تسير حركة "فتح" إلى مواجهة مزيد من الأزمات الداخلية في ظل رفض قطاعات عريضة من كوادرها قائمتها للانتخابات التشريعية التي قُدمت إلى لجنة الانتخابات المركزية قبيل إغلاق باب الترشح.
وخلال الليلة الماضية شهدت الضفة الغربية احتجاجات وإطلاق رصاص في الهواء تعبيراً عن الاستياء من قائمة حركة "فتح" الانتخابية، في ظل تحذيرات وصلت إلى حد التوعد بمنع إجرائها في بعض المناطق.
ومع أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح" شددوا خلال الأسابيع الماضية على حرصهم بتشكيل قائمة انتخابية تحظى بقبول القاعدة الشعبية للحركة، ومنع قيادات الحركة من المشاركة في الانتخابات، لكن قائمة الحركة ضمّت عدداً من أعضاء اللجنة المركزية.
كما أن تلك القائمة لم تستجب لمطالب عضو اللجنة المركزية في الحركة المعتقل لدى إسرائيل، مروان البرغوثي، والذي يوصف بـ "الحصان الرابح" للحركة في الانتخابات.
وقبل يومين من إغلاق باب الترشح للانتخابات تراجع البرغوثي عن اتفاق مع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ الذي زاره في سجن هداريم الإسرائيلي، وتوصل معه إلى اتفاق على أهمية خوض "فتح" للانتخابات بقائمة واحدة.
وجاء تراجع البرغوثي في ظل "عدم التزام الرئيس عباس الذي يتزعم حركة فتح بقائمة أسماء رفعها البرغوثي إلى قيادة الحركة".
ولم تمضِ ساعات على إعلان البرغوثي عزمه التقدم بقائمة منفصلة عن "فتح"، حتى بدأت مفاوضات للتحالف مع "الملتقى الوطني الديمقراطي" الذي يترأسه ناصر القدوة، والذي فُصل من الحركة بسبب عزمه خوض الانتخابات بعيداً من الحركة، رافعاً شعار ضرورة تغيير النظام السياسي الفلسطيني.
قائمة "الحرية"
ومن بلدة كفر مالك شرق رام الله، أُبرم الأربعاء اتفاق بين فدوى البرغوثي، زوجة مروان، وناصر القدوة لتشكيل قائمة انتخابية موحدة تحت اسم "الحرية"، وتضم 62 شخصاً، معظمهم من الساخطين على أداء "فتح" التي تعتبر الحزب الحاكم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويأتي على رأس القائمة ناصر القدوة وفدوى البرغوثي والقيادي في "فتح" عبدالفتاح حمايل الذي يعتبر من المعارضيين للرئيس عباس، ويتهمه بالهيمنة على القرار الوطني وسوء استخدام السلطة.
وكان البرغوثي والقدوة بدآ قبل شهرين مفاوضات لتشكيل قائمة موحدة للانتخابات ومنفصلة على "فتح"، قبل أن يتراجع البرغوثي ويدعم تشكيل قائمة واحدة لـ "فتح" ضمن اتفاق مع الشيخ.
ويُعتبر تشكيل القائمة ضربة للرئيس عباس وقائمة "فتح"، إذ أظهر آخر استطلاع للرأي تفوق أية قائمة يقودها البرغوثي على قائمة "فتح" بحصولها على 28 في المئة، فيما تحصل قائمة "فتح" على 20 في المئة، وقائمة القدوة لوحدها على سبعة في المئة.
ومع تشكيل تلك القائمة تخوض حركة "فتح" والمحسوبون عليها الانتخابات بثلاث قوائم، واحدة تابعة للجنة المركزية، والثانية للقيادي المفصول من فتح محمد دحلان.
توقعات
ويتوقّع عبدالفتاح حمايل أن تتمكن قائمة البرغوثي والقدوة من الفوز بنسبة كبيرة في الانتخابات، مضيفاً أن "الساخطين والناقمين على أداء الرئيس عباس سيصوتون لتلك القائمة".
ويشدد حمايل على ضرورة "إنهاء حكم الفرد والفصل بين السلطات الثلاث، والفصل بين السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية"، داعياً إلى ضرورة إحداث "تغيير عميق في أداء المؤسسات الفلسطينية".
ويقول رئيس "مركز القدس للدراسات" عريب الرنتاوي، إن تشكيل ثلاث قوائم انتخابية في "فتح" كان متوقعاً بسبب تنوع الحركة ووجود تيارات سياسية وفكرية فيها، إضافة إلى "السخط الواسع داخلها على تحكم عدد محدود من المحيطين بالرئيس بالقرار"، مضيفاً أن قائمة البرغوثي والقدوة ستتمكن من الفوز "بنسبة وازنة من مقاعد المجلس التشريعي، تجعل للتيار الوطني العلماني أغلبية فيه".
ويتابع الرنتاوي أن "الأداء التسلطي لقيادة فتح جعل وجود أكثر من قائمة لفتح وكأنه انشقاق وخروج على الحركة، فيما كان من الممكن أن يتم تشكيل ائتلاف بين تلك القوائم بعد الانتخابات ضد حركة حماس".
ويشير الرنتاوي إلى أنه "إذا شعر الرئيس عباس بأن نتائج الانتخابات التشريعية لن تكون لمصلحته، فقد يلجأ إلى عدم إجرائها باستخدام ذريعة عدم موافقة إسرائيل على السماح بحصولها في القدس أو بسبب وباء كورونا"، مضيفاً أن "الرئيس الفلسطيني بدأ عهده السياسي بانقسام بين الضفة الغربية وغزة، وسينهيه بتفكيك حركة فتح".
في المقابل، قال مسؤول الإعلام في مفوضية التعبئة والتنظيم في حركة "فتح" منير الجاغوب، إن "قائمة فتح تضم شرائح الشعب الفلسطيني كلها من أكاديميين ومهنيين وشباب ومرأة، وأسرى في السجون الإسرائيلية". ورفض الجاغوب الإجابة عن سؤال في شأن إمكان فصل مروان البرغوثي من اللجنة المركزية للحركة، كما حصل مع القدوة قبل أسابيع بسبب خروجه على قرارات الحركة.