كشفت مصادر متطابقة عن نقل الرئيس السوداني السابق عمر البشير في وقت متأخر، الثلثاء، من "بيت الضيافة" الحكومي في مقر قيادة الجيش بشرق الخرطوم إلى سجن كوبر في مدينة الخرطوم بحري، ثالثة مدن العاصمة، حيث يقبع العشرات من رموز النظام السابق وقيادات حزب المؤتمر الوطني في "زنازين" كانت تستضيف قيادات معارضة وناشطين سياسيين منذ بداية الاحتجاجات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وخرجوا من السجن الأسبوع الماضي، بعد إزاحة البشير عن السلطة.
وأعلن المجلس العسكري، الأربعاء، أنه جرى اعتقال شقيقين للرئيس البشير في إطار حملة الاعتقالات الجارية "لرموز النظام السابق". وقال متحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي إن القوات غير النظامية الموالية للحزب الحاكم السابق بزعامة البشير وضعت تحت قيادة الجيش والشرطة.
يقع سجن كوبر في مدينة الخرطوم بحري، ويضم 14 قسماً، منها قسم المدانين بأحكام إعدام، وآخر لأصحاب السوابق، وثالث لذوي الأحكام الطويلة والقصيرة، ورابع للمعتقلين السياسيين.
يمتد السجن، الذي شُيّد إبان الحكم البريطاني للسودان، في العام 1903، على مساحة خمسة آلاف متر مربع تقريباً من حي كوبر. وتعود تسميته إلى أول قائم عليه عقب تشييده مطلع القرن العشرين، وهو ضابط بريطاني يُدعى "كتشنر"، إلا أن كبار السن لا يزالون يطلقون عليه اسم "توبر".
وتشير الروايات إلى أن أول من أمر ببناء سجن كوبر، كان الجنرال البريطاني "كتشنر"، إلا أنه لم يحضر افتتاحه بسبب استدعائه إلى لندن آنذاك بناء على توجيهات من ملكة إنجلترا.
وكان الجنرال "كتشنر"، حين أمر ببدء أعمال تشييد السجن، ينوي بناء أضخم سجن عرفه السودان في تاريخه، وقد تحقق له ذلك بالفعل. إذ لا يزال سجن كوبر هو الأكبر في البلاد.
يأخذ السجن شكلاً هندسياً يشبه إلى حد كبير سجون بريطانيا، لا سيما سجن برمنغهام. وكان السجناء السياسيون المعارضون للحكم البريطاني طليعة "ضيوفه".
وبعد الانقلاب العسكري الذي نفذه البشير، في العام 1989، اعتقل في هذا السجن قادة سياسيون، أبرزهم رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي وزعيم حزب الاتحاد الديمقراطي محمد عثمان الميرغني والأمين العام للحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد.
ومن أشهر سجناء كوبر، إسماعيل الأزهري، الذي ترأس الحكومة الوطنية الأولى، في العام 1954، وكان من أبرز قيادات الحركة الوطنية ضد الاستعمار البريطاني.
ويخضع البشير لمذكرتي توقيف دوليتين أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية عامي 2009 و2010، بتهم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبت في إقليم دارفور بين عامي 2003 و2008. لكن المجلس العسكري الانتقالي في السودان قال إن قرار تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي تريد محاكمته بتهمة الإبادة في دارفور، يعود إلى حكومة منتخبة.
وقال أوكيلو أوريم، وزير الدولة الأوغندي للشؤون الخارجية، لوكالة "رويترز" إن أوغندا ستبحث منح حق اللجوء للبشير على الرغم من الاتهامات الموجهة إليه من المحكمة الجنائية الدولية. لكنه أضاف أن البشير لم يجر حتى الآن أي اتصال مع كمبالا.
الموكب الأبيض
طالب مئات الأطباء السودانيين، الأربعاء، بمحاسبة الفاسدين ورموز نظام البشير، خلال تظاهرة ارتدوا فيها معاطف بيضاء، في تجمع أطلقوا عليه "الموكب الأبيض".
وجاءت التظاهرة بدعوة من تجمع المهنيين السودانيين، وانطلقت من محيط مستشفى الخرطوم التعليمي، باتجاه الاعتصام المستمر لليوم الـ 11 على التوالي أمام مقر الجيش.
ولوح المتظاهرون بأعلام سودانية وهتفوا بشعارات منها "حرية سلام وعدالة" و"الثورة خيار الشعب".
وطالب المشاركون في التظاهرة بإطلاق سراح المعتقلين، خصوصاً من أبناء دارفور، وجميع الضباط الذين انحازوا إلى الحراك الشعبي ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في النظام السابق.
وعبّر بعض المشاركين في التظاهرة عن قلقهم من اختفاء أبنائهم في ظروف غامضة، في محيط مقر قيادة القوات المسلحة. وأكد ناشطون حقوقيون تكرار حوادث اختفاء بعض الشبان.
تحرير الإعلام الحكومي
لبى عدد كبير من الصحافيين دعوة أطلقتها شبكة الصحافيين السودانيين (وهي كيان مواز لاتحاد الصحافيين) إلى تسيير موكب لـ "تحرير" وكالة السودان للأنباء (سونا).
ويتهم صحافيون الوكالة بأنها أحد أبواق النظام السابق، في حين يدافع رموزها عنها بأنها المُعبّر الإعلامي عن لسان الحكومات.
وتقاطر الصحافيون بكثافة إلى مقر الوكالة في قلب العاصمة الخرطوم، حاملين لافتات تطالب بإعلام حر ونزيه، ثم انطلقوا في موكبٍ موحد لساحة الاعتصام.
وتعهدت الشبكة، في بيان، تسيير عدد من المواكب لـ "المطالبة بتحرير أجهزة الإعلام الرسمية من كوادر النظام البائد وأذياله الإعلامية".
وطالب الموكب بإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وتسليم مقر نقابة الصحافيين وضمان محاسبة كل من صادر حقوق الصحافيين.
دعم عربي
وصلت إلى السودان وفود عربية داعمةً مساندة الشعب السوداني وخطوات المجلس العسكري. إذ بعثت القاهرة وفداً رفيع المستوى، بعد ساعات من اتصال هاتفي أجراه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، أكد خلاله دعم مصر الكامل أمن السودان واستقراره، ومساندتها لإرادة الشعب السوداني في صياغة مستقبل بلاده والحفاظ على مؤسسات الدولة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعرب عن استعداد مصر لتقديم جميع سبل الدعم للأشقاء فى السودان. وأبدى السيسي عزمه زيارة البلاد في الأيام المقبلة.
واستقبل البرهان، الأربعاء، وفداً سعودياً إماراتياً مشتركاً نقل إليه رسالة تضمنت تحيات قيادتي البلدين الشقيقين واستعدادهما لدعم السودان وشعبه في هذه المرحلة التاريخية المهمة.
كذلك بحث الوفد السعودي الإماراتي مع نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو، العلاقات بين السودان والسعودية والإمارات. وجدد الوفد المشترك خلال اللقاء حرص البلدين على أمن السودان واستقراره.
بادرة حسن نية
أعلنت حركة سودانية مسلحة وقف القتال من جانب واحد، في كل المناطق الواقعة تحت سيطرتها في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، في هدنة ستستمر ثلاثة أشهر. وقد فسرت هذه الخطوة بأنها مغازلة من قبل المتمردين للمجلس العسكري ورغبة في التواصل معه بشأن عملية السلام.
وقال بيان صادر عن رئيس "الحركة الشعبية- الشمال"، عبد العزيز الحلو "كبادرة حسن نية تجاه الحل السلمي للمشكلة السودانية وإعطاء فرصة للتسليم الفوري والسلس للسلطة للمدنيين، أعلن وقف المواجهات من جانب واحد في كل المناطق الواقعة تحت سيطرة الحركة الشعبية".
أضاف "على كل قوات الحركة الشعبية ووحداتها احترام هذا الإعلان والكف عن أي أعمال عدائية إلا في حال الدفاع عن النفس".
توقيف رئيس البرلمان السابق
اعتقلت السلطات السودانية الرئيس السابق للبرلمان إبراهيم أحمد عمر، في مطار الخرطوم، عقب عودته من العاصمة القطرية الدوحة، الاثنين الماضي.
وكشفت "صحيفة السوداني" المستقلة، الأربعاء، عن مصادر موثوقة أن "السلطات تحفظت على رئيس البرلمان السابق، ووضعته تحت الإقامة الجبرية بمنزله في أم درمان، وأغلقت حساب البرلمان المالي في البنك المركزي".