عادت ملفات الفساد داخل شركة "سوناطراك" البترولية الحكومية مع استجواب قاضي التحقيق سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، حول ممارسته النفوذ على القضاء بغرض إلغاء أوامر بالاعتقال صدرت في 2013، ضد وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل وعائلته، وابن شقيق وزير الخارجية الأسبق.
ونقلت مصالح الأمن سعيد بوتفليقة من المؤسسة العقابية في مدينة الحراش في العاصمة الجزائر، إلى محكمة سيدي أمحمد، وسط حراسة أمنية مشددة، للتحقيق في التهمة.
وقد أكد سعيد بوتفليقة خلال التحقيق معه أنه تلقى آنذاك أمراً من شقيقه الرئيس، بإلغاء الأمر بالقبض الدولي الصادر في حق الوزير الفار من العدالة شكيب خليل وعائلته، في تعدٍّ صارخ على القانون.
لا يوجد ما يمنع محاكمة بوتفليقة
في السياق، يرى أستاذ العلوم القانونية، حسان براهمي، أن التحقيق مجدداً مع شقيق الرئيس السابق "يؤكد استمرار حملة مكافحة الفساد". ويقول "ننتظر ما ستسفر عنه التحقيقات، وهل يثبت فعلاً أن هناك إنكاراً للعدالة في قضية وزير الطاقة الأسبق، مكنه من البقاء خارج المحاسبة القضائية لسنوات طويلة بتواطؤ واستغلال نفوذ مسؤولين كبار آنذاك في الرئاسة ووزارة العدل". ويتابع أنه في "الوقت الحاضر، لا يسعنا إلا انتظار انتهاء التحقيقات للتأكد من ذلك من عدمه".
ويضيف براهمي أنه "لا مانع قانونياً لمثول الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة أمام العدالة كمتهم أو شاهد، ما دامت محكمة الدولة المنصوص عليها دستورياً لم يتم تنصيبها بعد، وهو يعد مواطناً عادياً لا يتمتع بأي امتياز قضائي". ويختم أنه "ربما يتجنب القضاء ذلك مراعاة للجوانب الإنسانية على اعتبار أن صحته لا تمتعه بكامل قواه المعنوية".
عودة من دون حرج
وعاد في 2016، الوزير خليل إلى بلده الجزائر، من دون حرج، وسط استغراب الجزائريين. ما عجّل بمدير مكتب بوتفليقة، أحمد أويحيى، الموجود حالياً في السجن إلى التدخل والإسراع في تبرير ما حصل بالقول إن قاضي التحقيق في محكمة سيدي أمحمد في العاصمة، أصدر قراراً بانتفاء وجه الدعوى لمصلحة خليل والمتهمين في القضية، وبذلك تم محو كل تهم الفساد التي لاحقتهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان الوزير خليل قد أبدى عقب إصدار مذكرة توقيف دولية ضده في 2013، استعداده للمثول أمام العدالة الجزائرية، لكنه استغرب في تصريحات إعلامية صدور الأمر قبل استدعائه لسماعه، مشيراً إلى أن لا مسؤولية له في قضايا الفساد المتهم بها في ما يعرف بـ"فضيحة سوناطراك"، وأن لا حسابات بنكية له كما تمت الإشارة إليه، ما عدا الوحيد الذي يملكه في واشنطن لعمله في البنك الدولي لمدة 20 سنة قبل عودته إلى الجزائر. وقال إن القضية قد تكون تصفية حسابات.
متابعات تكشف المستور
على الرغم من تبرئة مجلس الاستئناف العسكري، سعيد بوتفليقة، من تهمة التآمر على رئيس تشكيلة عسكرية والتآمر على سلطة الدولة، التي كان يقضي بسببها حكماً بالسجن لمدة 15 عاماً، إلا أنه يتابع في وقائع فساد كثيرة، منها غسل أموال والتمويل السري لحزب سياسي يرأسه شقيقه هو جبهة التحرير، إضافة الى إخفاء عائدات مالية مصدرها جرائم فساد.
ويعتبر الإعلامي حكيم مسعودي أن "طرح اسم الرئيس الأسبق في ملفات فساد ليس جديداً، فبغض النظر عن المطالب الشعبية بمحاكمته ولو رمزياً بحكم المسؤولية السياسية، فقد سبق ورود اسمه أكثر من مرة في التحقيقات والمحاكمات، لا سيما على لسان الوزيرين الأولين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، إذ أفادا بأنهما كانا يطبقان أوامر الرئيس بوتفليقة. وعلى الرغم من ذلك، فإن القضاء لم يستدعه حتى كشاهد، فما بالك ليمثل كمتهم، ما يعني أن عبد العزيز بوتفليقة محصن".
ويستبعد مسعودي أن يقاضى الرئيس هذه المرة أيضاً. أما بالنسبة إلى شكيب خليل "فأستبعد ترحيله لكونه مزدوج الجنسية، ولا أظن أن السلطات الجزائرية تملك من الأوراق ما يقنع بتسليمه".