يعاني الأطفال المصابون بـ"اضطراب طيف التوحد" التجاهل الحكومي في فلسطين، إذ لا تعترف الحكومة بهم وبمعاناتهم، بالتالي لا تشارك في علاجهم. وعلى الرغم من أن أعدادهم تقترب من الآلاف، فإنه لا يوجد رقم رسمي محدد لهم، بسبب رفض الجهاز المركزي للإحصاء تصنيفهم.
كما ترفض وزارة الصحة الاعتراف بأطفال التوحد بوصفهم "مرضى"، لذلك لا توفر لهم "الخدمة العلاجية"، وكذلك تمتنع "التنمية الاجتماعية" عن اعتبارهم من "ذوي الإعاقة"، ومن ثم لا تشملهم برعايتها.
والتوحد ليس مرضاً، حسب التصنيفات الطبية، لكنه اضطراب سلوكي عصبي، تبدأ أعراضه بالظهور على الأطفال في سن السنوات الثلاث، إذ يعانون صعوبات في الإدراك والتركيز، والتواصل اللفظي البصري مع المحيطين، إضافة إلى فرط الحركة، وبعض الاضطرابات السلوكية.
تجاهل حكومي
وبحسب المدير التنفيذي لجمعية راسيل الخيرية لرعاية أطفال التوحد، علاء حلايقة، فإن التجاهل الحكومي لهذه الفئة يبدأ من عدم الاعتراف بهم، مشيراً إلى وجود آلاف الحالات غير المكتشفة، أو أنها مشخصة بشكل خاطئ، ومرجعاً التوحد إلى تأثر الجنين في رحم أمه بأسباب متعددة، تتفاوت بين قلة التعرض للشمس، أو انتشار الإشعاعات النووية، أو انقطاع الأكسجين عن المولود في أثناء ولادته.
وعن العلاج، قال حلايقة "يبدأ بتقييم حالة الطفل بعد الاطلاع على تقرير طبي بنسبة الكهرباء في دماغه، ودراسة قدرته على النطق والتواصل مع الآخرين، وذلك قبل وضع خطة علاجية"، موضحاً أن الخطة تهدف إلى "علاج مشكلات النطق، وتطوير المهارات الحياتية، لكي يستطيع ممارسة حياته بمفرده".
وأضاف "يقوم العلاج على مبدأي الصبر ومساعدة أهل الطفل، ويحتاج إلى وقت طويل وتكاليف باهظة، لأنه يعتمد على تغيير السلوك"، لافتاً إلى نقص عدد المراكز الخاصة والجمعيات الخيرية المعنية بأطفال التوحد، وتدريبهم على الاعتماد على أنفسهم في تلبية حاجاتهم الشخصية.
ولا يوجد في الأراضي الفلسطينية سوى مركزين يعملان على التأهيل المهني لأطفال التوحد، لمساعدتهم في الانخراط بسوق العمل، وخاصة الحالات غير الحادة.
تشخيص خاطئ
ولم تكتشف أسماء أبو اسنينية إصابة ابنها وسيم بالتوحد إلا بعد سن السادسة، على الرغم من أنها لاحظت عليه منذ أن كان عمره ثلاث سنوات التراجع في قدرته على النطق والتواصل مع المحيطين، وفقدان ما كان قد تعلمه قبل ذلك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من أنها عرضته على طبيب أعصاب في عمر الثالثة بعد ملاحظة العائلة بعض الأعراض مثل الرهاب الاجتماعي والصدمة، فإن الطبيب شخص مرضه بارتفاع نسبة الكهرباء في الجزء الأمامي من دماغه، المسؤول عن النطق، مشيرة إلى أن تلك الشحنات أدت إلى إتلاف خلايا الدماغ الأمامية.
وأضافت أن "المدرسة رفضت استقباله عند السادسة من عمره، بسبب عدم قدرته على النطق وصعوبات في التواصل. فاضطررت إلى الاهتمام اليومي به، حيث كان يعاني عدم القدرة على التعبير عما يجول في خاطره، وهو ما دفعني إلى استخدام بطاقات تصويرية لمساعدته".
وكانت السنوات الاثنتان والعشرون التي عاشها وسيم قاسية على والدته، التي نصبت كاميرات في البيت، لكي تراقب تحركاته حتى لا يؤذي نفسه، مشيرة إلى أن حياتها "كانت تتراوح بين الخوف والقلق".
وتوفي وسيم قبل عدة أشهر متأثراً بارتفاع نسبة السكر في الدم، بسبب تناوله غير المحدود للحلويات، حيث كان لا يشعر بالشبع، ووصل وزنه إلى 122 كيلو غراماً.