يخضع رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون الآن لضغوط متزايدة بسبب الضغط الذي مارسه لصالح شركة "غرينسيل" المالية الفاشلة، بعد أن تبين أنه دفع بقضية الشركة أمام مقر رئيس الوزراء ووزير الصحة مات هانكوك.
وطالب حزب العمال بإفادة وزارية أمام البرلمان توضح مدى الجهود التي بذلها كاميرون لممارسة النفوذ داخل الحكومة نيابة عن الشركة، فضلاً عن تحقيق يجريه المكتب الوطني لتدقيق الحسابات في الأسباب التي مكنت "غرينسيل" من الوصول إلى برنامج لوزارة المالية لدعم الشركات في أزمة فيروس كورونا يقدم قروضاً مدعومة من قبل الحكومة تصل إلى 50 مليون جنيه استرليني (68 مليون دولار).
فالشركة التي تمول سلاسل الإمداد لم تنل قبولاً لدى "برنامج تمويل الشركات بسبب كوفيد-19" التابعة لبنك إنجلترا على الرغم من إرسال السيد كاميرون رسائل نصية خاصة متكررة إلى وزير المالية ريتشي سوناك متوسلاً تعديل البرنامج لكي تتأهل له "غرينسيل".
وأظهرت سجلات أصدرتها وزارة المالية هذا الأسبوع أن السيد سوناك رد في إحدى المناسبات قائلاً إنه "دفع" المسؤولين إلى استكشاف الخيارات الممكنة.
وتبين الآن أن رئيس الوزراء السابق أرسل رسائل إلكترونية إلى بوريس جونسون في غضون ساعات من الرفض زاعماً أن استبعاد "غرينسيل" كان "جنوناً"، وحاضاً الحكومة على إعادة النظر.
وذكرت صحيفة "صنداي تايمز" أن وزارة المالية أعادت النظر في قرارها بعد أن كتب السيد كاميرون يقول: "ما نحتاج إليه هو أن يتمعن ريتشي [سوناك] في في النظر في هذا الأمر، وأن يطلب من المسؤولين أن يعملوا لإيجاد وسيلة لإنجاح هذه العملية".
وأصر مصدر مقرب من رئيس الوزراء على أن السيد جونسون لم يشارك في المسألة، لأن مستشاره أعاد ببساطة توجيه الرسالة الإلكترونية إلى وزارة المالية.
وقال ناطق باسم مقر رئاسة الوزراء: "على مدار الجائحة، اتصل عدد هائل من الشركات بمقر رئاسة الوزراء عن طريق ممثلين؛ وأحيلت الرسائل إلى الإدارات المعنية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كذلك تبين أن كاميرون أحضر مؤسس الشركة لكس غرينسيل والمدير بيل كروثر إلى جلسة خاصة لتناول المشروبات مع مات هانكوك عام 2019، عندما مارسوا الضغوط على وزير الصحة لتبني برنامج للدفع للأطباء والممرضين أعلن عنه لاحقاً داخل هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
وأصر أحد حلفاء وزير الصحة على أن السيد هانكوك تعامل مع جماعات الضغط بطريقة مناسبة، قائلاً: "لقد تصرف مات بالطريقة الصحيحة تماماً. لقد أبلغ المسؤولين كما ينبغي بالمستجدات في شأن الشركة التي نوقشت".
وجرى التأكيد من أن السيد هانكوك هو الوزير الرابع الذي مارس السيد كاميرون الضغط عليه، بعد السيد سوناك والوزيرين الزميلين في وزارة المالية، جيسي نورمان وجون غلين.
لكن وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية أصرت على أن القرار كان متروكاً لأصحاب العمل المحليين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية في ما يتصل باستخدام "غرينسيل" للنظام، الذي يسمح بتسريع المدفوعات للموظفين.
وقال ناطق باسم وزارة الرعاية الصحية والاجتماعية: "إن رفاه موظفي هيئة الخدمات الصحية الوطنية هو الأولوية القصوى في وزارة الصحة ووزير الصحة.
"كان نهجنا هو أن أصحاب العمل المحليين في الهيئة هم أكثر المخولين تحديد مدى ملاءمة المرونة المختلفة في الأجور وعرض المكافآت العامة في ما يخص موظفيهم".
وقالت كبيرة وزراء المالية في حكومة الظل بريدجت فيليبسون: "يجلب كل يوم معه كشفاً عن ثقافة المحسوبية في قلب هذه الحكومة المحافظة. فمن خلال ديفيد كاميرون، بدا أن "غرينسيل" تمتعت بحرية التعامل [كانت مطلقة اليد] مع الحكومة من رئاسة الوزراء نزولاً، بما في ذلك الوصول إلى ملايين الجنيهات من المال العام. ومع ذلك، لم نسمع شيئاً من ريتشي سوناك حول الدور الذي أداه في "دفع" مسؤوليه لتغيير قواعد البرامج الحكومية لتناسب كاميرون و(غرينسيل)".
"عليه أن يخرج من مخبئه ويوجه بياناً إلى البرلمان في أقرب فرصة ويجيب عن الأسئلة المتعلقة بهذه الفضيحة المتضخمة. ونحن في حاجة إلى تحقيق كامل وشامل في ما حدث".
والتزم السيد كاميرون حتى الآن الصمت إزاء تورطه في "غرينسيل"، التي انضم إليها كموظف مدفوع الأجر عام 2018، بعد سنتين من مغادرة مقر رئاسة الوزراء.
لكن رداً على الكشف عن الضغوط التي مارسها على السيد هانكوك، قال مصدر مقرب من رئيس الوزراء السابق: "كان ديفيد كاميرون مؤيداً متحمساً لمنتج (إرند) المدفوع من (غرينسيل)، والتقى أشخاصاً مختلفين لمناقشة طرح المنتج في مختلف أنحاء العالم".
وقال أصدقاء إنه الآن نادم لممارسته الضغط على السيد سوناك من خلال رسائل نصية خاصة على هاتفه، ويقر بأن "رسالة رسمية كانت ربما مناسبة أكثر".
ورفض الأصدقاء التقارير التي تفيد بأن رئيس الوزراء السابق كسب 60 مليون جنيه من خيارات الأسهم في الشركة باعتبارها "مبالغاً بها كثيراً".
وذكر الأحد أنه استفاد في الواقع من حصة في صندوق للموظفين قيمته 21.8 مليون جنيه.
وأوردت "الأوبزرفر" أن سجلات "غرينسيل" تظهر أن شركة "سان فيدوشياري سيرفيسس" الخارجية لإدارة الثروات التي تتخذ من جيرسي مقراً لها، وهي مخصصة لخيارات الأسهم الصادرة لصالح الموظفين، تمتلك 13 ألفاً و931 سهماً فيها. ولم يتبين أن أياً من خيارات الأسهم هذه [مكافآت تعرض على الموظفين شراء أسهم في الشركة] وزع قبل إعلان الشركة إعسارها.
وطالب حزب العمال بالفعل بتحقيق في استخدام السيد كاميرون المزعوم رسائل نصية بغرض الحصول على وصول خاص [وسريع] لـ"غرينسيل" إلى أعلى المستويات الحكومية على نحو لم يتوفر لشركات أخرى.
وتدعو وزيرة المالية في حكومة الظل أنيليز دودز إلى إطلاق المكتب الوطني لتدقيق الحسابات، وهو الهيئة الرقابية المشرفة على الإنفاق، تحقيقاً في ما إذا كان وصول الشركة إلى "برنامج القروض لدعم الأعمال المتضررة من فيروس كورونا" مثل خطر التفريط بالمال العام.
وفي رسالة إلى المدقق العام غاريث ديفيس، قالت السيدة دودز، إن "غرينسيل" كانت شركة التكنولوجيا المالية الوحيدة التي ووفق على أن تدير البرنامج في يونيو (حزيران)، ما مكنها من تقديم قروض مدعومة حكومياً بقيمة تصل إلى 50 مليون جنيه في وقت ما.
وكتبت السيدة دودز تقول: "لم تنظم ذلك هيئة السلوك المالي ولا بنك إنجلترا". واعترفت وزارة المالية بأنها تدرك أن "غرينسيل" لم تخضع إلى اختبارات كفاية رأس المال والإجهاد التي طبقت على جهات مقرضة أخرى مشاركة في البرنامج لحماية المال العام.
"وأدرك أنكم قد كلفتم في وقت سابق إجراء تحقيق في المشتريات الحكومية أثناء جائحة كوفيد-19.
"وأرى أن تحقيقاً مماثلاً مطلوب على وجه السرعة في الأسباب التي أدت إلى اعتماد (غرينسيل كابيتال) في (برنامج القروض لدعم الأعمال المتضررة من فيروس كورونا)، وفي الجهة التي كانت مسؤولة عن هذا القرار، وفي درجة تعرض الأموال العامة إلى خطر".
© The Independent