بعد توقف استثنائي أقيمت في مدينة دبي الدورة الرابعة عشرة لمعرض دبي الدولي للفنون (آرت دبي) واستطاعت أن تقدم رؤية بانورامية شاملة حول اتجاهات الفن العالمي الراهن. وكان المعرض الذي يُعد أحد أكثر الأحداث الفنية شهرة واستقطاباً لأعمال الفنانين في منطقة الشرق الأوسط، قد ألغي تنظيمه العام الماضي بسبب الظروف الاستثنائية التي فرضها وباء كورونا. يأتي الحدث هذا العام حاملاً العديد من الإضافات التنظيمية مراعاة للإجراءات الاحترازية التي يفرضها وباء كورونا، إذ خصصت مساحات جديدة للعرض مشيدة خصيصاً للمعرض تراعي ضرورات التباعد والتهوية، كما أضيفت ميزة التجول الإلكتروني بين أروقته ومد فترة المعرض لستة أيام بدلاً من خمسة كما كان معتاداً للحد من التكدس والازدحام.
تشارك في آرت دبي هذا العام 50 قاعة عرض، تمثل 31 دولة مع التركيز على فناني منطقة الشرق الأوسط والجنوب العالمي، إذ يضم المعرض مشاركات بارزة من دول جنوب آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية وأستراليا. كما يشمل المعرض بين فعالياته برنامجاً جديداً للأفلام، وهو مشروع فني يتضمن مجموعة من الأفلام القصيرة من إنتاج أكثر من 20 فناناً من المنطقة والعالم. وتقدم هذه الأفلام تجارب متميزة للزائرين ضمن مواضيع محددة مثل، الطبيعة والرحلات والتلوث والأداء الفني والصور المتحركة، وغيرها من الموضوعات الأخرى. بين العروض الهامة أيضاً تبرز حديقة المنحوتات، وهي حديقة فنية كبيرة تحتضن أعمالاً تركيبية لثمانية فنانين عرب وأجانب، بينهم الجزائري رشيد قُريشي والإماراتي حسين شريف والعراقي ضياء العزاوي.
إجراءات إحترازية
يحرص المعرض في دورته الحالية كما يقول المنظمون على استيفاء أعلى درجات الالتزام بالإجراءات الاحترازية، ما يوفر بيئة آمنة وسليمة للمشاركين والزوار على السواء. تتضمن هذه الإجراءات الفحوصات الدورية للمشاركين، وإدارة أعداد الزوار والقدرة الاستيعابية للمكان، إضافة إلى إطلاق التطبيق الذكي الجديد الذي يسمح للزوار تحديد مواعيد زياراتهم مسبقاً، لضمان الدخول. كما يوفر التطبيق الذكي لمستخدميه فرصة الاطلاع على آخر المستجدات والأخبار، والتعرف إلى المعارض والأعمال الفنية المشاركة، والاطلاع على برامج الفعاليات الثقافية المصاحبة للمعرض.
وعن هذه الدورة علق المدير الفني لآرت دبي، بابلو ديل فال، قائلاً، "نحن نفهم الثقافة على أنها أولوية مجتمعية وحاجة ملحة، وخصوصاً بعد الأيام الطويلة لهذه الجائحة. وتبرز، الآن أكثر من أي وقت مضى، أهمية استيعابنا للعالم من حولنا والتواصل معه دون شاشات. وهذا ما تدعونا إليه هذه النسخة من آرت دبي، أن نستكشف حواسنا من جديد ونُعززها من خلال الفن"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعد آرت دبي أحد أكثر المعارض الفنية الرائدة في منطقة الشرق الأوسط في هذا المجال. ومنذ انطلاقه عام 2007، كان لآرت دبي الدور الريادي لدعم الفن والفنانين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك لتوسيع دائرة الحوار الفني في هذه المناطق بعيداً عن المؤثرات الغربية التقليدية. كما يوفر آرت دبي منصة مستدامة للفنانين تتيح لهم فرصة التواصل الفعال مع التراث الثقافي الغني والممارسات الفنية المعاصرة في المنطقة. كما يعزز المعرض ثقافة الاستكشاف ووجهات النظر العالمية الجديدة، وذلك من خلال استقبال المعارض المشاركة من مختلف أنحاء العالم، وبرامج التفويض الفني السنوية، وبرامج جامعي الفنون والبرامج التعليمية والإقامات الفنية وغيرها. هذا إضافة إلى برنامج المشاركة عن بعد، لتمكين المساحات الفنية والقاعات غير القادرة على المشاركة بالحضور، إذ يتيح الفرصة للزوار اكتشاف الأعمال والتجارب الفنية باستخدام التقنيات الحديثة.
من بين الفعاليات المهمة التي يضمها آرت دبي، تأتي مسابقة "إثراء" التي أطلقت لأول مرة عام 2017 من قبل مركز الملك عبد العزيز للثقافة العالمية بالتعاون مع آرت دبي. وتمنح المسابقة جائزة سنوية للمواهب السعودية الناشئة في الفن المعاصر كوسيلة لتمويل وتشجيع الفنانين السعوديين. تتكون لجنة الاختيار من نقاد فنيين مرموقين وشخصيات مؤسسية إقليمية ودولية. وقد حصل على الجائزة في نسختها الثالثة هذا العام السعودي فهد بن نايف عن عمله التركيبي "رحم" المستوحى من فكرة المشتل. العمل عبارة عن مشتل مُتعدد الأنفاق يحاكي المشاتل التقليدية الموجودة في المملكة، لكنه يضم النباتات المتوطنة والزهور بدلاً من النباتات المنزلية الأجنبية التقليدية. فهد بن نايف هو مهندس معماري يجمع في تصميماته بين العمارة والفنون البصرية ويحاول الاستفادة من مقومات كل منهما.
من الفعاليات البارز أيضاً التي يضمها آرت دبي هذا العام يأتي معرض الصور الفوتوغرافية للمصور راميش شوكلا. يحتفي المعرض بالذكرى الخمسين لتوحيد دولة الإمارات العربية المتحدة، ويضم صوراً نادرة تم التقاطها في بداية السبعينيات من القرن الماضي. راميش شوكلا هو مصور فوتوغرفي من أصول هندية انتقل للإقامة في الإمارات قبل أكثر من خمسين عاماً وسجل عبر مسيرته المهنية عديداً من الأحداث المرتبطة بالحياة في الإمارات، وتظهر صوره على طوابع بريدية وأوراق العملة الإماراتية. ويضم المتحف الوطني الإماراتي معرضاً دائماً لأعماله.