قدّم مقر رئاسة الحكومة في 10 داونينغ ستريت الإعلان عن الإنفاق الدفاعي على أنه إجراء يؤكد الرغبة الشخصية لرئيس الوزراء في إعطاء الأولوية لحماية البلاد في زمن مليء بالمخاطر.
فقد فاق مبلغ 16.5 مليار جنيه إسترليني (22 مليار دولار) توقعات كثيرين في الأوساط الأمنية، لا سيما مع استنزاف جائحة فيروس كورونا للموارد المالية. والحقيقة أن هذه الدفعة تمثل تسوية لمدة أربع سنوات، وليست مبلغاً من المال جرى تخصيصه فقط لـ 12 شهراً، وهذا أمر من شأنه أن يساعد أيضاً في التخطيط لموازنة طويلة الأمد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وصرّح بوريس جونسون إن تخصيص هذا المبلغ هو بمثابة "أكبر برنامج للاستثمار منذ نهاية الحرب الباردة". وتوجّه إلى مجلس العموم بالقول إن "الدفاع عن المملكة ينبغي أن يحتل المرتبة الأولى. وإن الوضع الدولي أشد خطورة وأكثر تنافسية بشكل حاد، من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة، وينبغي أن تكون بريطانيا وفيّة لتاريخنا وتقف جنباً إلى جنب مع حلفائنا. وكي ننجز ذلك، يترتب علينا أن نحدّث قدراتنا ونرقّيها من النواحي كافة".
ويعتقد أن هذا الاستثمار سيوفّر عشرة آلاف وظيفة سنوياً في المملكة المتحدة، وهو "يمثّل الاستنتاجات الأولى من المراجعة المتكاملة لسياسة البلاد الخارجية والدفاعية والإنمائية والأمنية". بيد أن المشكلة تكمن في أن الخطوة التالية الحاسمة التي تعدّ جزءًا من كيفية استخدامه ستبقى مجهولة حتى العام المقبل، خصوصاً أن وزير المالية ريشي سوناك قد أرجأ "المراجعة الشاملة للإنفاق" التي كان من المقرر الكشف عنها هذا الشهر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتهدف هذه المراجعة المتكاملة إلى ضمّ كل جوانب السياسة الخارجية والدفاعية والإنمائية والأمنية للمملكة المتحدة، من الحرب السيبرانية إلى الفضاء، فالمساعدات الدولية، علماً أن الوزارات المختلفة وأجهزة الاستخبارات كلها تسهم في هذه المراجعة. وليس معروفاً حتى الآن ما هي الأمور التي ستنبثق منها هذه المراجعة، في نهاية المطاف.
كما أن من غير الواضح حتى اللحظة مدى تأثير رحيل دومينيك كامينغز، وهو كبير مستشاري رئيس الوزراء سابقاً، في بعض جوانب التخطيط. فقد أبدى كامينغز اهتماماً كبيراً بالمراجعة ونظّم له بن والاس، وزير الدفاع، جولة خاصة على مواقع عسكرية، بما فيها تلك الحساسة مثل مركز البحوث في بورتون داون ومقرّي القيادة لـ"إس. آي. إس" [SAS] (القوة الجوية الخاصة، وهي من وحدات النخبة ذات الطبيعة والمهمات السرية) ونظيرتها في سلاح البحرية "إس.بي.إس" [SBS](القوة البحرية الخاصة).
جدير بالذكر أن كامينغز كان قد اتهم وزارة الدفاع "بالاستمرار في تبديد المليارات"، وذلك قبل مباشرة مهامه في مقر رئاسة الحكومة في 10 داونينغ ستريت. وللبرهنة على صحة اتهاماته، ذكر حينذاك كمثال، إنفاق وزارة الدفاع، 6.2 مليار جنيه إسترليني (حوالى 8 مليار دولار) على حاملتي طائرات.
وثمة رقم يلوح في الأفق بما يخص الإنفاق الدفاعي، هو عجز قدره 13 مليار جنيه إسترليني (حوالى 17 مليار دولار) في موازنة المعدات، وذلك طبقاً لتقديرات "مكتب التدقيق الوطني". وسيطاول تأثير هذا العجز جملة من الأسلحة كالمعدات التقليدية مثل الدروع والحديثة من قبيل الطائرات المسيّرة التي ستصبح مهمة بشكل متزايد في القتال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال توبياس إيلوود، وهو نائب محافظ ورئيس لجنة الدفاع التابعة لمجلس العموم، في لقاء أجرته معه صحيفة "اندبندنت" إن المبلغ الضخم في التمويل الدفاعي هو إشارة واضحة إلى الرئيس المنتخب جو بايدن على أن المملكة المتحدة ستكون حليفاً قوياً على المسرح العالمي.
وتابع إيلوود "توفّر لنا الانتخابات الأميركية فرصة لإظهار أننا ملتزمون بالتحالف، وأننا نرغب في العمل على المستوى الدولي، وأننا سنتحمّل مسؤولياتنا إلى جانب أميركا والشركاء الغربيين أيضاً".
وأضاف النائب المحافظ أن "المبلغ الذي يُطرح حالياً، على الرغم من كل القيود التي فرضتها جائحة فيروس كورونا على الإنفاق، سيكون موضع ترحيب في أوساط الدفاع، بيد أن أجزاء اللغز التي لا تزال ناقصة هي كيف سيجري إنفاقه؟ فعلينا أن ننتظر حتى العام المقبل كي نعرف ذلك".
واعتبر أن "هذه مراجعة بالغة الأهمية نظراً إلى وجود حاجة لإعادة تقييم المعايير الخاصة بساسياتنا. نحن ندرك ما هي التحديات، بدءًا من الحروب السيبرانية والمعلوماتية، إلى كيفية التعامل مع الصين وسبل نشرها لنفوذها. وهذا هو المجال الذي ستتركّز عليه مساهمة وزارة الخارجية في المراجعة المتكاملة وكذلك مساهمة وزارة الدفاع أيضاً. ماذا سنفعل مع حلفائنا في آسيا والمحيط الهادئ وأيضاً حيال نفوذ الصين في دول تقع في مناطق مثل أفريقيا التي تربطنا بها علاقات تقليدية؟ هذه كلها قضايا مهمة بشكل هائل ويجب أن تحظى بالمعالجة".
أما مالكولم تشالمرز، وهو نائب المدير العام لـ"المعهد الملكي للخدمات الموحدة" (أر. يو. إس. آي)، فقد حذّر من أن إرجاء مراجعة الإنفاق الشاملة من شأنه أن يكون "مكلفاً بشكل خاص" بالنسبة إلى المراجعة المتكاملة باعتبار أن القرارات الرئيسة المتعلقة بأولويات الدفاع على المدى الطويل قد يكون عليها الآن أن تنتظر إجراء مراجعة الإنفاق الشاملة".
وأضاف تشالمرز "في غضون ذلك، لن يكفّ عالم التهديدات الخارجية وتطوير القوة والالتزامات التعاقدية، عن الحركة تماماً. ويبقى الضغط الذي يتعرّض له البرنامج الدفاعي مستمراً بلا هوادة، مدفوعاً بالأهمية المتزايدة، والمرتبطة بتنافس القوى الكبرى وأيضاً بسبب التزامات الحكومة أداء دور عسكري فعّال".
© The Independent