على الرغم من إعلان الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن حزمة دعم تريليونية جديدة لإنقاذ الاقتصاد قوامها 1.9 تريليون دولار، فإن "وول ستريت" تفاعلت سلباً معها، أمس الخميس، حيث اعتبرها المستثمرون سلاحاً ذا حدين؛ فمن ناحية تحفز الآمال بإنعاش الاقتصاد الأميركي المتهالك، ومن ناحية أخرى ترفع ديون الولايات المتحدة وتكاليف الاقتراض. كما لعبت السياسة دوراً في شعور المستثمرين بعدم الاستقرار بعد تصويت مجلس النواب على عزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب. إضافة إلى ذلك، خرج تقرير سوق العمل ليكشف أن البطالة في ازدياد كبير مما سيضع تحديات أكبر أمام الإدارة الأميركية الجديدة.
وانخفض مؤشر "داو جونز" الصناعي 68.95 نقطة أو 0.22 في المئة إلى 30991.52 نقطة، وخسر "ستاندرد آند بورز 500" بواقع 14.3 نقطة أو 0.38 في المئة إلى 3795.54 نقطة، وتراجع مؤشر "ناسداك" 16.31 نقطة أو 0.12 في المئة إلى 13112.64 نقطة.
لكن مؤشر "راسل 2000" للشركات الصغيرة والمتوسطة قفز إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، حيث يتوقع أن تكون هذه الشركات الأكثر استفادة من خطة بايدن.
تفاصيل الحزمة
وتشمل الحزمة أكثر من 400 مليار دولار لمكافحة الوباء بشكل مباشر، بما في ذلك الأموال لتسريع نشر اللقاح وإعادة فتح معظم المدارس بأمان في غضون 100 يوم. كما تتضمن 350 مليار دولار أخرى ستساعد حكومات الولايات والحكومات المحلية على سد النقص في الميزانية. وستشمل أيضاً 1400 دولار مدفوعات مباشرة للأفراد، ومزايا للعاطلين عن العمل أكثر سخاء، وإجازة مدفوعة الأجر مفروضة فيدرالياً للعمال وإعانات كبيرة لتكاليف رعاية الأطفال.
ويحظى الرئيس المنتخب بايدن بفرصة تاريخية لتمرير هذه الحزمة التريليونية، حيث يملك الحزب الديمقراطي الذي يمثله السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ، مما يجعل عبور الحزمة ممكناً وبشكل أسرع من الحزمة التي أُقرت في الشهر الماضي.
وشملت حزمة ترمب المقرة في ديسمبر (كانون الأول) أيضاً بحجم 900 مليار دولار لدعم المتضررين من تبعات فيروس كورونا فاتورة مساعدات للبطالة وإغاثة الأعمال الصغيرة وتوزيع اللقاحات بشكل مجاني ومدفوعات للأفراد بقيمة 600 دولار. وسبقت هاتان الحزمتان حزمة أقرت مع بداية أزمة فيروس كورونا في مارس (آذار) الماضي بحجم تريليوني دولار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المستثمرون متخوفون
لكن المشكلة في حزمة بايدن أن المستثمرين أصبحوا متخوفين من حجم الحزم الضخمة المقرة في أقل من سنة، الذي سينعكس على حجم الاقتراض المستقبلي للولايات المتحدة، حيث ستضطر الحكومة إلى إصدار مزيد من السندات لتمويل الحزمة التريليونية الجديدة. ودفع ذلك بعوائد السندات المعيارية لأجل 10 سنوات إلى الارتفاع الى أعلى مستوياتها منذ أوائل مارس.
كما أثيرت مخاوف من التضخم الذي يلوح في الأفق بمجرد أن يبدأ الاقتصاد في التعافي بفضل هذا الضخ التريليوني للأموال في الاقتصاد، وظهر تخوف أكبر حول إمكانية رفع الفائدة، مما قد يضر بسوق الأسهم التي تحطم يومياً مستوى قياسياً جديداً، حيث ستتجه الأموال نحو البنوك والسندات وتهجر الأسهم.
غير أن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول طمأن الجميع بقوله، أمس الخميس، إن "رفع سعر الفائدة لن يأتي في أي وقت قريبا"، وتراجع عن الاقتراحات بأنه قد يقلل مشتريات السندات في أي وقت قريب.
ورغم ذلك، فإن كثيراً من المستثمرين يساورهم شكوك حول التقييمات الحقيقية للأسهم في ظل تداول مؤشر "إس آند بي" عند مضاعف ربحية تقدر بـ22.3 ضعف، أي بالقرب من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 24.4 ضعف مارس 2000، بحسب بيانات "فاكتست" ونقلتها "رويترز".
البطالة تزيد بقوة
يأتي ذلك في وقت تزداد ضغوط أزمة فيروس كورونا، حيث جاءت حزمة بايدن في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه وزارة العمل أن 1.15 مليون أميركي قدموا مطالبات بطالة جديدة في أول أسبوع كامل من العام الجديد، بزيادة 25 في المئة عن الأسبوع السابق. وتم تقديم 284 ألف طلب آخر لبرنامج المساعدة الخاص بوباء كورونا، وهو برنامج اتحادي طارئ للعمال مثل العاملين لحسابهم الخاص الذين لا يتأهلون عادة للحصول على مزايا البطالة. وذكرت الوزارة الأسبوع الماضي أن سوق العمل تخلت عن 140 ألف وظيفة في ديسمبر.