تظهر سوق العمل الأميركية علامات ضعف مرة أخرى، حيث يتقدم المزيد من الأميركيين للحصول على إعانات البطالة وسط ارتفاع حاد في حالات الإصابة بفيروس كورونا والقيود الجديدة على الأعمال التي تهدف إلى الحد من تفشي المرض. وذكرت وزارة العمل الأميركية، أن المطالبات الأولية للتأمين على العمل الحكومي قفزت بأكثر من 18000 إلى أكثر من 743000 الأسبوع الماضي، قبل تعديل العوامل الموسمية، وهي أول زيادة منذ أوائل أكتوبر (تشرين الأول) لتمثل منعطفاً مشؤوماً لسوق العمل التي كافحت للتعافي تماماً من عمليات التسريح الضخمة للعمال التي رافقت وصول الوباء في مارس (آذار) إلى البلاد.
هشاشة الانتعاش
وقال غريغوري داكو، كبير الاقتصاديين الأميركيين في "أكسفورد إيكونوميكس"، لصحيفة "نيويورك تايمز"، "تشير أحدث البيانات إلى هشاشة الانتعاش مع تفاقم أزمة كورونا"، وأضاف "إذا استمر هذا الاتجاه، فهذا مؤشر على أن تعافي سوق العمل قد انعكس".
وبلغ إجمالي المطالبات الجديدة الخاصة بمساعدة البطالة الوبائية، وهو برنامج فيدرالي لعمال الوظائف المؤقتة والمتعاقدين المستقلين والعاملين لحسابهم الخاص 320.000، بزيادة قدرها 24.000 عن الأسبوع السابق.
وعلى الرغم من أن الاقتصاد انتعش بقوة في الربع الثالث وانخفضت البطالة الإجمالية إلى معدل موسمي بنسبة 6.9 في المئة في أكتوبر، فإن هذا الزخم تلاشى في غياب مساعدات جديدة من واشنطن.
وتهدد الموجة الأخيرة من تفشي الوباء بإلحاق المزيد من الدمار بعمالقة الأعمال مثل "شركات الطيران، وسلاسل المطاعم، والفنادق"، وحثت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها الأميركيين على تجنب السفر لقضاء عطلة عيد الشكر.
وأظهر التنقل، من حيث المشي والقيادة واستخدام وسائل النقل العام، انخفاضاً بالفعل، وكذلك حجوزات المطاعم، وفقاً لتورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في "أبولو غلوبال مانجمنت"، وقال سلوك، "إذا بقي الناس في المنزل، فهذا يعني أنهم لا يتسوقون أو يخرجون، وهذا يعني فرص عمل أقل"، علاوة على ذلك، من المقرر أن ينتهي البرنامجان الفيدراليان الطارئان لمساعدة الأشخاص الذين طردهم الوباء من العمل في نهاية الشهر المقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ملايين العمال سيفقدون مزاياهم
ووجدت دراسة جديدة أجرتها مؤسسة "سنتشاريز" التقدمية أن 7.3 مليون عامل سيفقدون مزاياهم مع نهاية مساعدة البطالة الوبائية. وتوقعت الدراسة أن يتم قطع 4.6 مليون إضافي عن تعويض البطالة الطارئ الوبائي، والذي يبدأ عندما تنفد استحقاقات التوظيف الحكومية.
وقال أندرو ستيتنر، الزميل الأول في مؤسسة سنتشاريز والمؤلف المشارك للدراسة مع إليزابيث بانكوتي، إن "البرامج تمثل آخر خطوط الحياة المتاحة لملايين الأميركيين الذين هم في أمس الحاجة إليها"، وأضاف "ستكون نهاية معوقة لواحدة من أحلك سنواتنا".
إعانات البطالة
وأفادت دراسة منفصلة أجراها مختبر سياسة كاليفورنيا، وهي مجموعة بحثية تعمل مع حكومات الولايات والحكومات المحلية، بأن نحو 45 في المئة من عمال كاليفورنيا قدموا طلبات للحصول على إعانات البطالة منذ مارس (آذار)، مع تقديم طلبات من قبل 83 في المئة من القوى العاملة السوداء خلال تلك الفترة. وعلى الرغم من عودة هؤلاء العمال إلى وظائفهم فإن نهاية البرنامجين ستؤثر على 750 ألفاً من سكان كاليفورنيا.
وستوفر حزمة مساعدات جديدة من واشنطن دعماً حاسماً للاقتصاد في الوقت الحالي، وفقاً للعديد من الاقتصاديين، لكن التشريعات التحفيزية تعطلت بسبب الاختلافات حول نطاقها.
وكان الرئيس المنتخب جو بايدن دعا الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى "العمل معاً" وسن حزمة تحفيز على غرار اقتراح بقيمة ثلاثة تريليونات دولار أقرها مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون في حين تدعم القيادة الجمهورية في مجلس الشيوخ حزمة دعم بقيمة 500 مليار دولار.
أكبر ارتفاع لمبيعات المنازل منذ 14 سنة
وعلى الرغم من كل الضربات في العام الماضي، ظل طلب المستهلكين سليماً نسبياً، وفقاً لميشيل ماير، رئيسة قسم الاقتصاد الأميركي في "بنك أوف أميركا"، وقالت "ما زلنا نشهد قوة لا تصدق في قطاع العقارات، ولا تزال مبيعات السيارات قوية، والمستهلكون ينفقون على شراء مزيد من السلع".
وأفادت الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين بأن مبيعات المنازل القائمة ارتفعت الشهر الماضي بأعلى معدل لها منذ 14 سنة، مدفوعة بأسعار الفائدة المنخفضة للغاية التي شجعت صائدي المنازل على الاقتراض والشراء.
ويواجه العمال العاطلون عن العمل اقتطاعاً في المزايا حتى عندما يشتري الأميركيون الآخرون منازل بقيمة مئات الآلاف من الدولارات أو أكثر مما يدلل إلى عدم تكافؤ الانتعاش.
كما تضرر عمال الخدمة ذوو الأجور المنخفضة بشدة بشكل خاص، في حين يهدد ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس بألم جديد. وكان أداء العمال ذوي الياقات البيضاء أفضل، وبلغ معدل البطالة لخريجي الجامعات 4.2 في المئة فقط، وحتى بالنسبة للعمال الذين وجدوا وظائف، فإن الاقتصاد يطرح تحديات كبيرة.