على الرغم من الخسائر الضخمة التي طالت جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية خلال العام الماضي، لكن البورصات وأسواق المال العربية والخليجية تمكنت من التماسك وتحقيق أرقام قياسية مقارنة بنظيرتها التي طالتها خسائر سنوية حادة وضخمة.
ويرى متخصصون، أن الأرقام والمكاسب التي حققتها أسواق المال العربية والخليجية خلال الجائحة، ستكون الدافع الرئيس لصعود قياسي خلال 2021، مشيرين إلى أنه على الرغم من الخسائر الصعبة التي واجهت جميع الأسواق خلال فبراير (شباط) ومارس (آذار) الماضيين، وتسببها في تسجيل خسائر سنوية، فإن هناك بعض الأسواق حققت نمواً كبيراً في ما يتعلق بمستويات السيولة، التي تعد المحرك الأكبر لأسواق الأسهم ستقودها إلى تحقيق ارتفاعات ضخمة خلال 2021.
في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، قال المحلل المالي نادي عزام، إن هناك ارتفاعاً ضخماً في مستويات السيولة خلال العام الماضي تراوح بين 40 و 250 في المئة. مشيراً إلى أن السوق السعودية على سبيل المثال، تراوحت تداولاتها اليومية ما بين 5 و6 مليارات ريال (1.13 و 1.6 مليار دولار) لكن خلال العام الماضي قفزت التداولات اليومية لتسجل في بعض الجلسات 18 مليار ريال (4.8 مليار دولار)، ما يشير إلى ارتفاع السيولة بمتوسط يتجاوز 250 في المئة. وهو ما حدث في أسواق المال الإماراتية التي بلغ متوسط التداولات اليومية فيها نحو 900 مليون درهم (244.565 مليون دولار) يومياً.
وهو ما يرجع بشكل مباشر إلى تسبب جائحة كورونا في توقف العديد من الأنشطة، ما دفع أصحاب الفوائض المالية إلى دخول أسواق الأسهم للمضاربة وتحقيق مكاسب سريعة.
السيولة هي الوقود المحرك لأسواق المال
يرى محمود شكري، المدير التنفيذي لمجموعة "إيه إم سي" للاستثمار، ومقرها القاهرة، أنه لا يمكن لأحد أن يتجاهل الأزمة العنيفة التي واجهت الاقتصاد العالمي خلال 2020، حيث عصفت التداعيات الخطيرة التي خلفتها جائحة كورونا بأكبر اقتصادات العالم، وكان لأسواق الأسهم نصيب من هذه الخسائر نظراً لحساسيتها الشديدة في أي أزمات عالمية.
وأشار إلى أنه نظراً لضخامة الأزمة، فقد تحركت الحكومات وعلى مستوى دول العالم بشكل سريع، لاستيعاب الصدمة ووقف انهيار جميع المؤشرات، وتجنب تكرار سيناريو 2008 الذي شهد الأزمة المالية العالمية، التي تسبب التدخل التأخر للحكومات في تضخيم تداعياتها وقتها.
ولفت إلى أن التحرك الأهم خلال عام جائحة كورونا تمثل في قيام الحكومات بإعلان حزم تحفيز وضخ سيولة كبيرة في أسواق المال وبشكل مباشر لدعم أسهم الشركات خوفاً من انهيارها، ونظراً لأن السيولة هي الوقود المحرك لأسواق المال، فقد شهدت البورصات ارتفاعات عقب قيام الحكومات بضخ سيولة. بعض هذه الارتفاعات تاريخي لم نشهده من قبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلال 2020 حقق مؤشر "داو جونز" الأميركي قمته التاريخية على الإطلاق، وليس ذلك ببعيد عن الأسواق الخليجية، فعلى الرغم من أزمة كورونا، فقد شهدت أسواق المال الخليجية ارتفاعاً ملحوظاً في قيم وأحجام التداولات، نتيجة اتجاه السيولة الكبيرة من قبل المستثمرين إلى أسواق الأسهم بعدما سيطر الوضع الضبابي وخيم على معظم القطاعات جراء الأزمة. غير أن الدعم المباشر من قبل الحكومات لأسواق المال كان له رأي آخر في عكس التوقعات، ودعم الأسواق بالسيولة ليس فقط لحماية الأسواق من الانهيار، ولكن لتشجيع المستثمرين على ضخ مزيد من استثماراتهم وتحقيق مكاسب، وهو ما حدث بالفعل، حيث شهد النصف الثاني من العام الماضي عودة السوق السعودية إلى تسجيل قيم وأحجام تداولات يومية ضخمة بلغت في المتوسط نحو 10 مليارات ريال (2.666 مليار دولار) وكذلك الأمر في السوق الكويتية، خصوصاً بعد إدراجها في مؤشر "مورغان ستانلي" للأسواق الناشئة.
خطط الدعم والتحفيز الحكومية
وأشار شكري إلى أن خطط الدعم والتحفيز تسببت في أن تقفز القيمة السوقية الإجمالية لأسواق الأسهم الخليجية، وهو ما يعود بشكل مباشر إلى السيولة الساخنة التي دخلت الأسواق سواء من خلال خطط التحفيز الحكومي أو عودة المستثمرين إلى أسواق الأسهم.
وعلى صعيد البورصة المصرية، فقد شهدت ارتفاعات كبيرة وحقق مؤشر الأفراد السبعيني قمته التاريخية على الإطلاق، وهو ما حدث بعد توجيهات رسمية بضخ 20 مليار جنيه (1.282 مليار دولار) بشكل مباشر من خلال أكبر بنكين حكوميين في سوق الأسهم، الأمر الذي تسبب في إعادة الثقة إلى قطاع كبير من المساهمين الأفراد، وشهد الكثير من الأسهم تحقيق طفرات سعرية وقفزات كبيرة، على الرغم من ظهور نتائج أعمال بعض الشركات مخيبة لآمال المساهمين، لكن السيولة التي تم ضخها في السوق عكست جميع المؤشرات السلبية لتتخطى البورصة المصرية وتتجاوز الأخبار السلبية التي كان من المتوقع أن تتسبب في خسائر سنوية حادة وعنيفة.
السيولة تقفز 112 في المئة
في الوقت نفسه، تشير البيانات المتاحة إلى ارتفاع إجمالي السيولة في السوق السعودية بنحو 21 مليار دولار لتسجل الأسهم المدرجة ما قيمته 2.45 تريليون دولار بنهاية 2020. كما قفزت السيولة الإجمالية بسوق أبوظبي للأوراق المالية بنحو 58 مليار دولار لتسجل الأسهم المدرجة ما قيمته 202 مليار دولار.
فيما سجلت البورصة القطرية زيادة بقيمة 5 مليارات دولار، لتصل القيمة السوقية الإجمالية للأسهم المدرجة إلى نحو 165 مليار دولار بنهاية 2020. فيما خسرت الأسهم المدرجة ببورصة الكويت نحو 13 مليار دولار لتستقر القيمة السوقية الإجمالية للأسهم المدرجة بنهاية العام الماضي عند مستوى 114 مليار دولار. كما خسرت الأسهم المدرجة في سوق دبي المالية نحو 9 مليارات دولار، لتسجل القيمة السوقية الإجمالية للأسهم المدرجة بنهاية 2020 ما قيمته 86 مليار دولار.
مصر تتصدر التراجعات في 2020
وأغلق مؤشر سوق المال السعودية على ارتفاع سنوي بنسبة 3.6 في المئة خلال 2020 ليسجل خامس مكسب سنوياً له على التوالي. فيما هبط المؤشر الرئيس للبورصة المصرية "إيجي إكس 30" بنسبة 22.3 في المئة.
وفي الإمارات، سجل مؤشر سوق دبي المالي خسائر سنوية بلغت نسبتها 10 في المئة، بعدما فقد ما يصل إلى 36 في المئة خلال الربع الأول من العام الماضي. فيما سجل المؤشر الرئيسي لسوق أبوظبي للأوراق المالية هبوطاً سنوياً بنسبة طفيفة بلغت نحو 0.6 في المئة.
وعلى الرغم من أنها كانت الأفضل أداءً في أسواق المنطقة خلال العام الماضي بعد إدراجها في مؤشر "مورغان ستانلي" للأسواق الناشئة، لكن سجل المؤشر العام للبورصة الكويتية خسائر سنوية بلغت نسبتها 13.3 في المئة.
ونزل المؤشر العام لسوق البحرين المالية 7.5 في المئة خلال 2020 ليسجل أول تراجع سنوي في خمس سنوات. فيما سجل المؤشر الرئيس لبورصة عمان خسائر سنوية بلغت 8.1 في المئة مسجلاً بذلك رابع خسارة سنوية على التوالي.
فيما سجل المؤشر الرئيس للبورصة القطرية نمواً سنوياً طفيفاً 0.1 في المئة خلال العام الماضي، مسجلاً بذلك ثالث زيادة سنوية على التوالي.