أطلقت قوات الجيش الوطني الموالي للحكومة اليمنية الشرعية حملة عسكرية في جبهة قتال جديدة ضد الميليشيات الحوثية في محافظة تعز، ضمن استراتيجية عسكرية تهدف إلى تخفيف الضغط الحوثي المتصاعد منذ ثلاثة أسابيع على محافظة مأرب النفطية شرق البلاد.
ومع انطلاق العمليات العسكرية التي جاءت على نحو مفاجئ، أعلنت قوات الجيش اليمني اليوم الأربعاء تحرير مناطق جديدة، إثر هجوم واسع شنته على مواقع تمركز الحوثيين في المحافظة الجبلية التي تربط شمال اليمن بجنوبها، وتضم أكبر تجمع سكاني في البلاد.
مواجهة التصعيد
ويقرأ مراقبون أن اشتعال جبهة تعز يأتي في سياق خطة عسكرية استراتيجية للقوات الحكومية، هدفها تخفيف الضغط الحوثي المستميت والمتواصل على مأرب، وتشتيت قدراته القتالية التي تترنح أيضاً على وقع الضربات الجوية المتلاحقة لمقاتلات التحالف العربي، عقب دعوات متكررة شعبية ورسمية طالبت بمواجهة التصعيد الحوثي على مأرب، وآخرها مناشدة أطلقها 72 برلمانياً يمنياً بضرورة توسيع جبهات القتال لاستنزاف الميليشيا في أكثر من جبهة.
وفي تطور ميداني يعكس المساعي الحكومية في هذا الصدد، فتحت قوات الجيش جبهات قتالية عدة في تعز خلال فترة واحدة، إذ تدور معارك عنيفة في ثلاث جبهات متفرقة، وهي بلدة قهبان التابعة لمديرية مقبنة، وسلسلة جبال رحنق الاستراتيجية في منطقة الأشروح وضواحيها، بعد هجوم كثيف ومباغت شنته قوات الجيش الوطني على مواقع الحوثيين.
واندلعت معارك الجبهة الثالثة في منطقة حيفان الجبلية، وفقاً لموقع وزارة الدفاع اليمنية.
تقدم ميداني
وأدت الهجمات إلى تمكين القوات الموالية للحكومة اليمنية من السيطرة على مناطق عدة كانت في قبضة الحوثيين، حيث أعلن الجيش الوطني، في بيان صحافي، أن المعارك التي دارت في الجبهة الشرقية لمدينة تعز أدت إلى "تحرير عدد من المواقع في مديرية صالة، ومقتل 15 عنصراً حوثياً، فضلاً عن سقوط جرحى".
وفي مديرية مقبنة، تمكنت قوات الجيش الوطني من السيطرة على جبل عودين وتلال الردمة والزوم، إضافة إلى قطع إمدادات الحوثيين المؤدية من مقبنة إلى جبهة الكدحة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر المركز الإعلامي التابع لمحور تعز أن قوات الجيش تمكنت من السيطرة على جبل هوب العقاب وتبة الجمل وقرية المدافن وحُمرة والقاعدة، وعدد من القرى والمواقع بجبهة القوز بمنطقة الأشروح.
وبحسب المركز، أسفرت المواجهات عن مقتل قائد الحوثيين في القوز، أبو حاتم وأكثر من عشرة آخرين بنيران الجيش الوطني اليمني.
النزوح مرة أخرى
التصعيد الحوثي على مأرب أجبر نحو 70 ألف شخص على النزوح مرة أخرى بسبب احتدام القتال في المرتفعات الشمالية الغربية، والمناطق الشمالية الشرقية الصحراوية التي تشترك بها مع محافظة الجوف المحاذية، في حين أشارت تقارير للوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في أحدث إحصاء حصلت "اندبندنت عربية" على نسخة منه، أن حوالى 14 ألف نازح فرّوا من أطراف المحافظة خلال الأيام الماضية إلى داخل المدينة، بسبب احتدام المعارك بين قوات الشرعية وميليشيات الحوثي.
القوة ترجح كفة الجيش
وفي قراءة استراتيجية لعملية انطلاق المعارك في جبهة تعز، يؤكد الخبير العسكري عبدالعزيز الهداشي، أن هدفها تحرير الأرض وإضعاف القدرات الحوثية.
وأضاف، "الحوثي في أضعف حالاته وبالإمكان تحقيق تقدم للجيش على الأرض في حال استمرار المعركة بشكل منسق ومنظم".
وتوقع الهداشي أن تشترك قوات الساحل الغربي التي يقودها طارق صالح، نجل شقيق الرئيس السابق، بخاصة وأن "تعز والبرح غير مشمولة باتفاق السويد".
وضع حد للعمليات العسكرية
وقوبل التصعيد الحوثي على محافظة مأرب أخيراً بردود فعل منددة محلياً ودولياً، مما دفع الحكومة الشرعية لدعم هذه الجبهة لصد الاستماتة الحوثية في السيطرة على المحافظة التي تحتل أهمية سياسية واقتصادية كبرى.
فعلى الصعيد الدولي، حثّت الولايات المتحدة الحوثيين على وقف تقدمهم نحو مأرب، ووضع حد للعمليات العسكرية والانتقال إلى المفاوضات.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، في بيان رسمي "يمثل هجوم الحوثيين على مأرب عملاً لا ينم عن الالتزام بالسلام أو بإنهاء الحرب التي ابتلي بها الشعب اليمني، ويقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن قرابة مليون يمني لجأوا إلى مأرب منذ بداية الحرب هرباً من عنف الحوثيين".
واختتم، "تخضع مأرب لسيطرة الحكومة الشرعية في اليمن، ولن يؤدي هذا الهجوم إلا إلى زيادة عدد النازحين داخلياً، وتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن الذي يعد أصلاً موطن أسوأ كارثة إنسانية في العالم".