نزع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فتيل أزمة "التصرفات العقارية" بعد غضب شعبي على مواقع التواصل الاجتماعي موجهاً حكومته بإرجاء تطبيق القانون رقم 186 لسنة 2020 الخاص بإجراء تعديلات جديدة على القانون رقم (91) لسنة 2005 المنظم للضرائب على الدخل مدة عامين، لحين إجراء حوار مجتمعي قبل التطبيق على أن يتم احتساب ضريبة ثابتة مقطوعة عند تسجيل الوحدات والأملاك بدلاً من ضريبة بنسبة 2.5 في المئة.
تدخّل الرئاسة المصرية جاء بعد حالة احتقان شعبي بسبب التداعيات السلبية لتعديلات القانون الجديد سرعان ما انتقل إلى الشارع المصري، ليصبح المادة الرئيسة للأحاديث بين المواطنين وبعضهم بعضاً عقب إعلان الحكومة المصرية أن يكون الخميس المقبل الموافق 4 من مارس (آذار) المقبل موعداً لتطبيق التعديلات الجديدة على قانون الشهر العقاري المصري التي ترفض الموافقة على إمداد الوحدات السكنية بالمرافق الأساسية من كهرباء ومياه وغاز من دون الحصول على عقود مسجلة رسمياً به قبل أن تؤجلها الرئاسة المصرية.
أجّجت نيران التعديلات الجديدة الاحتقان ليمتد إلى عدم اعتراف الدولة سوى بالعقود النهائية واعتبار الابتدائية، والتي تمّ أخذ حكم بصحة التوقيع عليها من المحاكم المصرية باطلة، إذ لن يتم الاعتراف أو التعامل الحكومي بدخول المرافق وغيرها، سوى بالعقود المسجلة في الشهر العقاري.
يأتي ذلك في الوقت الذي لا يهتم غالبية المصريين بأهمية التسجيل في الشهر العقاري وإتمام التصرفات العقارية بشكل نهائي حيث تتم نحو 90 في المئة منها على نحو غير مسجل.
يشار إلى أنه تم فرض ضريبة التصرفات العقارية منذ 82 عاماً، تحديداً في عام 1939، يدفعها البائع عند بيع عقار أو وحدة سكنية أو أرض ولا يتحملها المشتري ويلتزم المتصرف بسداد الضريبة خلال 30 يوماً من تاريخ التصرف ويسري مقابل التأخير المقرر بالمادة (110) من قانون الضريبة على الدخل اعتباراً من اليوم التالي لانتهاء المدة المحددة.
تأجيل مع فرض ضريبة مقطوعة
ووجه الرئيس المصري في الأول من مارس الحالي خلال اجتماعه مع رئيس الحكومة مصطفى مدبولي ووزير العدل المستشار عمر مروان بتأجيل تطبيق القانون رقم 186 لسنة 2020 الخاص بتعديل قانون الشهر العقاري، وفقاً لتصريحات المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، السفير بسام راضي، أمس الإثنين.
وأضاف أن الإرجاء سيكون لفترة انتقالية لا تقل عن عامين بهدف إتاحة الفرصة والوقت لإجراء حوار مجتمعي، وأن يتم خلال تلك الفترة الانتقالية تحصيل قيمة ثابتة مقطوعة مخفضة وواضحة عند تسجيل الأملاك، بحسب مساحة ونوع الملكية، بدلاً من الضريبة المفروضة في هذا الصدد على التصرفات العقارية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بدأت الأزمة العام الماضي، عندما وافق مجلس النواب المصري على القانون رقم 186 لسنة 2020 الذي ينص على استبدال أحكام المادة رقم (42) من القانون رقم (91) لسنة 2005 بإصدار قانون الضرائب على الدخل، الذي فرض ضريبة بسعر 2.5 في المئة من دون خفض على إجمالي قيمة التصرف في العقارات المبنية أو الأراضي للبناء عليها عدا القرى سواء انصب التصرف عليها بحالتها أو بعد إقامة منشآت عليها وسواء كان هذا التصرف شاملاً العقار كله أو جزءاً منه أو وحدة سكنية منه أو غير ذلك وسواء كانت المنشآت مقامة على أرض مملوكة للممول أو للغير، وسواء كانت عقود هذه التصرفات مشهرة أو غير مشهرة.
90 في المئة من التصرفات العقارية غير مسجلة
وقال رئيس قطاع مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، التابع لوزارة العدل المصرية، إن التعديلات الأخيرة قبل التأجيل ما هي إلا قرارات تنظيمية لتسجيل الوحدات السكنية تهدف إلى مصلحة المواطن، لافتاً إلى أن 90 في المئة من التصرفات العقارية بالبلاد غير مسجلة بالشهر العقاري.
وأوضح لـ"اندبندنت عربية" أن الدولة بدأت تتجه إلى استقرار الملكية للمواطنين لوحداتهم السكنية، ونجحت في تقنين أوضاع مالكي الوحدات السكنية من خلل تثبيت الملكية. مضيفاً أن القانون كان سيمنع منح تراخيص لإدخال المرافق الأساسية سوى للوحدات السكنية المسجلة.
وأوضح أن الضرائب العقارية تراجع كل العقود الخاصة بالوحدات السكنية التي تم تسجيلها، مشيراً إلى أنه بموجب التعديلات الجديدة تكون الأحكام القضائية واجبة القيد وتُحول من رقم شهر عقاري وقتي إلى نهائي واجب التسجيل.
وتابع، أن التعديلات كانت تهدف إلى وضع ضوابط لكل شيء، في ما يتعلق بتسجيل العقار، وحال رغبة المواطن في التأكد من تسجيل العقارات، التوجه إلى الحي التابع له، للتأكد من حصوله على ترخيص بناء.
تقسيط على دفعتين
كما أكد أن التعديلات تضمنت تسهيلات عدة، منها أن المواطن يستطيع دفع نحو 25 في المئة من إجمالي قيمة الرسوم عند طلب التسجيل في الشهر العقاري بينما الـ75 في المئة المتبقية يمكنه سدادها عند الحصول على حكم تسجيل الوحدة السكنية المباعة من الشهر العقاري، مشيراً إلى أن الأخير سيُحصل الضريبة على التصرفات العقارية نيابة عن وزارة المالية.
وقبل تدخل الرئيس المصري بساعات ومع اندلاع أزمة تعديلات الضريبة العقارية أصدرت الحكومة المصرية ممثلة في وزارة المالية بياناً للتهدئة ونفت فرض ضريبة جديدة للتصرفات العقارية، مؤكدة أنه لا نية لزيادة الأعباء على المواطنين، بل إنها كانت تستهدف فحسب تحصيل حق الدولة المقرر قانوناً لتعزيز أوجه الإنفاق على تحسين مستوى المعيشة والخدمات العامة.
وأوضحت، أن ضريبة التصرفات العقارية تم إقرارها منذ عام 1939 وليست جديدة، بل تم خفضها اعتباراً من عام 1996 من 5 في المئة إلى 2.5 في المئة من قيمة التصرف في العقارات المبنية أو أراضي البناء سواء كان التصرف عليها بحالتها أو بعد إقامة المنشآت أو كان على العقار كله أو جزء منه أو وحدة سكنية منه أو غير ذلك.
وذكر البيان، أن جميع العقارات والوحدات السكنية بالقرى وما يتبعها من كفور ونجوع وعزب معفاة من ضريبة التصرفات العقارية، وكذلك تصرفات الوارث حتى 25 يوليو (تموز) 2018 في العقارات التي آلت إليه من مورثه بحالتها عند الميراث، إضافة إلى العقار المُقدم كحصة عينية في رأس مال شركات المساهمة بشرط عدم التصرف في الأسهم المُقابلة لها لخمس سنوات، مشيراً إلى أن التصرف العقاري بالهبة للأصول معفى من ضريبة التصرفات العقارية وأن تقرير حق الانتفاع على العقار أو تأجيره مدة تزيد على 50 عاماً يخضع لهذه الضريبة.
وأضاف أن المتصرف في العقار يلتزم بسداد الضريبة خلال 30 يوماً من تاريخ "التصرف" (مثلاً بيع شقة) ويسري مقابل التأخير المُقرر بقانون، قانون الضريبة على الدخل اعتباراً من اليوم التالي لانتهاء المدة المقررة. موضحاً أن ضريبة التصرفات العقارية تسري على الأشخاص الطبيعيين فحسب ولا يخضع لها الأشخاص الاعتباريون.
وقف إمداد المرافق للوحدات غير المسجلة
وأشار إلى أنه قبل التأجيل كان يتوجب على كل الجهات سواء مكاتب الشهر العقاري أو شركات الكهرباء والمياه ووحدات الإدارة المحلية وغيرها الامتناع عن تسجيل العقار محل التصرف أو تقديم الخدمة إليه ما لم يقدم صاحب الشأن ما يفيد سداد الضريبة عن هذا العقار.
وأضاف، أن هناك خلطاً لدى الكثيرين بين الضريبة العقارية "العوائد سابقاً" وضريبة التصرفات العقارية، مشيراً إلى أن الأخيرة جزء من ضريبة الدخل تُسدد مرة واحدة عند التصرف في العقار باعتبار ذلك التصرف يُحقق إيراداً للمتصرف أو البائع مثلاً.
فيما أوضح البيان أن الضريبة العقارية تفرض على العقارات المبنية، وتُسدد بالإقرار السنوي، وأن السكن الخاص معفى حتى أقل من مليوني جنيه (128 ألف دولار أميركي)، وإذا تخطت قيمته ذلك الحد فإن الضريبة العقارية المستحقة عنه تُقدر بـ120 جنيهاً (7.6 دولار) فقط سنوياً.