توقع تقرير حديث أن تتجه شريحة كبيرة من التدفقات الاستثمارية نحو الأسواق الناشئة، في ظل إشارات إيجابية إلى بدء تعافي البورصة المصرية من موجة الركود العنيفة التي طالتها خلال العام الماضي.
ورجح بنك الاستثمار "رينيسانس كابيتال"، في مذكرة بحثية حديثة، أن تصل موجة صعود أسهم الأسواق الناشئة إلى مصر خلال العام الحالي، لتغير الاتجاه الذي شهدته الأسواق الناشئة في عام 2020، والذي اتجهت فيه المؤسسات الأجنبية إلى البيع في البورصة المصرية في كل أشهر العام الماضي.
في المقابل، شهدت أسهم الأسواق الناشئة أداء قوياً خلال الأسابيع الماضية، إذ ارتفع مؤشر "أم أس سي آي"، للأسواق الناشئة ليسجل أعلى مستوياته على الإطلاق في وقت سابق من الشهر الحالي، مع تزايد شهية المستثمرين للمخاطرة وسط التفاؤل المتزايد في شأن طرح لقاحات فيروس كورونا المستجد في عدة دول، فضلاً عن فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية الأميركية، وحزم التحفيز من قبل البنوك المركزية على مستوى العالم.
مصر لم تجنِ الثمار بعد
أوضح التقرير أن مصر لم تجنِ الثمار بعد، ولكن التقييمات يمكن أن تكون جذابة، حيث أشارت "رينيسانس كابيتال"، إلى أنه "في حين أن موقفنا الاستثماري محايد تجاه السوق المصرية، إذ إنها لا تستفيد من مسيرة تعافي العملات التي تشهدها الأسواق الناشئة الأخرى، فإنها وعلى الرغم من ذلك، يمكن أن تجذب بعض التدفقات، على خلفية ما يبدو أنه بمثابة أكثر فجوات التقييم اتساعاً خلال سنوات".
وأضافت أن المستثمرين الأجانب اقتنصوا أسهماً بما يصل إلى 606 ملايين جنيه (38.697 مليون دولار) في السوق المصرية بنهاية الأسبوعين الأولين من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي.
وأوضح بنك الاستثمار أن مصر تمكنت بالفعل من اجتياز أسوأ مرحلة من الموجة الثانية من جائحة فيروس كورونا المستجد، حيث تواصل أعداد الإصابة اليومية بالفيروس تراجعها منذ الأول من يناير الحالي، إلى جانب بدء حملة التطعيم ضد الفيروس في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وترى "رينيسانس كابيتال" أن نشاط الشركات لم يتعرض للتوقف بشكل كبير خلال الموجة الثانية، على عكس ما حدث خلال الموجة الأولى عندما أعلن عن فرض حظر تجوال كامل على مستوى الجمهورية، إلى جانب إجراءات أخرى أكثر صرامة طبقت في الوقت ذاته للحد من انتشار المرض.
يأتي هذا عقب أداء متراجع لتدفقات الاستثمار الأجنبي في البورصة خلال عام 2020، حيث سجل المستثمرون الأجانب صافي بيع خلال كل أشهر العام الماضي، بعد أن باعوا أسهماً بقيمة إجمالية 18.9 مليار جنيه (1.206 مليار دولار) خلال أشهر عام 2020.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتسببت عمليات البيع في تراجع ملكيات الأجانب من الأسهم إلى أدنى مستوياتها خلال أعوام، لتنخفض من 2.87 مليار دولار كانت تشكل ما نسبته 6.1 في المئة من رأس المال السوقي لأسهم الشركات المدرجة في البورصة المصرية، إلى نحو 1.2 مليار دولار تعادل ما نسبته 2.7 في المئة خلال شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2020.
صناديق التحوط تحقق أكبر مكاسب في 10 سنوات
في سياق متصل، حققت أكبر صناديق التحوط أعلى مكاسبها منذ 10 سنوات العام الماضي بسبب الجائحة، وتمكنت أهم 20 صندوقاً منها من تحقيق أرباح بلغت 63.5 مليار دولار مدفوعة بانهيار الأسواق وسط المخاوف في شأن فيروس كورونا المستجد، وهي أكثر من نصف مكاسب القطاع خلال العام الماضي، بحسب بيانات مؤسسة "أل سي أتش إنفستمنتس".
وذكرت المؤسسة، أنه لم يكن لدى الجميع القدرة على التنبؤ بالمستقبل، حيث تسببت الموجة البيعية الكبيرة التي حدثت خلال مارس (آذار) 2020، بتراجع أرباح صناديق التحوط لتصل إلى 127 مليار دولار خلال عام 2020، مقابل 178 مليار دولار خلال عام 2019.
وكان من بين الصناديق الخاسرة صندوق "بريدج ووتر" التابع للملياردير راي داليو، الذي سجل خسارة بلغت 12.1 مليار دولار أثناء الأزمة.
يأتي ذلك في الوقت الذي يعلق فيه المستثمرون آمالهم على مجلس الاحتياطي الفيدرالي في أن يحافظ على ارتفاع الأسواق الناشئة، والتي أظهرت علامات على التباطؤ أواخر الأسبوع الماضي.
كيف تحركت استثمارات الأجانب في أدوات الدين؟
وقبل أيام، كشف وزير المالية المصري، محمد معيط، عن مواصلة نمو الاستثمار الأجنبي في السندات المحلية خلال مطلع 2021، إذ بلغت قيمة إجمالي استثمارات الأجانب من السندات 26 مليار دولار. وذكر أن استعادة مصر لرصيد الاستثمارات الأجنبية بأدوات الدين، تعد "نقلة كبيرة جداً من الوضع الذي كان عليه الحال في شهر أبريل (نيسان) الماضي، والذي وصل فيه رصيد استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية إلى 3.9 مليار دولار، نتيجة الهلع بين المستثمرين مع الإغلاق آنذاك في كل العالم جراء ظروف جائحة كورونا.
وقال معيط إن وزارة المالية في الحكومة المصرية، عدلت توقعاتها لمعدل النمو الاقتصادي لتكون بين 2.8 في المئة إلى أقل من 4 في المئة للعام المالي الحالي، كما عدلت مستهدفاتها لنسبة الدين إلى الناتج المحلي لتكون بين 83 إلى 89 في المئة.
وتوقع أن يحقق الاقتصاد المصري نمواً بمعدل 3.3 في المئة خلال العام المالي الحالي، وهو ما سيكون في النطاق المستهدف الذي يتراوح بين 2.8 و3.5 في المئة.
من جهة ثانية، عدلت وزارة المالية في مصر مستهدفات العجز الكلي من 6.3 في المئة، كما كان معلناً في مشروع الموازنة العامة إلى 7.9 في المئة، كما عدلت الفائض الأولى المستهدف من 130 مليار جنيه (8.301 مليار دولار) إلى بين 35 و40 مليار جنيه (2.234 إلى 2.554 مليار دولار). وتوقع وزير المالية المصري فقداً في الإيرادات يتراوح بين 150 و200 مليار جنيه (9.578 إلى 12.771 مليار دولار) خلال العام المالي 2021/ 2022، وذلك في ضوء تواصل حالة عدم الاستقرار الاقتصادي التي أحدثها الوباء.