أنهت أسهم مجموعة علي بابا الصينية للتسوق الإلكتروني تعاملات أول أيام الأسبوع، الاثنين، على هبوط بنسبة 8 في المئة في بورصة هونغ كونغ، مع زيادة حملة الحكومة الصينية على المجموعة التي أسسها الملياردير الصيني جاك ما.
وغطت انتقادات سلطات المراقبة المالية وبنك الشعب (المصرف المركزي) الصيني، على خطوة المجموعة برفع قيمة برنامج إعادة شراء أسهمها على مدى عامين من ستة إلى عشرة مليارات دولار، بعد انهيار سعرها في بورصة "وول ستريت" في نيويورك نهاية الأسبوع الماضي، بأكثر من 13 في المئة، خاسرة نحو 100 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد.
جاء ذلك بعد إعلان سلطات تنظيم القطاع المالي الصينية بدء تحقيق موسع في ممارسات المجموعة الاحتكارية التي تنتهك قواعد المنافسة، بالإضافة إلى عدم التزامها المعايير المالية الحكومية.
وعقد ممثلو السلطات المالية الصينية، الأسبوع الماضي، اجتماعات مع إدارة شركة المدفوعات المالية الإلكترونية "آنت" (النملة)، التابعة للمجموعة، لمناقشة كيفية التزامها المعايير المالية المنظمة لعملها. ثم أضاف تصريح نائب محافظ البنك المركزي بان غونشنغ مزيداً من القلق لدى المستثمرين بشأن مستقبل "آنت" وعلي بابا واستثمارات الملياردير جاك ما بشكل عام.
خروج عن السيطرة
بدأت مشاكل المجموعة مع السلطات الصينية في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حين أوقفت الحكومة الطرح الأولي لأسهم "آنت" في بورصتي شنغهاي وهونغ كونغ، الذي كان يتوقع أن يوفر 40 مليار دولار، ليكون أكبر طرح أولي للأسهم وقتها.
لكن موقف السلطات من الملياردير جاك ما يعود إلى شهر أكتوبر (تشرين الأول)، حين انتقد في مؤتمر اقتصادي في الصين السلطات المالية في البلاد، واتهمها بالوقوف في وجه الابتكار والإبداع في القطاع الخاص.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد اعتبرت دوائر الاستثمار والمال العالمية وقف السلطات الصينية الطرح الأولي عقاباً لجاك ما، بل إن بعض التقارير الإعلامية الغربية رأت في ما حصل محاولة "قص لأجنحة" الشركة، في خطوة اتخذت على أعلى مستوى، وقد تكون قراراً صادراً من الرئيس الصيني شي جين بينغ نفسه لعدم رضاه عن انتقادات جاك ما للبيروقراطية الحكومية.
ومنذ ذلك الوقت، تراجعت أسهم علي بابا بنسبة 25 في المئة، لتخسر نحو 260 مليار دولار من قيمتها السوقية. وتراجعت ثروة جاك ما، الذي كان يعد أغنى ملياردير في الصين، من 62 مليار إلى 49.3 مليار دولار.
وبدا منذ نهاية نوفمبر أن الخلاف بين الملياردير والسلطات الصينية خرج عن السيطرة ولم يعد قابلاً للحل.
مشكلة "آنت"
يرى كثير من المحللين أن الحكومة الصينية، وإن كانت تحتوي القطاع الخاص ونموه، إلا أنها لا تزال تحافظ على سيطرتها على الاقتصاد. وحين قُيمت إحدى شركات مجموعة علي بابا بقيمة تصل إلى 300 مليار دولار تمهيداً لطرح أولي لأسهم جزء منها، يقل عن ربعها، انصب اهتمام السلطات الصينية على المجموعة كلها باعتبارها تضخمت خارج "نطاق المسموح".
كانت الشركة، التي لا يزيد عمرها عن عدد قليل من السنوات، بدأت كذراع مدفوعات إلكترونية للشركة الأم، وتوسعت بسرعة وأصبح لديها ما يقارب المليار مشترك في الصين يستخدمون تطبيقاتها، وأشهرها "علي باي" على الهواتف الذكية. ولم تعد خدماتها تقتصر على الشراء والدفع الإلكتروني، إنما امتدت إلى الإقراض والادخار والاستثمار أونلاين.
وبدأ قلق السلطات الرقابية وهيئات الحكومة المركزية في الصين، عندما أصبحت الشركة تدير أصولاً تبلغ بضع تريليونات من الدولارات. وكان أهم وأخطر ما طورته شركة "آنت" هو آلية رقمية، عبر خوارزميات معقدة، تشكل أساساً في تقدير الوضع الائتماني للمقترضين الصغار، بحيث يمكنهم الحصول على قروض من دون ضمانات صارمة، كما تفعل البنوك التقليدية.
لذا، اعتبرت السلطات الصينية أن الشركة لم تعد متخصصة بالتكنولوجيا المالية، إنما تقدم خدمات مالية ومصرفية عليها أن تخضع لمعايير البنوك والمؤسسات المالية.
وعلى الرغم من أن السلطات الصينية لم تصل إلى حد مطالبة "آنت" ببيع بعض خدماتها، مثل صناديق الاستثمار أو القروض أو غيرهما والاكتفاء بخدمة المدفوعات عبر الإنترنت، إلا أن توفيق أوضاعها طبقاً للمعايير والقواعد المالية قد يضطرها إلى ذلك.
ويبدو واضحاً أن عملية التكيف تلك، التي قد تستغرق أكثر من 12 شهراً، ستؤدي إلى تراجع قيمة الشركة عند تقييمها، إذا فكرت مرة أخرى في طرح أولي للأسهم. أضف إلى ذلك، أن التحقيق في وضع المجموعة الأم، علي بابا، قد يسفر أيضاً عن مزيد من التراجع. ويعني ذلك النيل أكثر من ثروة جاك ما، الذي يملك نصيباً كبيراً من المجموعة وشركاتها بما فيها "آنت".