توشك مفاوضات الاتفاق الشامل بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي لما بعد بريكست على الانتهاء اليوم الأربعاء أو صباح الخميس على الأكثر. وذكرت مصادر دبلوماسية أوروبية ل"اندبندنت" أن المفاوضات حول بند حقوق الصيد تقترب من نهايتها وأن إعلان التوصل لاتفاق "وشيك جدا"، وأضاف مصدر أوروبي: "نحن في اللحظات النهائية".
وكان كبير المفاوضين الأوروبيين ميشيل بارنييه صرح الثلاثاء بأن ما تبقى حول بند حقوق الصيد متروك للقيادة السياسية. وحسب أكثر من مصدر دبلوماسي تحدثوا لوسائل إعلام أوروبية وبريطانية فإن الساعات الأخيرة من المفاوضات لم تعد بين بارنييه وفريقه الأوروبي والفريق البريطاني بقيادة ديفيد فروست، وإنما أصبحت بين رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
قمة طارئة محتملة
ويستعد زعماء الدول الأوروبية لاحتمال استدعائهم الخميس لقمة طارئة للمجلس الأوروبي لاقرار مسودة الاتفاق قبل عرضها على البرلمان الأوروبي الذي سبق وحدد موعدا افتراضيا للتصديق على أي اتفاق يتم التوصل إليه بحلول الاثنين 28 ديسمبر.
كما أن أعضاء مجلس العموم (البرلمان) البريطاني أبلغوا لدى قيامهم باجازة أعياد الميلاد ورأس السنة أنهم يمكن استدعائهم في أي وقت حتى الأربعاء 30 ديسمبر للتصويت على اتفاق بريكست.
وعلى الأرجح سيتم إعلان التوصل للاتفاق ليل الأربعاء ليقر من قبل القادة الأوربيين الخميس على أن يطالعه أعضاء البرلمانين الأوروبي والبريطاني في عطلة عيد الميلاد والتصويت عليه بعدها مباشرة قبل ساعات من نهاية الفترة الانتقالية لبريكست في 31 ديسمبر.
حل وسط
وبالنسبة للبند الخلافي المتبقي والمتعلق بحقوق الصيد، يبدو أن القيادة السياسية للمفوضية الأوروبية والحكومة البريطانية حسمت الأمر بحل وسط يتضمن تخلي أوروبا عن 35 في المئة من حقوق صيد أساطيل الدول الأوروبية في المياه البريطانية على أن يراجع الاتفاق بعد ست سنوات. والأمر متروك الآن لفرق التفاوض لإعداد المسودة النهائية.
ومع هذا التفاؤل بقرب التوصل لاتفاق بريكست خلال ساعات، عاد سعر صرف الجنيه الاسترليني للارتفاع فوق حاجز 1.35 دولار للجنيه. وبالنسبة للأسواق، يعد سعر الاسترليني أقوى مؤشر على مسار مفاوضات اتفاق بريكست.
وباقرار الاتفاق المحتمل غدا، يكون جاء قبل ساعات من عيد الميلاد (الكريسماس) في 25 ديسمبر، لكن الوقت المتبقي قد لا يكون كافيا لاستيعاب الأعمال والمصالح والادارات للإجراءات الجديدة في التعامل بين بريطانيا وأوروبا. وسبق أن طرح حل فترة استعداد وتطبيق ما بين شهرين وستة أشهر حتى يتم تطبيق الاتفاق الذي سيبدأ العمل به من 1 يناير 2021 في حال إقراره والتصديق عليه برلمانيا خلال الأسبوع المتبقي من العام.
تمديد المهلة
وكانت وسائل الإعلام البريطانية ذكرت أنه تم إبلاغ أعضاء مجلس العموم (البرلمان) البريطاني بأن يكونوا على أهبة الاستعداد لاحتمال استدعائهم يوم الأربعاء من الأسبوع القادم 30 ديسمبر (كانون الأول) للتصويت على اتفاق بريكست الذي يحكم العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا نهائياً بدءاً من يوم 1 يناير (كانون الثاني) 2021، ويعني ذلك أن المفاوضات مستمرة في بروكسل بغرض التوصل إلى حل وسط في القضية الوحيدة المتبقية في الاتفاق، وهي حقوق الصيد.
ومدد البرلمان الأوروبي في بروكسل المهلة النهائية التي كان قد حددها سابقاً بنهاية يوم الأحد الماضي إلى نهاية يوم الأربعاء هذا الأسبوع.
وتعد تلك مؤشرات على أن الطرفين، الأوروبي والبريطاني، حريصان على إعطاء المفاوضات فرصة للتوصل لحسم الخلاف حول قضية حقوق الصيد والتوصل لمسودة اتفاق قبل نهاية هذا الأسبوع.
إلى ذلك، ما زالت مواقف الطرفين في التصريحات العلنية تتسم بالتشدد وجمود المواقف، على الرغم من التسريبات بأن المفاوضات تناولت مقترحات جديدة بشأن بند حقوق الصيد يوم الاثنين، لكن الحل النهائي للخلاف قد يتطلب تدخلاً سياسياً أعلى، ربما من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في الساعات القادمة.
الأسواق والفيروس وبريكست
شهدت الأسواق البريطانية والأوروبية عموماً، بداية أسبوع عصيبة يوم الاثنين مع هبوط المؤشرات الرئيسة في البورصات الأوروبية بنحو 2 في المئة في تعاملات أول أيام الأسبوع، الاثنين، بينما شهدت المؤشرات في بورصة لندن معدلات تراجع أكبر، حيث انخفض مؤشر فاينانشيال تايمز للشركات المئة الكبرى بنحو 2.6 في المئة وانخفض مؤشر فاينانشيال تايمز للشركات المئتين والخمسين بنحو 2.9 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستعاد سعر صرف الإسترليني بعض خسائره، لكنه ظل متراجعاً عند 1.33 دولار للجنيه، و1.09 يورو للجنيه. وجاء ذلك متسقاً مع توجه عام في الأسواق العالمية، حيث تراجعت مؤشرات الأسهم في أغلبها في تعاملات أول أيام الأسبوع، الاثنين، تخوفاً من تبعات الإعلان عن سلالة جديدة من فيروس كورونا، وما يمكن أن تسببه من ضرر للاقتصاد العالمي الهش بالفعل.
وكذلك فقدت أسعار النفط ما يزيد على نسبة 5 في المئة في تعاملات أول أيام الأسبوع، حيث هبط سعر خام برنت القياسي إلى مستوى 50 دولاراً للبرميل، بينما هبط سعر الخام الأميركي الخفيف (مزيج غرب تكساس) إلى ما يزيد قليلاً على 47 دولاراً للبرميل.
وفتحت الأسواق على تحسن طفيف في الأسواق الأوروبية، لكن مؤشرات بورصة لندن فتحت منخفضة، وإن بنسبة أقل كثيراً من الاثنين، ولا تصل إلى نصف نقطة مئوية. وجاء ذلك نتيجة تراجع حدة الهلع بشأن الحظر التام للتنقل بين أوروبا وبريطانيا، بعد أن أعلنت كل من فرنسا وبريطانيا عن حملة إجراء فحوص كورونا لسائقي الشاحانت عبر الخط الملاحي كاليه-دوفر، وعبر النفق الأوروبي لضمان عودة انتقال السلع والبضائع بين بريطانيا والقارة الأوروبية.
تسريبات وتصريحات
أما على صعيد مفاوضات بريكست بين الوفد الأوروبي بقيادة ميشال بارنييه والوفد البريطاني بقيادة ديفيد فروست، فقد ذكرت وكالة بلومبيرغ أن مفاوضات الاثنين شهدت مقترحاً أوروبياً جديداً بزيادة النسبة التي تتخلى عنها أوروبا من حقوق الصيد في المياه البريطانية مع تقليل الفترة الزمنية لمراجعة الاتفاق. وكان آخر اقتراح حل وسط من الجانب الأوروبي هو التخلي عن 25 في المئة من حقوق الصيد الأوروبية في المياه البريطانية على أن يراجع الاتفاق بعد 10 سنوات، بينما خفض البريطانيون مطلبهم إلى تخلي الأوروبيين عن 60 في المئة على أن يراجع الاتفاق بعد 3 سنوات.
لكن التسريبات التي ذكرتها "بلومبيرغ" أشارت إلى موافقة الأوروبيين على التخلي عن 33 في المئة من حصتهم، ومراجعة الاتفاق بعد 7 سنوات. وسارع مسؤول حكومي بريطاني إلى الرد على تلك التسريبات في تقرير "بلومبيرغ" نافياً أن يكون هناك مقترح أوروبي يقترب من المطالب البريطانية، أو حتى يمثل حلاً وسطاً.
وحسب تقديرات مصادر عدة قريبة من المفاوضات، يمكن أن يكون الحل الوسط عند تخلي الأوروبيين على ما يزيد على 35 في المئة من حصص الصيد في المياه البريطانية ومراجعة الاتفاق بعد 5 سنوات.
وفي كلمة متلفزة، الاثنين، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عن المفاوضات "هناك مشاكل، ومن المهم أن يفهم الجميع أنه يتعين أن تتمكن بريطانيا من السيطرة على فرض قوانينها، وأن نكون قادرين كذلك على السيطرة على مصايدنا".
وتبقى المعضلة الأخرى في بند حقوق الصيد، حتى إذا تم التوصل إلى حل وسط للحصص والمدة الزمنية لمراجعة الاتفاق، وهي "حوكمة" الاتفاق. فالاتحاد الأوروبي يريد ربط المراجعة بعد سنوات لاتفاق حقوق الصيد بمراجعة ببقية بنود الاتفاق، وأيضاً أن يكون حسم أي تسوية في حال انتهاك اتفاق حقوق الصيد مرتبطاً ببقية الاتفاق، لكن الوفد البريطاني يرفض ذلك، ويريد أن تكون المراجعة قاصرة على اتفاق الصيد، وأن يكون حسم أي نزاع بشأنه قاصراً فحسب على بند الصيد، ولا يتضمن إمكانية فرض الأوروبيين عقوبات على بريطانيا في الجوانب الأخرى من الاتفاق الشامل.