بعد 10 سنوات من اندلاع الاحتجاجات السلمية ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد، أعادت هناء مع الآلاف من سكان مدينة إدلب النبض إلى الشارع، الإثنين 15 مارس (آذار)، فجددوا بصوت واحد المطالبة بالحرية و"إسقاط النظام".
ويدخل النزاع السوري الإثنين عامه الـ 11 مثقلاً بحصيلة قتلى تجاوزت 388 ألفاً، وعشرات آلاف المفقودين والنازحين، فضلاً عن نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها ودمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد.
تجديد "العهد"
شاركت هناء دهنين في أولى التحركات التي عمت سوريا بعد منتصف مارس 2011، ونادت بالتغيير وكررت شعاراً رفعه ملايين المصريين والتونسيين والليبيين قبلها، "الشعب يريد إسقاط النظام".
بعد 10 سنوات على التظاهرات الأولى ضد نظام الأسد، وما تخللها من معارك وقصف ودمار، ترفع صوتها مجدداً مطالبة بإسقاط النظام من مدينة إدلب، آخر المدن الكبرى الواقعة تحت سيطرة الفصائل المتشددة والمعارضة في شمال غربي سوريا.
وتقول على هامش مشاركتها في التظاهرة لوكالة الصحافة الفرنسية، "جئنا نجدد العهد كما فعلنا العام 2011 حين قررنا إسقاط نظام بشار الأسد". وتضيف، "مستمرون في ثورتنا المباركة حتى لو تواصلت 50 عاماً، وجئنا لنطالب بحقوقنا وبالإفراج عن المعتقلين ومحاكمة مجرمي الحرب".
الاستمرار "ضرورة"
في ساحة وسط إدلب، ردد المتظاهرون شعارات هتفوا بها في أولى التظاهرات السلمية التي خرجت إلى الشوارع في أنحاء عدة من سوريا، بينها "حرية حرية حرية... سوريا بدها حرية" و"يلا ارحل يا بشار".
لم تتوقع هناء، كما كثيرين، أن تتحول تظاهرات 2011 المستوحاة من "ثورات الربيع العربي" إلى نزاع دام. وتقول، "كنا نأمل بأن نسقط النظام من اليوم الأول، لكنه استخدم كل أسلحته ضد الشعب البريء ليقمع الثورة".
على سقف من القرميد، وقرب مسلحين ملثمين، وقف بضعة شبان حاملين رقم "10"، بعدما لونوه بألوان العلم الذي اعتمدته المعارضة منذ بداية النزاع، وعلى سطح مبنى خلفهم لوّح العشرات بالأعلام وهم يشرفون على الساحة المكتظة بالمتظاهرين.
ويقول يمان (30 عاماً)، "صحيح أننا لم نغير شيئاً خلال 10 سنوات، وهذا مؤلم، لكن لا يمكننا سوى أن نكمل في الطريق الذي بدأناه لأن سوريا بحاجة للتغيير". ويضيف، "الموضوع ليس رفاهية بل ضرورة ومسألة وجود، يجب أن نستمر حتى يحدث التغيير الحقيقي ونبني دولة ديمقراطية".
"الخذلان العالمي"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على الرغم من الدمار والموت والتشرد الذي ضرب البلاد، يستعد الأسد لخوض غمار انتخابات رئاسية بعد أشهر، تبدو نتائجها محسومة لمصلحته حكماً.
وتسيطر قوات النظام اليوم على أقل من ثلثي مساحة البلاد، فيما يعاني الشعب أزمة اقتصادية حادة مع نضوب موارد الدولة، وتداعيات عقوبات دولية مفروضة على النظام وأركانه.
ولم يخف المتظاهرون خيبتهم من المجتمع الدولي الذي طالما صدحت بيانات دول كبرى فيه بدعم مطالبهم بالديمقراطية والحرية، لكن من دون نتيجة، وحمل أحدهم لافتة كتب عليها، "عقد من الخذلان العالمي".
ويقول يحيى (28 عاماً)، "صامدون حتى يسقط النظام ويحاكم في المحاكم الدولية".
المعاناة مستمرة
في العام 2011، انضمت إدلب سريعاً إلى ركب الاحتجاجات، وفي العام 2015، سيطر عليها ائتلاف فصائل معارضة ومسلحة بينها "هيئة تحرير الشام"، أي "جبهة النصرة" آنذاك قبل فك ارتباطها بتنظيم "القاعدة".
لكن على وقع هجمات عدة شنتها قوات النظام بدعم روسي، وأسفرت عن دمار هائل وسقوط قتلى مدنيين وموجات نزوح ضخمة، استعادت دمشق في آخر عملية عسكرية في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2019، أكثر من نصف مساحة المحافظة، ويسري منذ عام وقف لإطلاق النار فيها.
ويعيش في إدلب وحدها نحو 3 ملايين نسمة، نصفهم نازحون فروا من مناطق أخرى على وقع المعارك.
وعلى الرغم من أن أصوات المدافع اليوم خفتت إلى حد بعيد في سوريا، إلا أن معاناة السوريين لم تنته. وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في بيان، "تسببت 10 سنوات من الأزمة السورية في حدوث معاناة إنسانية وألم لا يمكن تصورهما، لقد خذل العالم السوريين".
وخلال تظاهرة إدلب، يقول عمار، "سنستمر في التظاهر وفي التعبير عن رأينا، حتى وإن سيطر النظام على سوريا كلها".
إحباط "عملية إرهابية" في دمشق
في غضون ذلك، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن "الأجهزة المختصة أحبطت عملية إرهابية كانت تستهدف مدينة دمشق عبر أحزمة ناسفة، وقضت على ثلاثة إرهابيين وألقت القبض على ثلاثة آخرين".
ونسبت الوكالة إلى مصدر أمني قوله إن "المؤامرة" أُحبطت بالتعاون مع سكان بلدتي كناكر وسعسع في ريف دمشق، في منطقة كانت من قبل خاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة جنوب غربي العاصمة، قبل أن يستعيد النظام السيطرة عليها منذ نحو ثلاث سنوات، بعد التوصل لاتفاق مصالحة مع شيوخ المنطقة.
ولم تذكر الوكالة متى جرى إحباط الهجوم أو أية تفاصيل أخرى.
ووفقاً لوسائل الإعلام الرسمية، جاء المتورطون في "مؤامرة التفجير" من بلدتي كناكر وسعسع.