بدعوة من فروع الاتحاد الجهوي للعمل في قفصة، واتحاد الصناعة والتجارة، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، نفذ إضراب عام بكامل محافظة قفصة، احتجاجاً على عدم إيفاء الحكومات المتعاقبة بتعهداتها تجاه الجهة، وقرارات المجالس الوزارية السابقة الخاصة بقفصة، والمتضمنة 202 قرار في كل القطاعات، وخصوصاً في الصحة والعمل.
وأهم هذه القرارات الشروع في بناء المستشفى المحلي متعدد الاختصاصات، والتسريع بالإعلان عن نتائج المناظرات التابعة لشركة فوسفات قفصة، والمجمع الكيماوي، وصيانة الطرق وإيصالها إلى قفصة.
واستجابت للإضراب المؤسسات التربوية والمالية العامة والإدارات الجهوية، في حين لم تكن الاستجابة كلية من القطاع الخاص، حيث واصل بعض المحال التجارية والمقاهي نشاطها العادي.
تفاقم البطالة
في المقابل، قال الكاتب العام للاتحاد المحلي للعمل بقفصة، محمد الصغير ميرواي، إنه "في حال عدم استجابة الدولة لمطالبهم والتسريع في إعداد رزنامة لجدولتها زمنياً، فسيتم التصعيد في التحركات الاحتجاجية، خصوصاً أن ولاية قفصة حرمت طيلة الحكومات المتعاقبة من حقوقها التنموية ومظاهر التحضر المدني"، بحسب تعبيره.
ويفيد ميراوي بأن "تنفيذ الإضراب العام يأتي على خلفية عدم تعهد الحكومة بتفعيل القرارت الوزارية السابقة المتعلقة بتحسين القطاع الصحي ببناء مستشفى جامعي، وإيجاد حل لمشكلة تفاقم البطالة بتطبيق قرار انتداب 7200 عاطل عن العمل، وحل الانقطاع المتكرر للماء الصالح للشراب، ومقاومة التلوث جراء مناجم الفوسفات".
نزيف الاعتصامات
من جانبه، يقول جمال الفالح، ناشط في المجتمع المدني، إن "27 في المئة فحسب، أنجز من المشاريع المبرمجة منذ 2009 لمحافظة قفصة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف الفالح أن "الدولة فشلت في إيقاف نزيف الاعتصامات في الحوض المنجمي، لأنها لم تفِ بوعودها السابقة في توفير مواطن شغل وتحقيق التنمية". ويرى ممثل جمعية إرادة في قفصة، أن "إيقاف إنتاج الفوسفات جراء الاعتصامات انعكس على الاقتصاد الوطني ككل، وأنه بانفراج الأزمة ستعود بالنفع على كل البلاد".
من جهة أخرى، يعتقد الفالح أن "الدولة فشلت أيضاً في خلق مناخ استثمار للقطاع الخاص"، وأفاد في السياق ذاته، بأن "21 رخصة لمصانع نسيج لم تسند لأن الدولة لم تستطع توفير مقرات في المنطقة الصناعية، مع العلم بأن كل رخصة يمكن أن توفر 300 موطن عمل".
في المقابل، يقول النائب عن الكتلة الديمقراطية، هيكل المكي، إنه "من حق قفصة أن تعبر بشكل سلمي عن مطالبها وحقها في التنمية"، موضحاً أن "الإضراب العام تأخر كثيراً، وأن الوضع لم يتغير في المحافظة ويتواصل التهميش الذي بدأ منذ الاستعمار، وحتى بعد الثورة، نتيجة فشل الحكومات المتعاقبة، من خلال ارتفاع نسبة البطالة وارتفاع نسب الفقر".
وأضاف المكي أن انتشار الأمراض السرطانية جراء النشاطات الصناعية وغياب الماء الصالح للشرب وتراجع الأراضي الزراعية جعل قفصة منطقة مهمشة تفتقر إلى بنية تحتية ومراكز صحية محترمة تضمن الحياة للمواطنين".
انتفاضة الحوض المنجمي
تعد قفصة في الجنوب الغربي لتونس إحدى المحافظات الرئيسة التي شاركت في الاحتجاجات المناهضة لحكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي قبل حتى أحداث الثورة التي أطاحت حكمه في 2011، إذ قوبلت الحركات الاحتجاجية، التي عرفتها قفصة، واستمرت نحو ستة أشهر عام 2008، بالاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن، ما أسفر عن مقتل ثلاثة محتجين، إضافة إلى الاعتقال التعسفي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة لعشرات الأشخاص، وأحكام مشددة بالسجن إثر محاكمات جائرة.
وقد نالت الانتفاضة دعماً كبيراً من منظمات المجتمع المدني المحلية والمجتمع الدولي لحقوق الإنسان. ويعتبر مراقبون للشأن العام في تونس أن انتفاضة الحوض المنجمي هي بداية التململ ضد حكم بن علي آنذاك.