ تحالف أوبك+ الذي يضم دول منظمة أوبك (24 دولة) بقيادة السعودية والإمارات، مع عدد من كبار المنتجين المستقلين (10 دول) - على رأسهم روسيا - في تخفيض إنتاج النفط بداية من مايو (أيار) الماضي بواقع 9.7 مليون برميل يومياً، لتحقيق التوازن بين العرض والطلب الذي شهد انهياراً حاداً في أبريل (نيسان) الماضي.
تراجع الأسعار
وارتفعت أسواق الأسهم، مدفوعة بآمال تعافٍ اقتصادي أسرع بعدما أعلنت "موديرنا" أن لقاحها التجريبي لكوفيد-19 فعال بنسبة 94.5 في المئة في الوقاية من الإصابة بالمرض وفقاً لبيانات أولية.
التزام الدول
ويؤكد محللون في حديث معهم قبل انطلاق الاجتماع "أن النقطة التي تجب مراقبتها هو عدد الدول التي لم تلتزم بحصصها الإنتاجية وأي إشارات من السعودية المنتج الأكبر داخل منظمة (أوبك) عما تنوي فعله ابتداء من العام الجديد."
وبحسب التقرير الشهري، لوكالة الطاقة الدولية، فإن دول "أوبك+" احتفظت بمستوى الالتزام بصفقة خفض إنتاج النفط في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على مستوى 103 في المئة، مستوى تنفيذ خفض الإنتاج من قبل دول أوبك بلغ 106 في المئة، في حين تنفيذ الصفقة من قبل دول خارج أوبك كان عند مستوى 97 في المئة.
التزام واضح
وفي هذا الشأن، قال الدكتور أحمد الكوح، المستشار النفطي الكويتي، إن المؤشرات المتداولة بالأسواق النفطية تبشر بأن هناك التزاماً واضحاً وكبيراً من المنتجين للنفط يقدر بـ100 في المئة من الإنتاج المطلوب في أكتوبر 2020، حيث يعزز هذا الالتزام أسعار النفط في الأسواق العالمية، حيث تابع الجميع الارتفاع في أسعار النفط الطفيفة في الأشهر السابقة، ولكن الموجة الثانية من جائحة كورونا سببت ضعفاً في الطلب مما قد يؤثر سلباً في أسعار النفط. وتابع الكوح "يتوقع مع نجاح الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أن يكون هناك ضغط على الصناعة النفطية مما يعزز من أسواق النفط العالمية ويساعد في زيادة الطلب عالمياً".
زيادة إنتاج ليبيا
وبحسب ما نقلته وكالة "بلومبيرغ" للأنباء، فقد رفعت ليبيا إنتاجها من النفط إلى أكثر من 1.1 مليون برميل يومياً خلال نوفمبر الحالي، لتقترب من مستويات إنتاجها قبل الحرب الأهلية في البلاد، والتي قادت إلى إغلاق الصناعة في يناير 2020.
وزادت ليبيا، التي تمتلك أكبر احتياطي للنفط الخام في أفريقيا، من إنتاجها في أكبر حقول البترول بما فيها "شرارة"، و"الواحة".
وتعتبر البراميل الليبية الإضافية تحدياً غير مرحب به بالنسبة إلى ائتلاف منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك+" وحلفائها مثل روسيا.
ووفقاً لخطط التحميل، ستصدر ليبيا مليون برميل يومياً هذا الشهر بعد إضافة ثلاث شحنات إلى جدول الشحن في ميناء السدر النفطي.
وكان إنتاج ليبيا النفطي عند مستويات 100 ألف برميل يومياً حتى مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي.
الترقّب والانتظار
وقال رائد الخضر، رئيس قسم البحوث لدى "إيكويتي غروب" العالمية، التي تتخذ من لندن مقراً لها، إن منظمة أوبك ستتبنّى سياسة الترقّب والانتظار قبل اتخاذ أي قرار خلال هذا العام وفي ظل جائحة كورونا، لا سيما أن الطلب العالمي على النفط لا يزال منخفضاً عما كان عليه قبل الجائحة خلال 2019.
أضاف "الآن، كما يراقب العالم تسارع انتشار فيروس كورونا، بالتأكيد فمنظمة أوبك وحلفاؤها يراقبون هذا الانتشار الهائل، الذي أظهر تسارعاً في العالم ووصل عدد الإصابات لأكثر من 54 مليون إصابة مؤكدة مع تسجيل عدد إصابات يومي قياسي بشكل متكرر على مدى شهري أكتوبر الماضي ونوفمبر (تشرين الثاني) الحالي".
وأوضح أنه بحسب اتفاق "أوبك+" سابقاً، تقرر رفع الإنتاج بمقدار 2 مليون برميل يومياً ابتداءً من مطلع العام المقبل، ليتم تقليص الخفض الذي تم إقراره عند 7.7 مليون ليصبح 5.7 مليون برميل، ولكن من الصعب حدوث ذلك إلا إذا حصلت تغيّرات في سرعة انتشار الوباء.
وأشار الخضر، إلى اجتماع أوبك+ مجدداً نهاية هذا الشهر لإقرار مستقبل تخفيضات الإنتاج. وكان من المحتمل جداً أن تتم الإشارة لزيادة الإنتاج، من خلال تقليص اتفاق الخفض الحالي، إلا أن الرياح المعاكسة قد تجبر التحالف على تبني سياسة الانتظار قبل أن يتم اتخاذ أي قرار جديد بتعديل الاتفاقية.
تقييم الأوضاع
من جهته، قال أحمد حسن كرم، المتخصص بالشؤون النفطية، إن اجتماع اللجنة الفنية سيكون تقييماً للأوضاع الراهنة وكميات إنتاج النفط إضافة إلى مقارنة إنتاج أعضاء أوبك والدول الأخرى بحسب الكميات المحددة لهم، كما اتفق في آخر تخفيض للإنتاج.
وأفاد كرم "ربما سنرى عدم تماشي بعض الأعضاء لحصصهم الإنتاجية وهذا سيكون دليلاً على عدم الاتفاق الضمني والثقة بين أعضاء أوبك+".
وتابع "ستكون توصيات المرحلة المقبلة هي إما استمرار خفض الإنتاج على المستويات الأخيرة مع التأكد بتوافق الدول الأعضاء والالتزام فيها، أو ربما سنرى خفضاً إضافياً قليلاً حتى يتم رفع أسعار النفط عن المستويات الحالية التي تعتبر بالكارثية لبعض الدول المنتجة للنفط".
ضغوط على "أوبك+"
وقال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في "ساكسو بنك"، إن وكالة الطاقة الدولية خفضت من توقعاتها بشأن الطلب العالمي على النفط وسط إجراءات الإغلاق الاحترازية الجديدة، وارتفاع معدلات الإنتاج في دول مثل ليبيا، موضحاً أن هذا يزيد الضغوط على مجموعة أوبك+ لتأجيل موعد زيادة الإنتاج المزمعة في يناير المقبل، وسيتحدد هذا القرار عند اجتماع التحالف لمناقشة الخطوة التالية في الأول من ديسمبر 2020.
وذكر هانسن أن النفط الخام شهد ارتفاعاً عززته أخبار التوصل إلى لقاح، قبل أن يعود للانكماش نوعاً ما بعد انخفاض الطلب العالمي من إدارة معلومات الطاقة الأميركية وأوبك ووكالة الطاقة الدولية.
وأفاد بأنه مع أخذ هذا الاجتماع في الاعتبار، صرّحت وكالة الطاقة الدولية نظراً للصعوبة الناجمة عن ضعف الطلب وارتفاع العرض، "من غير المرجّح أن يحمل لقاح كوفيد-19 معه مفاتيح إنقاذ السوق العالمية للنفط على المدى القريب. وما لم تتغيّر الأساسيات، ستشهد مهمة إعادة التوازن للسوق تقدماً بطيئاً". وقد خفّضت المجموعة توقعاتها بشأن الطلب على النفط هذا العام والعام المقبل 2021، من دون أن ترجح انتعاشاً ملموساً قبل النصف الثاني من السنة المقبلة.
التحلي بالصبر
في المقابل، أكد المسؤول لدى "ساكسو بنك"، أنه "ينبغي التحلّي بالصبر حالياً، ونعتقد أن قطاع الطاقة سيشهد انتعاشاً قوياً في نهاية المطاف، لقد تلقّى هذا القطاع القسم الأكبر من الضرر، حيث عانى حجم الطلب على الوقود، وسط عمليات الإغلاق الاحترازي وانخفاض الحركة".
وأضاف هانسن أن "طرح اللقاح قد يلعب دوراً في إعادة الطلب إلى مستوياته الطبيعية، كما ينبغي ألا ننسى أن النفط الخام والسلع عموماً، وخلافاً للأسهم، لا تتمتع بالقدرة على تحريك التوقعات نحو الأمام حيث يجب إيجاد التوازن بين العرض والطلب بشكل يومي".